اقتربت الاحتجاجات الشعبية في إيران من دخول شهرها الثالث، حيث اندلعت في منتصف أيلول الماضي، تنديداً بمقتل الشابة الكردية مهسا أميني على يد “شرطة الأخلاق”، وتطورت إلى مظاهرات شعبية تعم كافة المناطق الإيرانية.
دعوات جديدة للمشاركة بالاحتجاجات أطلقها ناشطون إيرانيون يوم أمس بعنوان “باقون حتى إسقاط النظام”، وأكد الناشطون عبر بيانات نُشرت في وسائل التواصل الاجتماعي أن المظاهرات لن تتوقف حتى “النصر الكامل”، مشددين على بقاء الناس في الشوارع حتى إسقاط النظام الإيراني.
ورغم قطع السلطات الإيرانية خدمة الأنترنت عن عدد كبير من المدن المنتفضة، وحظرها تطبيقات عديدة أبرزها “إنستغرام – واتساب”، تواصلت الاحتجاجات خلال الفترة الماضية وتخللت حرق العديد من الصور لكبار المسؤولين الإيرانيين من جملتهم المرشد الأعلى، علي خامنئي، والقائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني.
كما تستمر الوقفات الطلابية في الجامعات وبالقرب منها، استنكاراً لاعتقال الأجهزة الأمنية الإيرانية العديد من الشبان والطلاب الذين شاركوا في التظاهرات.
في السياق، تعرضت الأسواق الإيرانية لشلل شبه تام بعد أن وصل سعر الدولار الأمريكي إلى 36 ألف تومان إيراني، ما يؤشر إلى تزايد انهيار متسارع للعملة الإيرانية.
كما توقفت عمليات تداول الدولار الأمريكي في السوق السوداء جراء إحجام الناس عن بيع ما يملكون من القطع الأجنبي تخوفاً من انهيار مضاعف للعملة الإيرانية المحلية أمام العملات الصعبة.
وأدت الإجراءات الأمنية الرسمية التعسفية لا سيّما قطع خدمة الأنترنت إلى وقوع خسائر بآلاف المليارات وفوضى في قطاع البنوك والمصارف وعجز الناس والتجار ورجال الأعمال عن إرسال واستلام حوالات خارجية.
وحول المواقف الدولية الحديثة، تعمل 9 دول أوروبية على توسيع العقوبات ضد النظام الإيراني، تتضمن 31 اقتراحاً ستقدم لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في اجتماع 14 تشرين الثاني، بحسب صحيفة “دير شبيغل”.
وأوصت وزيرة خارجية السويد السابقة بإعادة النظر في علاقة دول العالم مع النظام الإيراني، منوهةً بضرورة تركز السياسات المتعلقة بإيران على رغبة الشعب في الحرية والديمقراطية.
ومن المتوقع أن يعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اجتماعاً خاصاً بشأن الوضع في إيران ولإيجاد آلية للمساءلة والبحث حول أوضاع حقوق الإنسان هناك، وفق ما أعلن يوم أمس، فيديريكو فيليجاس، رئيس المجلس.
وتعُد الاحتجاجات الحالية مع اختلاف أشكالها هي الأضخم منذ العام 1997، حيث فجرت منذ انطلاقتها العديد من القضايا المتراكمة أبرزها القيود المفروضة على الحريات الشخصية والقواعد الصارمة المتعلقة بملابس المرأة، والأزمات المعيشية والاقتصادية، وتركيبة النظام السياسية والدينية بشكل عام.
وجراء التطورات واتساع رقعة الاحتجاجات قامت السلطات الإيرانية بتسليح عدد كبير من الحراس المدنيين للدوائر الحكومية لغاية زجهم في عمليات قمع التظاهرات بعد إنهاك القوات الأمنية.
وقُتل خلال الاحتجاجات التي طالت 136 منطقة و134 جامعة نحو 314 مدنياً بينهم 47 قاصراً، وتعرض للاعتقال أكثر من 14170 مدنياً بينهم 392 طالباً، وفق وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان الإيرانية “هرانا”.
يُذكر أن السلطات الرسمية الإيرانية تحاول حتى اللحظة فرض نظرية المؤامرة الخارجية وتغييب مطالب الشارع ووصفها بأعمال شغب.