2.4 C
Damascus
الجمعة, نوفمبر 22, 2024

مركز بحثي: إيران لا تزال صاحبة النفوذ الأكبر على الأرض في سورية

أفاد مركز جسور للدراسات أن التحديث السنوي لخريطة انتشار الوجود العسكري الأجنبي في سورية، شهد “انخفاضاً محدوداً” خلال الفترة بين منتصف عامَي 2023 و2024؛ بتراجع عدد القواعد والنقاط العسكرية الأجنبية من 830 إلى 801 موقع.

ونبّه التقرير إلى مساهمة الوجود العسكري الأجنبي في سورية واتفاق وَقْف إطلاق النار بين تركيا وروسيا في 5 آذار 2020، بفرض أطول فترة تهدئة وتجميد لحدود السيطرة وخطوط التماس بين القوى المحلية.

ولفت إلى أن هذه العوامل أدت في الوقت ذاته إلى “وصول النزاع في سورية إلى طريق مسدود”، فقد حالت دون قدرة أي طرف على الحسم الميداني رغم استمرار النشاط العسكري “الذي يعكس إصراراً على عدم التخلّي عن الحل العسكري”، وما قد ينجم عن ذلك من زيادة احتمال وقوع صدام مباشر بين القوات الأجنبية في سورية.

كما لفت التقرير التقرير أيضاً إلى تراجع المواقع العسكرية الإيرانية في سورية من 570 إلى 529، مما يفسر أن “إيران لا تزال الدولة صاحبة الانتشار العسكري الأكبر، مقارنةً مع بقية القُوَى الأجنبية”.

ولدى إيران 52 قاعدة عسكرية، إلى جانب 477 نقطة، متوزعة على 117 موقعاً في حلب، و109 بريف دمشق، و77 في دير الزور، و67 في حمص، و28 في حماة، و27 في إدلب، و20 في القنيطرة، و17 في اللاذقية، و16 في درعا، و14 في الرقة، و13 في السويداء، و9 في طرطوس، و8 في الحسكة، و7 في دمشق.

واقتصر تحديث الخريطة على المواقع العسكريّة الثابتة والمستقرّة؛ ولم تشمل النقاط والحواجز ونقاط التفتيش المتحرّكة والمؤقتة التي يستخدمها بعض القوات خلال عملها العسكري، خصوصاً الميليشيات الإيرانية التي تعتمد على هذا الشكل من المواقع بشكل واسع.

ويميّز الباحثون القائمون على تحديث الخريطة الحالية، بين صنفين من المواقع العسكرية هما: القواعد والنقاط. القاعدة العسكرية تكون مجهزة بمعدات وتجهيزات عسكرية وعملياتية، سواءً لمهام الدفاع أم الهجوم، كمهابط الطيران والأنظمة الصاروخية الأرضية والجوية، مع وجود وحدات على الأرض.

ومن الملحوظات اللافتة أيضاً أن الخريطة “ترصد فقط النقاط التي تمتلك فيها القُوَى الأجنبية كامل الصلاحية والقيادة والتمويل”، وبذلك فإنّها لا ترصد انتشار الخبراء أو الفنيين أو العسكريين، قادة أو مستشارين أو عناصر ضِمن مواقع أو منشآت أو حواجز القوات المحلية المختلفة أو ضِمن مؤسسات الحكم والإدارة المدنية.

وقال عبد الوهاب عاصي، باحث رئيسي في مركز “جسور للدراسات”، إن “تراجع المواقع الإيرانية جزء من عملية إعادة انتشار قامت بها ميليشياتها تحت ضغط روسي، حيث تركّز الانسحاب في المنطقة الجنوبية، أي إنه مرتبط بتداعيات الحرب على غزة”، وفق ما نقل موقع الشرق الأوسط.

ويتوقع الباحث أنه في حال استمرار التصعيد الإسرائيلي ضد الميليشيات الإيرانية في سورية “حصول مزيد من الانسحاب، أو إعادة الانتشار للمواقع الإيرانية من الجنوب السوري”، لا سيما أنّ الضربات الإسرائيلية “زادت وتيرتها بشكل كبير بعد حرب غزة مقارنةً مع السنوات السابقة.

