بقلم عبد الرحمن التاجوري
الكاتب والباحث في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية
أختتم الرئيس السوري، أحمد الشرع، يوم الإثنين زيارته الخارجية الأولى منذ توليه منصبه إلى السعودية، والتي اجتمع خلالها مع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في الرياض وناقش خلالها الطرفان العديد من القضايا في مختلف المجالات. استعدادا للتوجه إلى أنقرة للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ونقلاً عن وكالة الأنباء السعودية، تناول اجتماع الشرع وبن سلمان مستجدات الأحداث في سوريا والسبل الرامية لدعم أمن واستقرار سوريا الشقيقة، كما جرى مناقشة أوجه العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وفرص تعزيزها في مختلف المجالات، إلى جانب استعراض تطورات الأوضاع الإقليمية والجهود المبذولة بشأنها.
كما التقى الرئيس السوري بأمير دولة قطر الشيخ، تميم بن حمد آل ثاني، الأسبوع الماضي في قصر الشعب في العاصمة دمشق، عقب تولي الشرع لرئاسة البلاد. هنأ أمير دولة قطر الرئيس السوري بمناسبة انتصار الثورة السورية واختياره رئيساً للمرحلة الانتقالية، وأشاد بالجهود التي تبذلها الإدارة السورية الجديدة لتحقيق الاستقرار والحفاظ على مقدرات الدولة وتأمين الاحتياجات الضرورية للشعب السوري.
وبحسب الأنباء شدد أمير دولة قطر على الحاجة الماسة لتشكيل حكومة تمثل جميع أطياف الشعب السوري لتوطيد الاستقرار والمضي قدماً في مشاريع إعادة الإعمار والتنمية والازدهار، مؤكداً أن دولة قطر ستواصل وقوفها مع السوريين لتحقيق أهدافهم التي ناضلوا من أجلها وصولاً إلى دولة تسودها الوحدة والعدالة والحرية، وينعم شعبها بالعيش الكريم.
هذه اللقاءات سبقتها الزيارة الأولى لوفد روسي رفيع المستوى إلى سوريا بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، برئاسة المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وإفريقيا نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف.
وبحسب ما جاء على لسان بوغادانوف، فإن الزيارة جاءت في سياق تعزيز العلاقات التاريخية بين روسيا وسوريا وفق قاعدة المصالح المشتركة، مشدداً على أن روسيا حريصة على وحدة واستقلال وسلامة الأراضي السورية وتحقيق الوفاق والسلم الاجتماعي في البلاد. وأكد بوغدانوف يوم الإثنين، إن روسيا تواصل محادثاتها مع السلطات السورية بشأن عدة موضوعات، من بينها مصير قاعدتين عسكريتين لموسكو في البلاد واستخدامهما لإيصال المساعدات الإنسانية في الفترة المقبلة.
كل هذه الاجتماعات واللقاءات وفقاً للخبير السياسي والصحفي، أحمد غندور، هي دليل واضح وصريح على أن الإدارة السورية الجديدة والرئيس السوري أحمد الشرع، ماضون بخطى ثابتة نحو توطيد العلاقات مع جميع الدول على الصعيد الإقليمي والدولي دون الاعتماد على دولةٍ واحدة بعينها.
واستند الغندور في تحليله إلى أن الرئيس السوري تواصل مع جميع الأطراف بما فيهم روسيا على الرغم من الضغوط الغربية المفروضة عليه والتي شددت على أن رفع العقوبات وتجديد العلاقات الدبلوماسية مع أوروبا مشروط بإنها التواجد الروسي في سوريا والمتمثل في قاعدتي حميميم وطرطوس، إلا أن الشرع لم يكترث كثيراً لهذه الضغوطات واتجه نحو البحث عن مصالح سوريا وشعبها في المقام الأول.
ففي يناير الماضي كشف مسؤول رفيع المستوى في الاتحاد الأوروبي أن الاتحاد أبلغ الإدارة السورية الجديدة أن إنهاء وجود القواعد الروسية في سوريا شرط أساسي لرفع العقوبات عن سوريا. وفي تصريحات للصحفيين في العاصمة البلجيكية بروكسل، قبيل اجتماع وزراء خارجية الاتحاد في 27 يناير، قال المسؤول إن الاتحاد الأوروبي أبلغ دمشق أنه لكي يدرس الاتحاد رفع العقوبات عن سوريا يتعين على البلاد التخلص من أي وجود عسكري أجنبي على أراضيها، وعلى وجه الخصوص القواعد العسكرية الروسية.
الغندور أضاف أن كل هذه التحركات والقرارات المدروسة من جانب الإدارة السورية الجديدة والشرع هي تأكيد على سيادة سوريا وأراضيها والرفض التام لأي تدخل في الشأن الداخلي السوري قد يقود البلاد نحو استعمار غير معلن وفق ما تطمح لتحقيقه دول الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي.