بدأت فصائل الثوار، صباح اليوم الأربعاء، عملاً عسكرياً ضد قوات الأسد على محاور ريف حلب الغربي، بعد فترة طويلة من التحضير والتجهيز، لتكسر هذه الهجمات حالة الجمود التي تسود خطوط التماس شمال غربي سورية منذ وقف إطلاق النار المبرم في 5 آذار 2020 برعاية تركية – روسية.
وأطلقت الفصائل اسم “ردع العدوان” على المعركة، وفي حين يعتقد مراقبون أن الفصائل تسعى إلى استغلال الظرف الإقليمي والدولي المتمثل في تصاعد التوترات في المنطقة، بما في ذلك الضربات الإسرائيلية الأخيرة التي طالت مواقع النظام وحلفائه في سورية، ومواقع ميليشيا “حزب الله” في لبنان.
تؤكد الفصائل العاملة ضمن “إدارة العمليات العسكرية” أن الهجوم جاء في إطار كبح جماح النظام الذي يهدد ببدء عمل عسكري على محافظة إدلب، ويصعّد القصف عليها بالمدفعية والصواريخ والطائرات الملغمة.
ومع سيطرة فصائل الثوار على العديد من البلدات والقرى في ريف حلب الغربي، تبقى الأسئلة مطروحة حول قدرة الفصائل على ضمان استمرار تقدمها الميداني، ومدى تأثير هذه العملية على التوازنات العسكرية والسياسية في سورية بشكل عام، خاصة أن نظام الأسد وحلفاءه لم يعلنوا حتى الآن عن إستراتيجيتهم للرد على العملية.
هدف العملية
قال القيادي في “إدارة العمليات العسكرية” حسن عبد الغني: “بعد رصد حشود لقوات النظام نعلن عن عملية ردع العدوان، تهدف هذه العملية العسكرية إلى كسر مخططات العدو عبر توجيه ضربة استباقية مدروسة لمواقع ميليشياته”.
وأضاف: “إننا في إدارة العمليات العسكرية، وبإرادة لا تلين وعزم لا ينكسر، نعلن بدء عملية عسكرية لردع العدو، ودحر قواته المحتشدة، وإبعاد نيرانها عن أهلنا.. هذه العملية ليست خياراً، بل واجب علينا أن ندافع عن دماء أهلنا وأعراضهم وأرضهم”.
وأردف: “رسالتنا للعدو: كل جبهة ستكون عليكم ناراً تحرق خططكم وأوهامكم بعون الله، وكل طلقة حقد ستُرد بعاصفة من غضب، ولن نسمح لكم بتحقيق أهدافكم، ولن تجدوا أمامكم إلا الموت أو التراجع”.
بدوره، يرى الباحث في الشأن السوري نوار شعبان أن المحفز لإطلاق المعركة يتمثل بتصعيد قوات النظام وميليشيات إيران لقصفها على إدلب وما حولها خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ومن جهتها، ليس لدى فصائل المعارضة قدرة على الرد بالمثل، لذا كان لا بد من إرسال رسالة مباشرة تؤكد على قدرة الفصائل على فتح محاور عسكرية، حتى لو لم يكن هناك داعم دولي واضح للعمل العسكري، وفق ما قال في حديثه “لتلفزيون سوريا”.
وأضاف شعبان، أن “التقدم العسكري السريع يعود إلى اختيار المحاور الصحيحة، فطبيعة المنطقة الجغرافية في غربي حلب عبارة عن تلول، وبمجرد سقوط تلة حاكمة، تسقط المزارع المحيطة بها، وبالتالي حدوث تخبط في قوات النظام”.
نتائج المعركة
قالت “إدارة العمليات العسكرية”: “حررنا مناطق واسعة في ريف حلب الغربي وأخرجنا قوات النظام منها، والمعركة التي أطلقناها قامت بسواعد أبنائها من دون دعم دولي”، مضيفة أن هدف العملية إبعاد خطر ميليشيات إيران وعودة الأهالي إلى بيوتهم.
وتمكنت القوات من السيطرة على الفوج 46 الإستراتيجي وعدة بلدات وقرى في ريف حلب الغربي ضمن إطار عملية “ردع العدوان”، من بينها الشيخ عقيل، بالا، حير دركل، قبتان الجبل، السلوم، جمعية المعري، القاسمية، حور، عنجارة، عاجل، أورم الصغرى، جمعية أبو عمشة، والهوتة، عويجل، كفرناها.
وبحسب إعلان إدارة العملية، فإنه وخلال المعارك، نجحت القوات في تحييد عشرات المدفعيات ومنصات إطلاق الطائرات المسيرة التي كانت تستهدف “المناطق المحررة”، إضافة إلى ذلك، تم أسر خمسة عناصر من قوات النظام على جبهة الفوج 46، كما تم الاستحواذ على دبابة وعربة BMB في قرية حور، ومستودع صواريخ كورنيت ودبابة في قرية الهوتة، وأسر ستة عناصر والاستحواذ على ثلاث دبابات وعربة BMB ومدفع عيار 23 في قرية عاجل.
وبحسب مصادر عسكرية، فإن الفصائل المشاركة في العملية تعمل في منطقتي إدلب وشمالي حلب على حد سواء، ومنها (هيئة تحرير الشام – أحرار الشام – فصائل في الجبهة الوطنية للتحرير – حركة نور الدين الزنكي – الجبهة الشامية – جيش العزة – القوة المشتركة – حركة التحرير والبناء… وغيرها).
وذكر الباحث نوار شعبان أن استمرارية العمل سيناريو “غير مستحب” حالياً وفق اعتقاده، بسبب وجود خزان بشري ضخم ضمن مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سورية، ما يعني أن روسيا والنظام سيقصفون المدنيين انتقاماً للهزائم الميدانية، خاصة في حال صعّد الطيران الروسي قصفه.
وأردف: “التقدم السريع الذي حصل يكفي لإرسال رسالة واضحة للنظام والجانب الروسي بضرورة الحد من عمليات استهداف المدنيين، وإلا فإن العمل العسكري سيستمر”.
ويرى الباحث أنه من الصعب التكهن بمسار الأحداث في الوقت الحالي، لكن التقدم السريع وطبيعة المحاور التي اختيرت أوصلت رسالة على قدرة الفصائل على خلط الأوراق، ما لم يتوقف التصعيد ضد المدنيين.