9.4 C
Damascus
الأحد, نوفمبر 24, 2024

شبكة حقوقية: الأسد وظَّف القوانين للسيطرة على عشرات الآلاف من المنازل والأراضي والعقارات في حمص

أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً، اليوم الخميس 21 كانون الأول، بعنوان “آليات توظيف النظام السوري القوانين التي وضعها للسيطرة على عشرات الآلاف من المنازل والأراضي والعقارات في محافظة حمص”، حيث أشارت فيه إلى سياسة التدمير المدروسة التي اتبعها نظام الأسد بهدف الاستيلاء على المنازل والأراضي والعقارات من خلال ترسانة قانونية غير شرعية.

جاء التقرير في بابين وستة فصول، تعرَّض الباب الأول إلى “انخراط سكان محافظة حمص في حراك الشعب السوري وتداعيات ذلك على حياتهم وملكياتهم العقارية” عرض مسار تطور الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في محافظة حمص ورد فعل نظام الأسد العنيف على المطالب السلمية للشعب السوري، ثم استعراض أبرز الانتهاكات الفظيعة التي مارسها نظام الأسد فيها منذ بداية الحراك في آذار/ 2011.

ورصد هذا الباب أيضاً حجم الدمار الذي ألحقه  نظام الأسد، في حين تناول التقرير في الباب الثاني حالتي الدراسة المنتقاة ضمن هذا التقرير: الأولى لـ “حي باب عمرو” في مدينة حمص، والثانية لمدينة “القصير” في ريف المحافظة، في محاولة من الشبكة السورية لحقوق الإنسان تنويع مجالات الدراسة بين المدينة والريف في محافظة حمص.

واستعرض التقرير في هذا الباب أبرز الانتهاكات المرتكبة فيهما، وما نجم مِن دمار في تلكما المنطقتين، وتأثير ذلك في عملية الهجرة القسرية لسكان المحافظة واستغلال نظام الأسد ذلك من أجل الاستيلاء على الملكيات العقارية.

واعتمد التقرير على المنهج الاستقصائي والتحليلي، مِن خلال تتبع شهادات حية، وخرائط تفاعلية، وصور توثيقية، وفيديوهات؛ بغرض الوصول إلى النتائج المتحصَّل عليها، وبالأخص في جوانب متابعة تطورات الأوضاع ميدانياً.

وقدَّم التقرير بناءً على ذلك مَسحاً استقصائياً مصغَّراً للحوارات والشهادات من المئات من الضحايا مِن مناطق مختلفة في محافظة حمص، كانوا ضحايا لانتهاكات ملكياتهم العقارية من طرف النظام السوري وأعوانه في المحافظة. وبالنسبة للخرائط التفاعلية، بما فيها صور الأقمار الصناعية.

واعتمد التقرير على المعايير التي تطبقها وحدة الأمم المتحدة للأقمار الصناعية – الأونوسات (UNOSAT) التابعة لمعهد الأمم المتحدة للتدريب والبحوث – اليونيتار (UNITAR) لتقييم مستويات الضرر على الأبنية العمرانية.

وقال التقرير إن نظام الأسد توسع في الأعوام الخمس الأخيرة، أي منذ عام 2018، في عمليات الاستيلاء على الملكية العقارية للمواطنين السوريين، وذلك استناداً إلى قوانين ومراسيم قام بوضعها بشكل غير قانوني منذ عام 2011، مستغلاً في ذلك حالة النزاع الداخلي المسلح، وسيطرته المطلقة على مجلس الشعب ومختلف الهيئات التشريعية والتنفيذية الأخرى، وقد استمر بوضع تلك القوانين على مدى سنوات النزاع الداخلي المسلح.

الفئات المستهدفة من القوانين

وأشار التقرير إلى أن هذه القوانين يمكنها أن تطال جميع أبناء الشعب السوري، ويؤكد التقرير أنَّ هذه القوانين تستهدف بشكل مباشر ثلاث فئات بشكل أساسي، وهذه الفئات هي أولاً: المشردون قسرياً (اللاجئون والنازحون) والبالغ عددهم قرابة 12 مليون مواطن سوري بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين. ثانياً: المختفون قسرياً البالغ عددهم قرابة 112713 ألف مواطنٍ سوري.

وفي المرتبة الثالثة، القتلى من المدنيين والعسكريين، والبالغ عددهم قرابة نصف مليون مواطن سوري، والذين لم يُسجل الغالبية العظمى منهم أنهم ماتوا في دوائر السجل المدني. وبحسب التقرير فإنه مما لا شك فيه أنَّ الغالبية العظمى من هذه الفئات معارضون لنظام الأسد، وكانوا ضحايا للانتهاكات التي مارسها منذ آذار/2011.

وذكر التقرير أن هناك ترابطاً وثيقاً بين العديد من الانتهاكات وانتهاك حقوق المنازل والأراضي والملكية، لأن الانتهاكات الفظيعة سوف تجبر السكان على الرحيل، ممَّا يجعل ممتلكاتهم قابلة للاستحواذ عليها وفق النصوص التي وضعها نظام الأسد، وأشار التقرير إلى أبرز الانتهاكات التي أجبرت الأهالي على الرحيل، وأصبحوا مشردين قسرياً.

