22.4 C
Damascus
الجمعة, أكتوبر 18, 2024

تحرك قانوني لإحالة الملف السوري لمحكمة الجنايات الدولية، ومحللون قانونيون يوضحون لسنا أهمية هذه الخطوة

وكالة سنا – خاص

عُقد في قصر الأمم المتحدة بجنيف يوم 3 أكتوبر الحالي 2024، حدث جانبي على هامش الدورة السابعة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان، تناول إمكانية إحالة ملف سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية.

نُظم الحدث من قبل المنتدى السوري بالتعاون مع مؤسسة Legal Action Worldwide، وبرعاية الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.

ركز الحدث على الجوانب القانونية التي يمكن من خلالها إحالة ملف سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية، استناداً إلى دراسة مبدئية أعدتها مؤسسة LAW، ودراسة معمقة أجراها المنتدى السوري.

وتم خلال الجلسة مناقشة الأسس القانونية لمثل هذه الإحالة، بالاعتماد على سابقة قانونية تتعلق بجريمة التهجير القسري التي وقعت في ميانمار وبنغلاديش، والتي تحقق بها المحكمة الجنائية الدولية.

حيث أكد المشاركون في الحدث أن هذه الخطوة تأتي في ظل تعاظم دور المحكمة الجنائية الدولية، خاصة بعد إصدارها مذكرات توقيف بحق قيادات سياسية من إسرائيل وحماس مؤخراً في ظل الحرب في غزة، وأوضحوا أن هذا يعزز أهمية القانون الدولي كأداة لتحقيق العدالة، خصوصاً مع فشل مجلس الأمن الدولي في حفظ الأمن والسلام الدولي في كل من أوكرانيا والشرق الأوسط.

أهمية الإحالة للجنايات الدولية

وعن سبب اللجوء إلى هذه الخطوة في الفترة الحالية، ومدى أهميتها، أجرت وكالة سنا لقاءً خاصاً مع “كبير مستشاري المناصرة في المنتدى السوري” داني البعاج الذي اعتبر أن جهود إحالة ملف سورية لمحكمة الجنايات الدولية لم تتوقف منذ 2011، ومنذ بداية ارتكاب الجرائم، كانت الجهود مستمرة سواء على المستوى الدولي أو السوري بمحاولة إحالة الملف السوري لمحكمة الجنايات الدولية.

وقال إن هذه الجهود اعترضتها مشكلتين، الأولى هي أن سورية كدولة ليست طرف باتفاقية روما ولم تصدق عليها وهي التي تنشئ محكمة الجنايات الدولية، وبالتالي لا تعطيها أي ولاية بالتحقيق بالانتهاكات الجسيمة أو جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية في سورية، كما أن نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة، يقول: “إن الدولة التي ليست طرف في اتفاقية روما يمكن إحالة ملف الانتهاكات للمحكمة عن طريق مجلس الأمن، وهذا الأمر معطل بسبب الفيتو الروسي”.

وأشار البعاج إلى أن التطورات في السنوات العشر الماضية ساعدت على أن تكون هذه الإحالة ممكنة خارج مجلس الأمن، والتطور الجديد في هذا الخصوص هو البدء بتحقيقات على جريمة تهجير الروهينغا من مينمار، وهي دولة ليست طرف بمحكمة الجنايات الدولية ووصول هؤلاء اللاجئين إلى بنغلادش في جريمة تهجير قسري. وتحرك المدعي العام كريم خان وطلبه من محكمة الجنايات الدولية التحقيق بهذه الجرائم، كونها بدأت بفعل جرمي على أرض دولة غير طرف بالمحكمة، ولكن هذا الفعل انتهى بجريمة على أرض دولة طرف، ومحكمة البداية أيّدت هذا التفسير وسمحت للجنايات الدولية التحقيق بجريمة التهجير القسري للروهينغا.

من هذا المنطلق انطلقنا كمحللين قانونيين للقياس على هذه الجريمة وتحديداً التهجير القسري للسوريين إلى الأردن وهي طرف بمحكمة الجنايات الدولية وسورية غير طرف، وبالتالي وفق نفس المعايير التي استخدمت للتحقيق في مينمار وبنغلادش، تم الطلب بأن تفتح محكمة الجنايات الدولية تحقيقاً بهذا الخصوص، وفق ما قال داني البعاج.

آلية الإحالة

وعن آلية الإحالة إلى محكمة الجنايات الدولية قال البعاج: إن هناك ثلاث احتمالات، الأول، أن يقوم المدعي العام نفسه بطلب تحقيق، كما حصل في بنغلادش.

والثاني بأن تقوم منظمات المجتمع المدني أو المنظمات الحقوقية تحت بند المادة ١٥ من نظام روما الأساسي، ولكن المحكمة غير ملزمة بذلك قانونياً، وعادة المحكمة بالفترات الماضية تذرعت بعدم وجود إمكانية لأفرع تحقيق ولا موارد لذلك.