غير أن انسحاب الميليشيات الإيرانية وعمليات إعادة التموضع المذكورة، حسب التقرير الجديد لـ”جسور”، لم يؤثرا في الأهداف والقيمة الإستراتيجية للانتشار العسكري في سورية، الذي لا يزال يحافظ على الطريق الدولي الذي يقطع سورية عرضاً، من معبر البوكمال في محافظة دير الزور مروراً بالبادية السورية ومنها إلى محافظات حمص ودمشق، وصولاً إلى الحدود اللبنانية.

هذا إضافة إلى انتشار ثابت في خطوط التماس مع مناطق سيطرة المعارضة المسلحة، وفي الجنوب السوري وخطوط تهريب المخدرات المتعددة ضِمن الجغرافيا السورية.

حلب ودمشق

ويرى الباحث عبد الوهاب عاصي سبب تركز المليشيات في دمشق وحلب، أن ذلك مرتبط بجوانب عديدة، فمثلاً، تعد حلب بالنسبة لإيران “منطقة في العمق، بعيدة عن الضربات الإسرائيلية والأميركية، وتستخدمها لتخزين الأسلحة.

ومن جهة أخرى، هي منطقة إستراتيجية لحماية نظام الأسد من هجمات المعارضة المسلّحة التي تتجمع شمال وغرب حلب”.

أما بالنسبة لروسيا وتركيا، فهما تسعيان لحماية اتفاق خفض التصعيد في الشمال السوري، الذي جرى توقيعه بعد استعادة نظام الأسد سيطرته على حلب في (كانون الأول) 2016.

وعن دمشق، يقول عاصي، إنها العاصمة السياسية وطريق الإمداد الرئيسي بالنسبة لإيران، “ولكونها تسعى لإقامة ضاحية جنوبية جديدة في العاصمة”، (على نموذج الضاحية التي يسيطر عليها “حزب الله” في بيروت).

وجاءت دير الزور شرق سورية في المرتبة الثالثة بعد حلب ودمشق، لحدودها المشتركة مع العراق حيث امتداد نفوذ إيران.

ويخلص التقرير إلى أن روسيا لا تزال تحتفظ بجميع مواقعها، كما أنّها انتشرت خلال الأشهر الأولى من عام 2024 في نقاط جديدة أول مرة، في محافظة القنيطرة المُطِلّة على منطقة الجولان، مما يمنح روسيا أداة قوة وضغط في أي مفاوضات مع إسرائيل.

وهي لا تزال تمتلك توزُّعاً عسكرياً ذا قيمة استراتيجية عالية، يركز بشكل كبير على الساحل السوري المُطِل على البحر المتوسط وفي معظم المنشآت والمراكز الاستراتيجية التابعة للنظام.

هذا، إضافة إلى شمال شرقي البلاد الذي يتركز فيه معظم حقول النفط والغاز السورية، وتتمركز ضِمن جزء منه مواقع قوات التحالف الدولي، مما يمنح روسيا أداة ضغط على الولايات المتحدة متاحة للاستخدام في أي وقت.

أما قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، بدورها، متمسكة بانتشارها العسكري في سورية، ويلاحظ التقرير قلة مواقعها مقارَنةً مع بقية الفاعلين، وما يفسر ذلك أنها تعتمد على القواعد العسكرية لا على النقاط الصغيرة.

وبالتالي، فإن “وجودها العسكري نوعي وليس كمّياً”، يركز على منطقة تُحقِّق لها أهدافاً استراتيجية، مثل مراقبة أنشطة خلايا تنظيم “داعش” والميليشيات الإيرانية بين العراق وسورية، وضمان المشاركة في تطبيق حصار اقتصادي على نظام الأسد عبر حرمانه من استخراج النفط وبيعه في مناطقه.

ولاحَظ التقرير زيادة التحالف موقعين له في محافظة الرقة، بعد انسحاب من المحافظة في تشرين الأول 2019، مما يعكس الرغبة في إعادة حضوره في هذه المنطقة وموازنته مع الوجود الروسي فيها.

وبالنسبة إلى تركيا، فهي تركز على الانتشار العسكري في المناطق القريبة من الشريط الحدودي من إدلب حتى الحسكة، مروراً بريفَي حلب والرقة، وتغلب عليه الطبيعة الأمنية بما يعكس أهداف تركيا في سورية، المتمثلة في الدفاع عن أمنها القومي ضد نشوء كيان انفصالي كردي على حدودها الجنوبية.

أخبار ذات صلة

آخر الأخبار