توفيت الطفلة شموخ كليب ذات السنة وشهرين في 26 من تموز الماضي، في مخيم معمل اللبن في منطقة كفر يحمول شمال إدلب، وذلك نتيجة موجة الحر الشديدة التي ضربت مناطق شمال غربي سورية، فقد تسبب انعدام وسائل التبريد في خيمة أبيها المتواضعة بوفاتها.
وقال والد الطفلة حسين الكليب للوكالة السورية للأنباء: “حالتها بدأت تسوء منذ بداية موجة الحر الذي أدى لارتفاع كبير في درجة حرارتها، وقبل أسبوع من وفاتها، أخبرنا الطبيب المختص في مشفى الأطفال في مدينة معرة مصرين، أن الحرارة المرتفعة في الخيمة تؤثر على صحتها، بسبب ضعف بنيتها الجسدية، فهي تحتاج للاستحمام بمعدل أربع مرات في اليوم الواحد، للتخفيف من الحرارة، إضافة لتبريد الخيمة بالمروحة”، مشيرًا إلى أن حالتها الصحية بدأت تتحسن بعد نصائح الطبيب المختص.
وأضاف، قبل وفاتها بيوم واحد، كان لدينا تجهيز بعض الخيم، فوضعنا الطفلة شموخ في خيمة ليس فيها مروحة، ولم تستحم في ذلك اليوم الذي جاءت فيه موجة حر قاسية، مما أدى لإصابتها بمرض في الرئة نتيجة عدم تحملها الحر الشديد، ما أدى لتوقف قلبها ووفاتها.
بعد وفاة الطفلة شموخ، عملت والدتها على تبريد الخيمة وتحميم الأطفال أكثر من مرة في اليوم، بسبب الحرارة المرتفعة، ولا سيما أن الخيمة مصنوعة من النايلون، وليس عليها سوى عازل بسيط من البطانيات.
شح في المساعدات
يقطن حسين في مخيم معمل اللبن في محيط بلدة كفريحمول شمال إدلب، ويشتكي قلة المساعدات الإنسانية في المخيم، فلا يوجد سبيل للتخفيف من حرارة الخيام سوى المياه على حد قوله، ولا يستطيع سكان المخيم هدرها بسبب وجود مخصصات لا يمكن تجاوزها، كي لا يحصل نقص في المخيم لمياه الشرب.
وأكد ذلك رياض الصايل مدير مخيم معمل اللبن، الذي يحاول البحث عن جهات إنسانية بشكل دوري من أجل تقديم المساعدات في المخيم البالغ عدده 142 عائلة، فلم يدخل للمخيم أي مساعدة منذ خمسة شهور على حد قوله، وهذا حال كثير من المخيمات في المنطقة، وسط أوضاع إنسانية صعبة.
رغم حملات التوعية والإرشادات التي أطلقتها فرق الدفاع المدني والمنظمات الإنسانية، بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة في موجات الحر الشديدة، إلا أن كثيراً من السكان وخصوصًا قاطني المخيمات، أصيبوا بحالات إغماء وظهرت عندهم أمراض جديدة في المخيمات مثل السحايا والجدري، كما أن فصل الصيف يعد بيئة مناسبة لانتشار مرض الكوليرا.
قلة المياه
قال رياض الصايل أن سنة 2023 شهدت انخفاضًا كبيرًا في تقديم المساعدات الإنسانية، الأمر الذي زاد من معاناة السكان في المنطقة، رغم أنهم بالأساس يعتبرون فئة ضعيفة، نتيجة انخفاض الدعم الإنساني وقلة فرص العمل.
وأضاف: إن أبسط متطلبات الحياة باتت شبه معدومة فمياه الشرب باتت قليلة، والتي تتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة، فيوجد مخصصات لا يمكن تجاوزها، وهو ما أكده مدير مخيم الليث في منطقة حربنوش حسن عبد اللطيف في حديثه للوكالة السورية للأنباء، وقال إن وضع المخيمات بشكل عام سيئ، فلا يوجد مساعدات، وإن وجدت فهي بكميات قليلة.
بحسب طبيب الأطفال لؤي حمروش، فإن حرارة الجو الزائدة تلعب دورًا سلبيًا على حياة الأطفال، وخاصة الرضع وحديثي الولادة، والتي تتزامن مع تردي الأوضاع الصحية في المنطقة وخصوصًا في المخيمات، فالخيمة لا تقي حرارة الصيف وبرد الشتاء.
وأضاف الطبيب المختص، أنه في فصل الصيف يزداد فقد السوائل وتزداد معه حرارة الجسم، وتضعف شهية الطفل وحيويته، وتنشط معه الفيروسات المعوية، ما يؤدي لالتهاب المعدة والأمعاء، وتزداد نسبة النفخة والغازات وعسر الهضم، وتزداد نسبة الالتهابات البولية، نتيجة الركودة البولية ونقص إنتاج البول، وقد يتطور الأمر لدى الأطفال وخصوصًا حديثي الولادة إلى القصور الكلوي الحاد نتيجة نقص السوائل.
وعن طرق الوقاية من الإصابة بالأمراض بسبب ارتفاع درجات الحرارة قال حمروش، من الضروري تأمين جو معتدل قدر الإمكان والتهوية الجيدة للمسكن، والإكثار من السوائل والابتعاد عن أشعة الشمس المباشرة ومراجعة أقرب مركز صحي في حال ظهور أي علامات جفاف وارتفاع حرارة لدى الطفل.
ويبلغ عدد المخيمات في الشمال السوري 1489 مخيمًا، يقطنها نحو 328 ألفاً و485 عائلة، أي مليون و512 ألفاً و764 نازحًا، نسبة الأطفال تبلغ 56% والنساء 23%، وفق إحصائية لفريق “منسقو استجابة سورية”.