عقب الهجمات الإسرائيلية على مناطق مختلفة بلبنان، بدأت ميليشيا حزب الله بتقليص وجودها في سورية عبر إعادة بعض عناصرها التي تقاتل بجانب قوات الأسد إلى لبنان.
وأفادت مصادر خاصة لوكالة سنا بأن ميليشيا حزب الله تعمل على نقل مئات من أعضائها من مناطق مختلفة من سورية إلى لبنان ونقل عائلاتهم من لبنان إلى سورية.
وأوضحت المصادر أن الحزب أرسل المئات من عناصره من مناطق بالميادين والبوكمال في محافظة دير الزور شرقي سورية ومن بعض أحياء العاصمة دمشق ومحافظتي حماة وحمص إلى لبنان.
وأضافت أن حزب الله يستخدم طرقاً مختلفة للدخول إلى لبنان بعد استهداف إسرائيل معبر المصنع الحدودي بين سورية ولبنان.
ومن جهة أخرى، ذكرت المصادر أن قوات من ميليشيا الحشد الشعبي في العراق بدأت بالدخول إلى سورية منذ نحو أسبوع.
وأشارت إلى أن عناصر الحشد تنتشر في الأماكن التي أخلاها حزب الله في سورية، وبعضهم يعبر إلى لبنان عبر الطرق التي يستخدمها حزب الله.
وفي تعليقه على هذه التحركات يقول الخبير العسكري العقيد عماد شحود لوكالة سنا، إن ميليشيا حزب الله لديها وجود رمزي في المناطق الشرقية لسورية، فهم موجودن بصفة مستشارين ومدربين فقط، لذلك فإن انسحابها من هذه المناطق ليس له تأثير بسبب قلة العدد.
وقال شحود لوكالة سنا، إن الحزب موجود بشكل أساسي في القصير والقلمون والزبداني والديماس ويعفور والقنيطرة وجزء من درعا، وفي تل رفعت وماير شمالي حلب.
وذكر شحود أن القوة الأساسية للحزب موجودة على الحدود اللبنانية السورية من جهة حمص ودمشق مروراً بالقلمون، موضحاً أن القوة الموجودة في الجنوب لم تتحرك إلى سورية، إنما فقط القادة والمستشارين تم استدعاؤهم لسورية، والعناصر المتواجدة في سورية هي من قوات الاحتياط، وكانت تشارك قوة الرضوان في العمليات الهجومية في سورية وبعدها تعود إلى لبنان بالتناوب.
الحزب يعيش أزمة
من جهته قال العقيد عبد الجبار العكيدي: إن ما يقوم به جيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان عمليات خاصة ينفذها سلاح الهندسة بحماية قوات المهام الخاصة (الكوماندوس)، وهذا لا يعتبر، في العلم العسكري، بدء المعركة البرّية، وإنما هو من صلب مهام التأمين الهندسي باكتشاف الأنفاق والتحصينات والتجهيزات الهندسية الموجودة على طول الجبهة، بهدف تدميرها وإزالتها، وتعتبر هذه الأعمال أساسية قبل تنفيذ أي هجوم برّي.
وفق العكيدي فقد مرّت الأيام القليلة الماضية عصيبة وقاسية على حزب الله، إذ تتالت الأحداث متسارعة جداً، استخدمت تل أبيب فيها تكتيكات عسكرية جديدة وأساليب قتال خارج المنظومة العسكرية المعهودة من قبل. فبعد مرور يومين على الضربة الموجعة التي استهدفت شبكة الاتصالات الخاصة بالحزب (بيجر) والتي أخرجت أكثر من أربعة آلاف من كوادر الحزب عن الخدمة، وجهت إسرائيل ضربة قوية أخرى لا تقل إيلاماً عن سابقتها، تمثلت باستهداف القيادة المصغرة لفرقة الرضوان، التي تعتبر القوة الأساسية ورأس حربة الحزب، قُتل فيها قائدها إبراهيم عقيل ونائبه.
وأضاف، “بدا جلياً أن إسرائيل تستغل حالة الإرباك والفوضى التي أصابت قيادة الحزب بعد أن حطمت تلك الضربات منظومة القيادة والسيطرة وجعلتها في حالة شلل شبه تام، معتمدة على إستراتيجية متتابعة ومستمرة بقصف الأماكن نفسها في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت، واستخدام القنابل الخارقة للتحصينات وتفجير الأنفاق التي يستخدمها الحزب، كما تمكنت من تدمير المئات من الراجمات ومنصات إطلاق الصواريخ. والضربة الأقوى والأقسى، والتي إن لم تكن قد قصمت ظهر حزب الله، فعلى الأقل لن يشفى منها في وقت قصير، وتمثلت باستهداف أمينه العام حسن نصر الله، مع مجموعة من أهم قيادات الحزب، بينهم نائب قائد الحرس الثوري الإيراني عباس نيلفروشان”.
خطورة ما حصل أنها كشفت عن وجود عيوب كثيرة في المنظومة الأمنية الذاتية للحزب، وإضعاف كل سرديته الدعائية على أنه محصّن من أي اختراق، وما حصل بعد مرور أسبوع على مقتل نصر الله، باستهداف الكيان الصهيوني اجتماعاً ضم مجلس شورى الحزب المخصص لتسمية رئيس المكتب التنفيذي هاشم صفي الدين لخلافة نصر الله، وما تبعه من ضربات متلاحقة ودقيقة، يؤكد أن هناك غياباً لفكرة الأمن الوقائي ووجود خلل مركّب، فما تعرّض له قادة الحزب خلال الشهور الأخيرة، هي مؤشّرات بديهية على وجود خرق أمني كبير في منظومة اتصالاته، وفق العكيدي.
وتتواجد ميليشيا حزب الله في سورية بشكل مكثف منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011 وقد ارتكبت آلاف جرائم الحرب ضد المدنيين, واستمر حزب الله في قتال شبه منظم إلى جانب قوات الأسد ضد فصائل الثورة داخل سورية، والذي ساهم في إخراج العديد من قياداته وعناصره تحت أضواء المسرح العملياتي وجعل قياداته وخططه وعناصره منكشفة أمام الرصد الإسرائيلي.