29.2 C
Damascus
الخميس, سبتمبر 19, 2024

بحضور كبير، ساحة الكرامة تؤكد استمرارها بالحراك السلمي  لإحياء ذكرى انطلاقته الأولى

استعادت ساحة الكرامة جزءاً من زخمها، اليوم الجمعة، الذي يُصادف ذكرى انطلاق الحراك السلمي في محافظة السويداء، حيث توافدت مختلف الوفود من كل المناطق بريف المحافظة، للمشاركة في المظاهرة المركزية.

وحضرت الوفود من شهبا وقراها شمالاً إلى صلخد وريفها جنوباً، مروراً بالقريا وصولاً إلى المزرعة والجنينة ومفعلة وغيرها من القرى، شاركت في الحراك السلميّ المُطالب بالحرية والتغيير.

وتميّزت سيدات ساحة الكرامة حضرن بالزي الشعبي و الورود بأيديهن، رافعين صور ولافتات تؤكد على مطالب الحراك السياسية بالكرامة والحرية واسقاط المنظومة الحاكمة، وعلق المحتجون صور من مظاهرات و مسائيات القرى مع تورايخها بالتسلسل منذ بداية الانتفاضة، ولوحة كبيرة تحمل صور أبرز الاعلاميين المُساهمين بتغطية الحراك.

وصدحت حناجز المحتجين اليوم، بالشعر وأغاني وقصائد الحرية وهتفت بها الجموع، كما أن صور “شهيد الواجب جواد الباروكي” و” شهيد الكرامة مرهج الجرماني”  لم تغب عن الساحة وفاءاً لتضحياتهم.

الذكرى الأولى

يدخل الحراك الثوري السلمي في مدينة السويداء عامه الأول من دون انقطاع، ليشكّل بذلك المحتجون من أبناء المحافظة ظاهرة فريدة ليست على مستوى سورية فقط، وإنما على مستوى العالم كأول مدينة تنظّم احتجاجاً سلمياً متواصلاً لمدة عام، متحدية كل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها سكان المحافظة، إلى جانب التحديات الأمنية التي حاول نظام الأسد من خلالها، تشويه سمعة هذا الحراك.

وبدأ الحراك من ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء، في 17 آب 2023، إثر رفع النظام أسعار المشتقات النفطية من خلال إضراب عام، ليتحوّل بشكل سريع إلى حراك ضد النظام بالمجمل، منتقلاً من المطالب الاقتصادية والأمنية إلى رفع شعارات الثورة السورية المتمثلة بإسقاط النظام والتغيير السياسي عبر تطبيق قرار مجلس الأمن 2254، وإطلاق سراح المعتقلين وخروج القوى الأجنبية من البلاد.

تأييد المرجعية الدينية

وحظي حراك السويداء بالتفاف الفعاليات الدينية ممثلة بمشايخ الطائفة على رأسهم “الشيخ حكمت الهجري” الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين الدروز في السويداء، والذي أكد مراراً على سلمية الحراك، وضرورة الاستمرار بخطى ثابتة واضحة، مؤكداً أن الشعب يمارس حقه بالتظاهر السلمي، الذي يطلب من خلاله حقوقه المشروعة.

وأكد الهجري مراراً أن الجهات الأمنية بإداراتها الفاسدة قامت بمحاربتهم بلقمة عيشهم لإسكات الحقائق، محذراً من “المخربين” وطالب الحراك بأن يكون لهم توجيها وتصويبا لا قمعا وتخوينا، وشدد على أحقية مطالب الحراك الشعبي في السويداء، المستمر، وقال إن حقوق الناس لا بد من الحصول عليها “دون أن يدفعوا غير المستحق بابتكارات ضريبيه مستهجنة، ولا أن يتم سلبهم حريتهم وأمنهم وأمانهم وحقوقهم، إمعانا بإذلالهم لضمان صمت طال أمده”.

وشدّد على أن الشعب لا يطلب سوى حقّه الشرعي بكل شيء “في وطن يأبى المحتلون ان نبقى فيه، فيكيلون لنا عن طريق أبناء جلدتنا حيلا وصنائع تجعلنا نهرب بأبنائنا تاركين تراب الآباء والأجداد للغرباء ، ولكنهم واهمون ، فنحن الأرض والجذور ، ونحن الشعب والصخور”.”

