كشف تقرير لـ” بعثة تقصي الحقائق” (FFM) التابعة لمنظمة “حظر الأسلحة الكيميائية” في سورية عن معلومات تنفي اتهامات وجهها نظام الأسد ضد تنظيم “داعش ” باستخدام أسلحة كيمياوية بحادثتين وقعتا في ريف محافظة حماة.
واعتبرت البعثة في تقرير صادر، في 11 من حزيران الحالي، أن المعلومات التي حصلت عليها وحللتها “غير كافية لتوفير أسس معقولة” لاتهام نظام الأسد تنظيم “داعش” بالحادثتين، وفق ما نقلت جريدة عنب بلدي.
ووقعت الحادثتان في 9 من آب 2017 في منطقة قليب الثور في الريف الشرقي للسلمية بمحافظة حماة، والثانية بمنطقة البلبل بصوران بريف حماة الشمالي في 8 من تشرين الثاني 2017.
وخلص تقرير البعثة لنفي الاتهامات اعتماداً على أربع ثغرات، أولها عدم وجود وصف دقيق للغازات السامة “غير المعروفة” التي قيل إنها استخدمت، وثانياً غياب عينات بيئية لبعثة “تقصي الحقائق”.
وأشارت البعثة إلى الثغرتين الثالثة والرابعة بغياب توفير الملابس التي قيل إنها جمعت في مستشفى السلمية والمتعلقة بحادثة “قليب الثور” وعدم إجراء نظام الأسد أي تحليلات على الملابس المجمعة في أثناء تخزينها في مركز البحوث العلمية (SSRC) في حي برزة بالعاصمة السورية دمشق.
وأكد التقرير وجود تناقض بالشكاوي والأعراض المقدمة من المصابين خلال المقابلات، إضافة إلى عدم توافق العلامات السريرية المبلغ عنها بالسجلات الطبية مع أي سيمة دوائية محددة يمكن ربطها بفئة معينة من المواد الكيماوية.
وزعم نظام الأسد عبر إبلاغه “الأمانة الفنية لمنظمة “حظر الأسلحة الكيماوية” بأنه تعرض لاستهداف من قبل تنظيم “الدولة الإسلامية” بذخائر تحتوي على غازات سامة “غير معروفة”، ما أدى إلى ظهور أعراض على بعض جنوده بينها الاختناق والإغماء والتقيؤ.
وحصلت البعثة على معلومات بخصوص الحادثتين، عبر محادثات مع نظام الأسد ومذكرات شفهية، إضافة لعقد اجتماعات مع “اللجنة الفنية السورية”، وإجراء مقابلات مع شهود عيان وضحايا الحوادث المبلغ عنها وزيارات ميدانية لمواقع الحادثتين ومراجعة الصور والوثائق التي جمعت من مصادر مفتوحة.
نظام الأسد لا يزال يمتلك الأسلحة الكيميائية
اتهمت الخارجية البريطانية نظام الأسد بإخفاء مئات الأطنان من المواد الكيميائية، وعدم الإيفاء بتعهداته لمجلس الأمن بإتلاف السلاح الكيماوي.
ونقلاً عن زارة الخارجية البريطانية عبر موقعها الرسمي قالت نائبة المنسق السياسي في وزارة الخارجية البريطانية لورا ديكس في تصريح لها، خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي بشأن ملف السلاح الكيميائي في سورية أمس الثلاثاء 11 من حزيران، إن نظام الأسد لا يزال يمتلك الأسلحة الكيميائية حتى اليوم، وما زالت آلاف الذخائر ومئات الأطنان من المواد الكيميائية مفقودة في سورية.
وأضافت ديكس أن “الأسلحة الكيميائية ليست مشكلة تاريخية في سورية، بل هي واقع حالي”، مشيرة إلى أن تحليل العينات التي تم جمعها في موقعين في سورية، في نيسان 2023، يشير إلى وجود المزيد من أنشطة المعالجة والإنتاج غير المعلنة للأسلحة الكيميائية في سورية”.
ولفتت ديكس، إلى أن نظام الأسد “فشل في تقديم إعلان كامل ودقيق عن مخزوناته، على الرغم من الجهود الحثيثة والمتكررة التي بذلتها أمانة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، مضيفة أن النظام “لم يفِ بالتزاماته بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2118”.
وأكدت المسؤولة البريطانية أن المملكة المتحدة ستواصل متابعة المساءلة عن استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل نظام الأسد، مشددة على أن الفشل في محاسبة النظام على هجماته بالأسلحة الكيميائية من شأنه أن يقوّض البنية الدولية لمنع الانتشار النووي.
وتابعت نائبة المنسق السياسي في وزارة الخارجية البريطانية قائلة، “إلى أن يعلن نظام الأسد عن أسلحته الكيميائية وتدميرها بالكامل، يجب على مجلس الأمن أن يبقى مركزاً على هذا التهديد المستمر للسلم والأمن الدوليين”.
وكانت آلية التحقيق المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وفريق التحقيق وتحديد الهوية التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أكدوا أن نظام الأسد استخدم الأسلحة الكيميائية، بما في ذلك السارين والكلور، ضد الشعب السوري تسع مرات بعد انضمامه إلى اتفاقية الأسلحة الكيميائية عام 2013، وفق ما ذكرت الخارجية البريطانية.
وأصبحت سورية عضواً في “اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية” في 14 من تشرين الأول عام 2013، بعد الهجوم الكيماوي الذي استهدف الغوطة الشرقية بريف دمشق، في 21 من آب من العام نفسه، والذي أودى بحياة مئات المدنيين في المنطقة.
وكان من أهم مقتضيات الاتفاقية إنشاء لجنة تفتيش في الأمانة الفنية الخاصة بالاتفاقية، وإعطاؤها القدرة على القيام بالتحقيق في ادعاءات استخدام أسلحة كيماوية، وتعتبر اللجنة مستقلة وتقنية، وإذا ما وجدت لجنة التحقيق أن دولة طرفاً بالاتفاقية قد قامت بانتهاك بنودها فلها أن تقيّد أو تعلّق حقوق الدولة الطرف وامتيازاتها بموجب الاتفاقية بناء على توصية المجلس التنفيذي، إلى أن تتخذ الإجراءات اللازمة للوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية.
وبحسب ما وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن نظام الأسد نفذ 217 هجوماً كيميائياً على مختلف المحافظات السورية، منذ أول استخدام موثَّق لهذا السلاح في 23 من كانون الأول 2012 حتى 7 من نيسان 2024، تسبَّبت في مقتل 1514 شخصاً بينهم 214 طفلاً و262 سيدة، إضافة إلى إصابة 11080 آخرين.
وكان مجلس الأمن الدولي صوّت بالإجماع في 27 من أيلول 2013، على القرار 2118، الذي يتضمن إجراءات للتعجيل بتفكيك برنامج نظام الأسد للأسلحة الكيميائية وإخضاعه لتحقق صارم، ويدعو إلى تنفيذه تنفيذاً كاملاً في أسرع وقت.
كما نص القرار ألا يقوم النظام باستخدام أسلحة كيميائية، أو استحداثها أو إنتاجها أو حيازتها بأي طريقة أخرى أو تخزينها أو الاحتفاظ بها أو بنقل الأسلحة الكيميائية بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى دول أخرى أو جهات من غير الدول.