قالت عدة منظمات في بيان مشترك لها أمس الخميس، إنه على السلطات اللبنانية والاتحاد الأوروبي احترام التزامات الجانبين بموجب القانون الدولي، وعدم إعادة اللاجئين قسراً إلى سورية، طالما لم تتحقق شروط العودة الآمنة والطوعية والكريمة.
وقع على البيان كل من “11.11.11، باكس، منظمة العفو الدولية، هيومن رايتس ووتش، مركز الوصول لحقوق الإنسان (ACHR)، المركز اللبناني لحقوق الإنسان (CLDH)، الشبكة السورية لحقوق الإنسان، الأورو-متوسطية للحقوق.
وكانت قد دعت الحكومة اللبنانية في الأشهر الأخيرة، إلى اتفاق هجرة بين الاتحاد الأوروبي ولبنان، يقدم بموجبه الاتحاد، وفقاً لتقارير إعلامية، دعماً مالياً إضافياً للأجهزة الأمنية اللبنانية لمنع الأشخاص، بمن فيهم اللاجئون السوريون والأفراد اللبنانيون وغيرهم من المواطنين الذين يعيشون في لبنان، من محاولة الوصول إلى الدول الأوروبية.
ووفق البيان فإن هذا الاتفاق سيوسع نطاق برامج مساعدة العودة إلى ما يسمى بـ “المناطق الآمنة” داخل سورية لتحفيز عودة اللاجئين.
ويعد هذا الاتفاق هو الأحدث في سلسلة اتفاقيات تعاون في مجال الهجرة تفاوض عليها الاتحاد الأوروبي وتسعى إلى تجنيد دول ثالثة للحصول على مساعدتها في مراقبة الحدود، وتقوم على التنازل عن المسؤولية تجاه الأشخاص الذين يبحثون عن الأمان.
وأضاف البيان أن هذه الصفقات تُعرِّض الأفراد لمخاطر حقوقية، وتقلل مستوى حماية اللجوء، وتقوّض نظام الحماية الدولي ومعايير حماية الهجرة ككل.
كما تتهرب هذه الاتفاقيات من الرقابة العامة والبرلمانية والقضائية في الاتحاد الأوروبي والدول الشريكة، وتفتقر في جميع الحالات إلى آليات المراقبة والرقابة الكافية لضمان عدم تواطؤ الاتحاد في انتهاكات حقوق الإنسان.
وأشار البيان إلى أنه ليس هناك أي جزء من سورية آمنا للعودة، كما تواصل الأمم المتحدة التأكيد على أن الظروف في سورية “لا تساعد على العودة الآمنة والكريمة”.
وفي نيسان 2024، وجدت “وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء” أن مستويات عالية أو كبيرة من العنف العشوائي ما تزال مستمرة في معظم مناطق سورية، وأن خطر التعرض للاضطهاد ما يزال واسع النطاق.
وفي الأشهر الأخيرة، شهدت سورية أيضاً أسوأ تصعيد في أعمال العنف منذ العام 2020، ففي الشهرين الماضيين فقط، أصدرت “لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية” و “مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان” تقارير أكدت أن سورية ما تزال غير آمنة للعودة، وأن العائدين مستهدفون تحديداً عند عودتهم.
وتواصل منظمات حقوق الإنسان، بما فيها ” منظمة العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش” و”الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، توثيق ارتكاب قوات الأمن والميليشيات التابعة لقوات الأسد الاحتجاز التعسفي والتعذيب والإخفاء والقتل بحق اللاجئين العائدين.
وبحسب البيان فإن مساعدة الاتحاد الأوروبي الموجَّهة إلى تمكين أو تحفيز عمليات الإعادة إلى سورية قد تؤدي إلى العودة القسرية للاجئين، ما يجعل لبنان والاتحاد الأوروبي متواطئين في انتهاكات مبدأ القانون الدولي العرفي بشأن عدم الإعادة القسرية، الذي يُلزم الدول بعدم إعادة الأشخاص قسراً إلى دول يتعرضون فيها لخطر الاضطهاد أو غيره من الانتهاكات الحقوقية الجسيمة.
ولا يزال لبنان الدولة التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين بالنسبة لعدد السكان، حيث تقدر الحكومة أن 1.5 مليون لاجئ سوري يعيشون حالياً في البلاد، في ظل انتظار دعم الاتحاد الأوروبي للبنان في تلبية احتياجات اللاجئين.
وفي السابع من نيسان الماضي، أثار مقتل مسؤول حزب القوات اللبنانية باسكال سليمان في قضاء جبيل شمال العاصمة اللبنانية على يد سوريين، بحسب بيان الجيش اللبناني، موجات من العنف والكراهية ضد اللاجئين السوريين.
ويترقب اللاجئون السوريون تداعيات تلك الحادثة بحذر شديد، وسط تضييق البلديات عليهم وتنفيذ الجيش اللبناني مداهمات واعتقالات وترحيل عشوائي، وفقاً لـ هيومن رايتس ووتش.
وذكرت المنظمة الحقوقية في تقرير لها بتاريخ الخامس والعشرين من شهر نيسان، أنّ السلطات اللبنانية احتجزت سوريين تعسفياً وعذبتهم وأعادتهم قسراً إلى سورية، بينهم نشطاء في المعارضة ومنشقون عن الجيش.
وأكدت “رايتس ووتش” أنّ الوزراء والمسؤولين السياسيين اللبنانيين رفعوا وتيرة دعواتهم إلى عودة السوريين في لبنان ما تسبب في تأجيج العنف المستمر ضد اللاجئين.
من جهته، وثّق مركز “وصول” لحقوق الإنسان منذ بداية عام 2023 وحتى 30 كانون الأول، 1080 حالة اعتقال تعسفي لسوريين في لبنان، رحّل منهم 763 شخصاً قسرياً إلى سورية.
ووفقاً لحديث بسام مولوي وزير الداخلية والبلديات، يقيم في لبنان 300 ألف سوري بشكل قانوني (يحملون إقامات) فضلاً عن 800 ألف مسجلين في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ومليون و200 ألف غير مسجلين.