لم يتمالك شريف نفسه وهو يتحدث “بغصة” عن قريته التي هُجّر منها منذ نحو 9 سنوات على يد “حزب العمال الكردستاني” التابع لميليشيا قسد، الحزب الذي دمّر قريته بالكامل وهجّر أهلها.
شريف العلي، ثلاثيني وأب لثلاثة أطفال مهجّر من قرية سليب”، المعروفة 8 آذار” في منطقة تل أبيض شمالي سورية، هجّرت ميليشيا قسد أهالي القرية المكونة من (2000) نسمة، ويعيش حالياً في مدينة تل تل أبيض التي تسيطر عليها فصائل الجيش الوطني بعد عملية “نبع السلام”.
عاش شريف مع عائلته رحلة تهجير قاسية، فبعد احتلال قريته من قبل ميليشيا قسد، نزح إلى الرقة وبعدها الى درعا، ومن هناك إلى لبنان، ومن ثم عاد إلى مدينة تل أبيض مع نهاية عام 2019، بعد عملية “نبع السلام” ضد الميليشيات الانفصالية، التي خاضها الجيش الوطني بالتعاون مع القوات التركية.
قال شريف العلي في حديثه لوكالة سنا، إن القرية هُجّرت بالكامل على أيدي “حزب العمال الكردستاني” التابع لميليشيا قسد، بحجة انتماء أهالي القرية لتنظيم “داعش”، مؤكداً أن أهالي القرية لم ينضموا لأي تنظيم أو فصيل عسكري ولم يساهموا بأي عمل عسكري، فمعظم أهالي القرية متفرغين للعمل في الزراعة ورعي المواشي.
وبسحب العلي فإن أهالي القرية تلقوا تهديدات من ميليشيا قسد، “إذا لم يخرجوا سيتم القصف بطائرات التحالف، فتمت عملية التهجير القسري”، والأهالي لا يملكون سوى الهرب من بطش الميليشيات والنجاة بأرواحهم ليحافظوا على أطفالهم ونسائهم، على حد قوله.
وأضاف العلي، “بعد أن خرجنا من القرية بحجة وجود “داعش” ويجب تمشيط المنطقة منهم، قامت الميليشيات الانفصالية بزرع ألغام وأسلاك شائكة في محيط القرية، ومنعت دخول أحد إلى القرية”.
اعتقال وتعذيب
وتابع العلي بقوله، “حتى إن أخي ذهب لكي يرى القرية ولو من بعيد، اعتقلته دورية لميليشيا قسد، وبقي لمدة 45 يوماً معتقلاً في سجن عين العرب (كوباني)، وتعرض لأساليب وحشية من التعذيب”، مستدركاً بأن هذا التنظيم لا يستحق أن يحكم منطقة.
فالتنظيم كيف يتحدث بشعارات الديمقراطية والسلام، ويعتقل رجلاً أعزلَ ذهب لكي يرى منزله المهدّم، وبدون أن يحمل قطعة سلاح معه، فمن سينتخب هؤلاء المجرمين، الذي لم يتركوا في مناطقهم إلا من هو موالٍ لهم، بعد أن هجّروا أهالي القرى وسرقوا منازلهم ودمروها، وفق ما قال شريف العلي لوكالة سنا.
تحدّث شريف عن وجود عدد كبير من أبناء القرية ما زالوا معتقلين في سجون ميليشيا قسد، ولا أحد يعرف عن مصيرهم. ويقول شريف: “لدي 6 أشخاص من أولاد عمومتي معتقلين لديهم، من دون وجود جرم يستحق عملية الاعتقال، فمنهم من تم اعتقاله منذ 9 سنوات، تاركاً وراءه عائلات ليس لديها معيل”.
الحزب أشعل الفتنة
يصف شريف الحياة الاجتماعية قبل دخول الحزب للمنطقة بالاحترام والسلام المتبادل بين القرى العربية والكردية، فقريتهم الوحيدة العربية بين قرى الأكراد، يعيشون بسلام واحترام متبادل بين جيرانهم وبدون أي مشاكل تذكر، حتى إن هناك نسباً ومصاهرة مع القرى الكردية، إلى أن جاء الحزب وأشعل الفتنة بين سكان المنطقة، معتبراً أن أغلب الأكراد يكرهون الحزب وتصرفاته، على حد وصفه.
يتابع،”لدي أصدقاء أكراد أتواصل معهم إلى اليوم، وهم أيضاً ضد حزب العمال الكردستاني”، مستغرباً قيام الحزب بإجراء انتخابات، مدعياً أنه يعمل لصالح الشعب، فما زال يزرع الأرضي ويسرق ثمنها”.
وفق العلي فقد قامت الميليشيات بتهجير أغلب قاطني القرى من المكون العربي، ولم يبقَ معهم سوى العربي الموالي الذي آثر الوقوف مع هذه الميليشيا المجرمة.
وأضاف أن مقياس البقاء في المناطق التي سيطر عليها لحزب هو “الولاء”، فإذا لم تكن موالياً لقسد، سيتم تهجيرك وسلب ممتلكاتك ومصادر منزلك وأراضيك، ناهيك عن عملية التعذيب وغيره من الممارسات الوحشية”.
يأمل العلي، أن يحدث عمل عسكري في القريب العاجل لتحرير أرضه وقريته من الميليشيات التي تسيطر عليها، وهي تبعد عنه نحو 20 كم، ويتمنى العودة حتى لو كانت “مهدمة بالكامل”. ويقول شريف فـ” عندما نعود إليها، نزرعها ونعمّرها من جديد”.
وأشار العلي، إلى أن أهالي القرية يريدون العودة بأسرع وقت إلى منطقتهم، ولكنهم لا يثقون بشعارات الميليشيات الكاذبة بالحرية والديمقراطية، فكيف تثق الناس بتنظيم يخطب الأطفال ويسوفهم للتجنيد الإجباري، فلا نأمن أن يخرج أطفالنا من المنزل خشية خطفهم من قبل الميليشيات، على حد قوله.