والحالة الثالثة، أن تقوم دولة طرف بمحكمة الجنايات بالإحالة وفق المادة 14 من نظام روما الأساسي، وحصل مؤخراً بأن قامت أستونيا بإحالة لمحكمة الجنايات الدولية على بلاروسيا وعلى رئيسها، واستخدمت المادة 14 في هذه الحالة، وبحسب البعاج، فإن المنظمات السورية، وبعد جهد مستمر، قامت بإجراء ثماني لقاءات من نيويورك إلى هولندا وصولاً إلى جينيف، للوصول إلى مقاربة البعثات الدبلوماسية لمجموعة من الدول بما فيها دول الجنوب أو المجموعات غير المحسوبة على الدول الغربية لحصول الإحالة، ومن الملاحظ أن هناك تجاوباً حول هذا الموضوع، في محاولة إقناع الدول لإجراء هذه الإحالة.

التأثيرات السياسية على الملف القانوني

تابع محدثنا بقوله: إن التأثيرات السياسية والصراعات الدولية وأي نوع من التقدم السياسي لا يبرر أن يكون على حساب العدالة والإنصاف للضحايا وعلى حساب محاسبة المجرمين على الجرائم التي ارتكبوها، وفي سورية يوجد جرائم موثقة وفق كل الآليات الدولية، سواء لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسورية والتي أنشأها مجلس حقوق الإنسان، أو الآلية الدولية المحايدة والمستقلة (IIIM)، مضيفاً أن كل الآليات تم إنشاؤها من أجل جمع الأدلة والبراهين، لتكون جاهزة في حال حدوث أي محاكمات مستقبلية، وتكون محفوظة ومهيأة وتقدم للمحاكمات وفق معايير القانون الجنائي الدولي.

وأضاف، نحن نعتقد أننا جاهزون لهذه الإحالة، وسياسياً لا يمكن أن يكون مسار العدالة ضحية لأي نوع تقدم سياسي، ومن المفترض أن الدول الراعية للعملية السياسية والمفاوضات، أن يكون لديها نفس التصور، ومن غير الممكن تحقيق تقدم سياسي دون الوصول إلى آلية خاصة بالعدالة والانتصاف.

ولا يعتقد البعاج أن هناك جهة أفضل من محكمة الجنايات الدولية، تقوم بمقاضاة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة في سورية، وهي تعمل في مجالات معينة حسب القرارات الدولية، وتقول إن هناك جرائم ترقى لجرائم ضد الإنسانية، وهي أبعد من جرائم الحرب، وتقع في صلب اختصاص محكمة الجنايات الدولية، مشيراً إلى ضرورة ألا يكون التقدم السياسي على حساب العدالة.

ضغوط دولية

أوضح البعاج أن الإشكالات الحالية في عملنا، هو وجود نوع من الضغط على محكمة الجنايات الدولية، بسبب بدء تحقيقات على الجرائم التي ارتكبت في فلسطين، وإمكانية صدور مذكرات توقيف دولية بحق نتنياهو ووزير دفاعه، إضافة للسنوار وعدد من قادة حماس، الأمر الذي سبب نوع من الحساسية السياسية على مجموعة من الدول، ولكن الأمر الذي ثبت هو أن المحكمة طرف غير منحاز وهي طرف معني بالجرم ومرتكبه.

وأضاف، أن الحديث السابق الذي يقول بأن إسرائيل خارج إطار المساءلة الدولية وعدم القدرة على إحالة ملف فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية عن طريق مجلس الأمن بسبب الفيتو الروسي تم تجاوزه، لأن فلسطين أصبحت دولة طرف بمحكمة الجنايات الدولية، وبالتالي للمحكمة ولاية بأن تحقق بالانتهاكات.

وتابع بقوله، إن التطورات الحالية في المنطقة تعكس نوعاً من الجدية السياسية بهذا الاتجاه، بالرغم من الحساسية العالية، المرتبطة بإمكانية إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو، إلا أن وجود دولة مثل بريطانيا رعت هذا الحدث الجانبي الذي قمنا به عن هذا الموضوع بجنيف يعطيك مؤشراً بأن هناك دول أوروبية ليست ضد المحكمة بإجراء تحقيقات، حتى ولو كانت ضد الإسرائيليين، و بيان الاتحاد الأوروبي الذي دعم المحكمة بإجراء تحقيقات، الأمر الذي نعتبره مؤشراً إيجابياً وفرصة لمحاسبة أي مجرم حرب قام بأفعال يتم محاسبته عليها ومحاكمته، ويعطينا أمل ومؤشرات إيجابية في أن إحالة ملف سورية لمحكمة الجنايات الدولية أمر ممكن جداً.

أخبار ذات صلة

آخر الأخبار