وثّق المركز السوري للعدالة والمساءلة، في تقرير له، كيفية مشاركة قوات الأسد وحلفائه في عمليات نهب واسعة النطاق وبشكل منهجي في المناطق التي كانت تخضع لسيطرة المعارضة السورية، مستنداً إلى وثائق استخبارات حكومة الأسد كان قد حصل عليها منذ عام 2018.
ویسلط التقرير الضوء على خمس حالات نھب في كل من داریا وحرستا ومخیم الیرموك وجرجناز والغدفة، وقال المركز إنه تحققّ من وقوعھا من خلال أدلة الفیدیو، وأقوال الشھود وصور الأقمار الاصطناعیة ووثائق أجهزة “الأمن السورية”.
وبحسب المركز، فقد “اختیرت ھذه الوقائع الخمس من بین 20 واقعة نھب كبرى، لا تمثل في حد ذاتھا غير جزء صغیر مما ارتكُب على الأرجح”.
وبموجب التقرير، فإنه منذ 2012، انكبّت قوات الأسد وغيرها من الميليشيا الموالية على تنفيذ عمليات النهب على نطاق واسع في مختلف أنحاء البلاد، إذ تقوم هذه المجموعات بنهب المنازل والمتاجر في المناطق التي تعيد فرض سيطرتها عليها، بحيث تُرى في هذه المناطق كميات كبيرة من الأغراض المسروقة تُفرز وتُباع أو يُعاد توزيعها بطرق أخرى لتحقيق مكاسب.
وقال التقرير إنه “إضافة إلى الاستيلاء على الأثاث والأدوات الكهربائية، فكّكت قوات الأسد والفصائل الموالية لها الأسقف والجدران من منازل قرى بأكملها في كثير من الأحيان، للحصول على الحديد والأسلاك وغيرها من المواد الخام للقيام ببيعها، حارمةً بذلك المدنيين من ممتلكاتهم وقدرتهم على إعالة أنفسهم”.
وتُبيّن الأدلة التي فحصها المحققون في المركز السوري للعدالة والمساءلة، الذي يعمل على توثيق عمليات النهب منذ عام 2018، أن هذه الأفعال لم تقتصر على مجموعة من العسكريين الانتهازيين، ولكنها كانت تحصل بموافقة مسؤولي أولئك الذين يقومون بأعمال النهب، وفي كثير من الأحيان بأمر مباشر منهم، ما جعل استخدام مصطلح “تعفيش” منتشراً في السياق السوري لوصف أعمال النهب.
وبحسب التقرير، فإن “أطراف النزاع الأخرى تقوم بأعمال النهب أيضاً، وإن كان ذلك على نطاق أضيق”.
وفيما يقدم التقرير أدلة “تُثبت قيام حكومة الأسد بعمليات النهب طيلة فترة النزاع”، فإنه يخلص إلى أن هذا “الأمر أثّر على الناس في مناطق واسعة من البلاد”.
واعتبر المركز أنه “سواء كانت أعمال النهب سياسة متعمدة لتهجير معارضي نظام الأسد أو تكتيكاً لتحقيق المكاسب للموالين، فإن إخفاق حكومة وقوات الأسد والمسؤولين الحكوميين في منع هذه الأفعال ومعاقبة الجنود والموالين المسؤولين عن النهب يرقى إلى مستوى جريمة حرب”.
ولفت إلى أنه “من الممكن أن يُحاسَب المسؤولون عن جريمة النهب بموجب القانون الدولي، تماماً كما يُحاسَب أولئك الذين يستهدفون ويقتلون المدنيين”.
وفي السياق، قال المدیر التنفیذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة محمد العبد لله إن “نهب جیش “النظام السوري” مناطق المدنیین جاء لتدمیر سبل العیش ولإرسال رسالة مفادھا أن أي شخص یعیش تحت سیطرة المعارضة سیُعاقب”.
وأضاف: “إن الأدلة الجوھریة على أعمال النھب التي تظھر في مقاطع الفیدیو تعني أن الجناة الذین ربما انتقلوا للعیش في أوروبا قد یتعرضون للمساءلة یوماً ما عن جرائم الحرب واسعة النطاق التي ارتكبوھا”.