أيمن حاج أسد – وكالة سنا
شهدت الأيام الأخيرة تحولاً في الخطاب من كافة الجهات الفاعلة في القضية السورية، ظهرت وكأنها ارتداد على الفترة التي سبقتها من تهدئة وتوافقات، فبعد الاندفاع العربي تجاه رأس نظام الأسد وفسح المجال له للمشاركة في القمة العربية، والاجتماعات التي لحقتها والزيارات المتعددة لوزرائها، توقف كل ما يدل على أن المبادرة العربية ما زالت قائمة، فلم يعد هناك زيارات وتوقفت اجتماعات اللجنة الخماسية عن الانعقاد، والراصد للصحافة العربية يجد فيها رسائل تململ وفتور وفي بعض الأحيان تصريحاً بموت المبادرة العربية.
صحيفة “عكاظ” السعودية نشرت مقالاً بعنوان “الحل العربي للأزمة السورية يتعثر” للكاتب السوري رامي الخليفة العلي.
اعتبر الكاتب أن نظام الأسد لم يف بتعهداته التي اتفق عليها ضمن مخرجات اللجنة الخماسية في اجتماع جدة واجتماع عمان، والذي أفرز إستراتيجية “خطوة مقابل خطوة” وهي كما اختصرها “الصفدي” وزير خارجية الأردن في قرار مجلس الأمن رقم “2254”.
وحسب الكاتب لم يبادر النظام لمد جسور الثقة وتهيئة الأجواء لحل الأزمة، عبر الإفراج عن المعتقلين وعودة النازحين في المرحلة الأولى، وعودة اللاجئين في مرحلة لاحقة، ووضع خطط وإستراتيجيات لذلك.
وأشار لقضية صناعة وتهريب “الكبتاغون” والتي زادت وتيرتها في الآونة الأخيرة وبعد اجتماع القمة.
ونشرت صحيفة النهار اللبنانية مقالاً للكاتب “علي حمادة” خلص فيه إلى تراجع الانفتاح العربي على النظام في دمشق، معتبراً أن “الانفتاح العربي المشروط على دمشق الذي جرى الحديث عنه قبل شهرين، قد تراجع إلى حد بعيد، وخصوصاً أن النظام أصر ويصر على أن يسبق الحل السياسي الشامل للأزمة السورية وعودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم، قيام الدول العربية بتمويل” شامل “للحل السياسي، ولإعادة الإعمار وإعادة النازحين واللاجئين”.
وأضاف: “إن النظام السوري يربط بين حل الأزمة، وإعادة اللاجئين والنازحين، وبين التمويل العربي الواسع الذي قد يتعدى عشرات المليارات من الدولارات. حتى معالجة قضية تهريب المخدرات يقال إن السلطات السورية تقول إنها عاجزة عن التصدي لها، وإنها تحتاج إلى تمويل لرفع قدراتها العملانية للسيطرة على مناطق واسعة خارج العاصمة دمشق”.
وعبر مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسورية “غير بيدرسون” في كلمته أمام مجلس الأمن، يوم الاثنين عن نفس الانطباع الذي بات سائداً في الأجواء حيث قال: “إن شهورا من الدبلوماسية التي كان من الممكن أن تكون مهمة، لم تترجم إلى نتائج ملموسة للسوريين على الأرض -في الداخل أو الخارج- ولم تسفر عن تحركات حقيقية في العملية السياسية”.
وفي الطرف الآخر من المعادلة طفت على السطح أصوات تنتقد طريقة تعامل العرب مع النظام وأنهم لم يقدموا ما عليهم القيام به، حيث جاء في صحيفة “الأخبار” اللبنانية والمعروفة بولائها للنظام وميليشيا حزب الله، للكاتب “حسين الأمير” والذي عبر عن خيبة أمله من المبادرة العربية، فحسب الكاتب فإن “الوعود الإماراتية والسعودية بمساعدة سورية وتفعيل الاستثمار فيها على عدة مستويات، بقيت كلمات على الألسن وحبراً على الورق، ولم يترجم أي منها على أرض الواقع”.
وأضاف أن “القيادة السورية لا تخفي استياءها من عدم انعكاس الانفتاح العربي عليها إيجاباً على أوضاع الشعب السوري المعيشية والإنسانية، ومن إخلال الإمارات والسعودية بوعودهما للقيادة السورية، بأن ينعكس الانفتاح السياسي مساعدات واستثمارات خليجية”.
وفي أحدث ظهور لرأس النظام على شاشة “سكاي نيوز العربية” هاجم الجامعة العربية واصفاً إياها بأنها “لم تتحول إلى مؤسسة بالمعنى الحقيقي” كما هاجم الزعماء العرب بطريقة مواربة بقوله إن “الدول التي خلقت الفوضى في سورية هي التي تتحمل مسؤولية تجارة المخدرات”.
إلى متى ونحن نراقب سيناريو المبادرات العربية والعالمية وهي تتوالى عبر السنوات تتعثر وتنطوي، ألم يحن الوقت لأن يدرك العالم أن الحل في سورية لا يمكن أن يتحقق وهذه الطغمة المجرمة على سدة الحكم، وأن يدركوا أن ما كسر في سورية لا يمكن إصلاحه بعمليات ترقيع من هنا وهناك، وأن هذا السيناريو العبثي يشبه إلى حد كبير دفن النعامة لرأسها في الرمل، فهو قائم بكامله على الخديعة والوهم، ولن يؤدي إلا إلى تفاقم مأساة السوريين.