12.4 C
Damascus
الخميس, نوفمبر 21, 2024

هيئة تحرير الشام تخسر صندوقها الأسود وسياسيون لسنا: تداعياته ستؤثر على مستقبل تحرير الشام

باءت محاولة هيئة تحرير الشام بالفشل باعتقال أبرز قادتها المنشق جهاد عيسى الشيخ المعروف بـ” أبو أحمد زكور”، بعد تدخل قوات تركية مدعومة بالشرطة العسكرية التابعة للجيش الوطني، التي خلصت زكور من بين يدي الهيئة واقتادته لمكان آمن.

هذه الأحداث تضع المتابع للمشهد في شمال غرب سورية أمام احتمالية حدوث سيناريوهات عديدة، لتداعيات انشقاق زكور وهروبه، حاملاً بجعبته صندوق هيئة تحرير الشام الأسود ومستودع أسرارها.

ويعتبر زكور من أبرز مؤسسي “جبهة النصرة”، التي ظهرت في المشهد السوري في عام 2012، ثم أصبحت فيما بعد “جبهة فتح الشام” ثم “هيئة تحرير الشام”، وشغل زكور منصب عضو في مجلس الشورى لتحرير الشام، وكان أميراً على قطاع حلب في جبهة النصرة، والمشرف على المحفظة الاقتصادية للهيئة في الخارج وأذرعها المالية، وكانت الولايات المتحدة وتركيا قد فرضتا عليه عقوبات في 2 أيار 2023.

 

أوراق تفاوض

وتعليقاً على ما حدث الثلاثاء 19 كانون الأول في أعزاز شمالي حلب، قال المحلل السياسي عرابي عرابي لوكالة سنا، إن أبو أحمد زكور رقم أساسي في هيئة تحرير الشام وصندوقها الأسود، وأدار ملفات مهمة داخل هيئة تحرير الشام، آخرها العلاقات العامة العشائرية والاقتصاد، وبالتالي هو شخص مهم، ويعتبر أقوى من أبو ماريا القحطاني، الذي استطاع الجولاني بعد اعتقاله ضبط الكتل العسكرية المؤيدة للقحطاني داخل الهيئة، خاصة الكتلة الشرقية.

وأضاف عرابي، أن الجولاني لم يستطع أن يسيطر على ملف أبو أحمد زكور، الذي أدى به الأمر إلى الهرب إلى منطقة شمال حلب، مشيراً إلى أن زكور يمتلك أوراق كثيرة يمكن أن تؤثر على وجود هيئة تحرير الشام، ومن الممكن أن يفاوض زكور جهات دولية على هذه الملفات.

وأشار عرابي أيضاً إلى أن عدم السماح باعتقال زكور يؤكد أن هناك إرادة لبعض الفصائل وربما جهات إقليمية بعدم التفريط به وعدم تسليمه للجولاني، وهذا قد يضعنا أمام واقع جديد قد يتشكل في المستقبل، لن يتم فيه تهميش الهيئة بالكامل وإنما إرضاخها لئلا تكون صاحبة النفوذ الوحيد في المنطقة.

وعن التسريبات الأخيرة التي تحدثت عن عزل القائد العسكري لهيئة تحرير الشام ” أبو حسن 600″ قال عرابي، إن الأمر ينظر إليه إذا كان صحيحاً من منظور، أن أبو حسن لا يشكل خطراً على الهيئة كما أبو أحمد زكور، فهو كان يدير ملف جبهات الساحل وبعض الأفرع الأمنية، كما يجب النظر إلى الشخص البديل الذي سيحل محله، هل هو من الجناح الجهادي أم من جناح الشرقية، أم وجه جديد لم يظهر على الساحة من قبل.

وأوضح عرابي أنه إذا تم تعيين شخص جهادي، فإن ذلك يعني أن الجولاني يريد إعادة تحفيز الكتل الجهادية وإظهار أنه مهتم بهم ولا يمكن الاستغناء عنهم، أما إذا تم تعيين شخص من الكتلة الشرقية، فهذا يعني أن الجولاني يريد أن يظهر لهم أنهم عماد وأساس في الهيئة ولو كان هناك خلاف مع بعض الشخصيات، أو هناك سياق آخر، بأن المرحلة كانت تتطلب وجود شخصيات معينة، وأن المرحلة القادمة تحتاج شخصيات أخرى.

كيان وظيفي

فيما يرى المحلل السياسي هشام اسكيف، أن ما يحدث من انشقاقات في هيئة تحرير الشام والخلافات بين قادتها، يأتي متزامناً مع متغيرات كبيرة على البنية الأساسية للقوى العسكرية في المناطق المحررة وأيضاً الخارجة عن سيطرة الأسد، والتي تتزامن مع حملة جوية تركية مرضي عنها ضمنياً من قبل التحالف، والتي استهدفت قيادات الـ” pkk” في شرق الفرات.

وهذا من الممكن أن يعطي مؤشراً مهماً وفق اسكيف، بأن ذلك قد يكون في إطار شبه تفاهمات ضمنية ما بين الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا، معتبراً أن هيئة تحرير الشام “كيان وظيفي” وأن مهمته قاربت على الانتهاء وأن حالة التصادم بين قيادته في الصف الأول لن تمر مرور الكرام وهي بداية تفككها.

وأضاف اسكيف، أن هيئة تحرير الشام فقدت كل وظيفتها، ويبدو أن تفكيكها بات مطلباً للجميع، مشيراً إلى أن ما حدث مع هيئة تحرير الشام وانشقاق “أبو أحمد زكور” عنها وتأمينه من قبل تركيا، يأتي في إطار تفكيك هيئة تحرير الشام، الذي يقابله تغييرات في هيكلية القيادة في قسد.

ولا يمكن إغفال عملية تصفية شيروان حسن الملقب بـ “رولات روني”، التي تدخل في إطار التفاهمات الضمنية بين أمريكا وتركيا على حد تعبيره، فيعتبر شيروان شخصية هامة أمنياً وهو الحاكم الأمني لدير الزور وهو كان يلقب بالمندوب السامي للتحالف في شرق الفرات، وتم تصفيته بعد خروجه مباشرة من اجتماع في حقل العمر، وتبنت تركيا مقتله بعد أيام، وفق ما قال هشام اسكيف.

ونبَه اسكيف إلى أنه مع كل هذه المتغيرات من الممكن أن تكون هناك قوة عسكرية مستقبلاً على مستوى شمال غرب سورية وبدون هيئة تحرير الشام، أو على الأقل بإعادة هيكلتها كلياً تمهيداً لتفاهمات دولية، والتي يبدو أنها بدأت تظهر علامات لها بعد حرب غزة.

وتُخضع “تحرير الشام” منطقتي إدلب وغربي حلب لسيطرتها، وحاولت أواخر العام الماضي التمدد إلى ريف حلب الشمال على حساب مناطق فصائل الجيش الوطني في منطقة “غصن الزيتون” (عفرين وريفها)، مستغلة خلافات داخلية بين هذه الفصائل.

وكادت أن تنجح في اقتحام ريف حلب الشمالي لولا التدخل التركي الذي أجبرها على الانسحاب من المنطقة، إلا أنها احتفظت بنفوذ لها من خلال مجموعات وفصائل متحالفة معها.

أخبار ذات صلة

آخر الأخبار