أبرز الانتهاكات في حمص

ذكر التقرير مقتل ما لا يقل عن 30571 مدنياً على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في حمص منذ آذار/ 2011 حتى آب/ 2023. كما وثّق ما لا يقل عن 20 مجزرة ذات صبغة طائفية، وقع جُلها في السنوات الأولى من الحراك الشعبي.

وبحسب التقرير فإن ما لا يقل عن 7374 شخصاً لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في محافظة حمص منذ آذار/ 2011 حتى أيلول/2023.

وسجّل التقرير مقتل ما لا يقل عن 2421 شخصاً بسبب التعذيب على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في محافظة حمص منذ آذار/ 2011 حتى آب/ 2023، الغالبية العظمى من هذه الانتهاكات نفذها نظام الأسد وحلفاؤه.

كما وثَّق التقرير ما لا يقل عن 3636 برميلاً متفجراً ألقاها سلاح الطيران التابع لقوات الأسد على محافظة حمص منذ تموز/ 2012 حتى آب/ 2023، تسببت في مقتل 708 مدنياً، كما وثق 7 هجمات على الأقل تم فيها استخدام الأسلحة الكيميائية على محافظة حمص، منذ أول استخدام موثَّق للأسلحة الكيميائية في 23/ كانون الأول/ 2012 إلى غاية آب/ 2023، كانت جميعها على يد قوات الأسد.

وسجل ما لا يقل عن 18 هجوماً بالذخائر العنقودية منذ أول استخدام موثَّق لها في تموز/ 2012 وحتَّى آب/ 2023، تسببت في مقتل ما لا يقل عن 6 مدنيين، كما سجل مقتل 110 مدنيين في محافظة حمص جراء انفجار الألغام الأرضية منذ آذار/ 2011 حتى آب/ 2023.

بابا عمرو والقصير

وتناول التقرير حالتي دراسة في محافظة حمص؛ الأولى لحي باب عمرو والثانية لمدينة القصير واستعرض أبرز الانتهاكات التي ارتكبت فيهما وتتبع عمليات الاستيلاء على الملكية العقارية للمواطنين السوريين ورصد حجم الدمار الذي لحق بهما وقدم مقارنةً بين حجم الدمار الذي ترصده الأقمار الصناعية وحجم الدمار على الأرض حتى يعطي للقارئ صورةً عن عمليات النهب والاستيلاء التي استهدفت الأراضي والعقارات وحجم الدمار الحقيقي الذي لحق بالعديد مِن المدن والقرى والأحياء في مختلف أنحاء محافظة حمص.

واستنتج التقرير أن المؤشرات الخرائطية تشير بقوة إلى أنَّ القصف المدفعي والجوي لعدد من المدن والأحياء والأرياف في محافظة حمص كان مُفرطاً جداً من طرف قوات الأسد وحلفائه، ما يؤكد أن هذا الاستهداف لم يكن بغرض عسكري وإنما لأهداف أخرى تتمثَّل في تدمير أكبر قدر ممكن من الملكيات العقارية بهدف السيطرة عليها، وبالتالي إجبار أصحابها على الهجرة منها أولاً، ثمَّ ضمان عدم عودتهم إليها مرة أخرى، مما يمكنه لاحقاً من استغلال الممتلكات والأراضي التي سيطر عليها في عملية إعادة الإعمار وهذا هو هدفه الأساسي من جميع المراحل السابقة، بغض النظر عن الانتهاكات التي ارتكبها وعن الخسائر المادية الفادحة وتفقير الشعب السوري عبر السيطرة على ممتلكاته وأراضيه.

توصيات

وأوصى التقرير المجتمع الدولي والأمم المتحدة بضرورة إدانة هيمنة نظام الأسد على السلطات الثلاث (التشريعية، والقضائية، والتنفيذية)، وفضح ممارساته في تدمير منازل السوريين بهدف السيطرة عليها عبر قوانين تستهدف بشكل أساسي النازحين واللاجئين والمختفين قسرياً والقتلى غير المسجلين، لعل هذه الإدانة تساهم في إبطال ما بني على هذه القوانين لاحقاً، وهذا أحد أهم أهداف التقرير.

ودعا التقرير الدول المانحة والمستثمرين والوكالات الإنسانية العاملة في سورية، إلى توقيف تقديم أموال لنظام الأسد من برامج إعادة بناء وتأهيل الأبنية، واستحداث آلية جديدة لذلك حتى لا توظف هذه الأموال في عملية انتهاك حقوق الملكية للقاطنين أو للمشردين قسرياً، أو المفقودين، أو تدعم الكيانات التي تنتهكُ حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.

كما أوصى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بإدانة ممارسات نظام الأسد لعمليات النهب الواسعة والممنهجة  للسيطرة على الممتلكات والأراضي السكنية والزراعية التي تعود ملكيتها إلى اللاجئين والنازحين، وتقديم تقرير إلى مجلس الأمن وإلى المبعوث الدولي إلى سورية بهذا الخصوص كونها أحد العوائق الأساسية في وجه عودتهم. والتأكيد على أنه لا يمكن الحديث عن تطبيع العلاقات مع نظام الأسد دون حل مسألة اللاجئين وهذه المسألة لا يمكن حلها بعيداً عن إعادة كامل الحقوق العقارية لأصحابها الأصليين في سورية.

أخبار ذات صلة

آخر الأخبار