هيئة عامة

وأعلنت فعاليات السويداء، عن تشكيل هيئة عامة تمثل حراك السويداء السلمي، كهيئة منتخبة من قبل نقاط الحراك في محافظة السويداء، بالإضافة إلى الفريق المكلف من الشيخ الهجري، وأبرز مهامها بحسب الاتفاق بين أعضائها المضي قدما باستمرار الحراك السلمي حتى تحقيق مطالبه التي تلبي طموحات السوريين والوصول به إلى بر الأمان وسط محاولات حثيثة من قبل النظام السوري وأجهزته الأمنية كسر الحالة السلمية وبث الفتنة والتفرقة بين أهالي المحافظة دون التفريق بين أحد.

ومؤخراً، أعلنت الهيئة العامة الممثلة للحراك الشعبي في السويداء، تشكيل لجنة سياسية تمثل الحراك، في سابقة هي الأولى التي يتم فيها ممارسة الديمقراطية بالشكل الصحيح لها، سبقها انتخاب أعضاء للهيئة العامة التي مثلت الحراك المناهض للنظام، والذي لعب دوراً بارزاً في الوصول للتمثيل السياسي عبر اللجنة.

وضمّت اللجنة 11 عضواً منتخباً من قبل الهيئة، سبق الإعلان عنها فترة ترشيحات لأسماء من الحراك استمرت لمدة تزيد عن أسبوع تقدم خلالها أزيد من 70 مرشحاً، وانتخبت الهيئة المؤلفة من 47 ممثلاً لنقاط الحراك الشعبي في المحافظة أعضاء اللجنة السياسية في اجتماع مفتوح أمام العموم وشبكات الإعلام المحلية.

تضامن شعبي

وفي سياق التضامن مع محيطهم الثوري، لطالما رفع محتجو السويداء، لافتات تضامن مع المدنيين في باقي المناطق السورية، لاسيما إدلب، والذين يتعرضون لحملات القصف والإبادة المستمرة لاسيما بعد مجزرة قوقفين التي استهدفت مدنيين يجنون موسم الزيتون في حقولهم، كان جل ضحاياها من الأطفال.

ومنذ انطلاق الحراك الشعبي المطالب بالتغيير السياسي في السويداء، والمناوئ للبعث بصفته “حزباً حاكماً”، أغلق المحتجون عشرات المقرات والمراكز الحزبية في مختلف أنحاء محافظة السويداء، وبات أعضاء الحزب في بعض المناطق يمارسون نشاطاتهم بشكل سري، في ظل عدم قدرتهم على افتتاح مقرات الحزب المغلقة.

وكانت عبّرت عدة دول غربية، منها (واشنطن وباريس وبرلين ولندن)، عن قلقها البالغ إزاء التقارير عن حول استخدام قوات الأسد، العنف ضد المحتجين في محافظة السويداء، بعد قيام عناصر من نظام الأسد بإطلاق الرصاص الحي من داخل قيادة فرع حزب البعث، لتفريق مجموعة من المحتجين كانوا يحاولون إعادة إغلاق مبنى الفرع في المحافظة ما أسفر عن سقوط جرحى بين المتظاهرين، يوم الأربعاء 13 أيلول 2023.

واستطاعت الفصائل المحلية في السويداء، بمختلف تشكيلاتها العسكرية، سد الخلل الأمني في المحافظة، وقطع الطريق على النظام لضرب الحراك، وكانت قوة منيعة في وجه محاولات النظام ترهيب المحتجين بالاعتقالات والتضييق الأمني، علاوة عن ضبط الوضع الأمني ومكافحة أي خروقات أو تعديات، إضافة إلى معادلة “العين بالعين” التي انتهجتها القوى المحلية من خلال اعتقال ضباط النظام وعناصره لقاء اعتقالات مارسها النظام بحق أبناء المدينة.

وتواصل الفعاليات المدنية والأهلية في عموم محافظة السويداء، احتجاجاتها بشكل يومي، ويستمر توافد المحتجين إلى ساحة السير/ الكرامة، التي باتت رمزاً ومقصداً لكل من يريد التعبير عن موقفه  وتأييده ودعمه للحراك المستمر، في وقت كانت طغت أحداث الشمال السوري والتصعيد القائم على الأحداث في عموم سوريا.

ورغم كل محاولات النظام، لتقييد حراك أبناء السويداء، إلا أنهم لا يزالون مستمرين في احتجاجاتهم، وتستعد ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء، لاستقبال حشود أهلية من مختلف مدن وقرى المحافظة، يوم الجمعة، في موعد أسبوعي ثبّته المحتجون كل جمعة، لتظاهرة مركزية حاشدة.

أخبار ذات صلة

آخر الأخبار