خاص – وكالة سنا
وثّقت “وكالة سنا” صباح اليوم الحالة المذرية التي وصل لها نهربردى وسط تجاهل نظام الأسد كافة الآثار السلبية المنعكسة عن ذلك.
نهر بردى الذي تغنى به الشعراء على مر العصور، واشتهرت به مدينة دمشق بكونه رمزاً تاريخياً عريقاً، بات اليوم منخفض المنسوب بشكل لا يُوصف، ومجروراً كبيراً للصرف الصحي، ومكباً للنفايات، ومصدراً للروائح الكريهة والغازات السامة، وتجمعاً للبعوض والحشرات، وتظهر الطحالب في بعض المواد الصلبة المتراكمة التي تطفو على سطحه.
ينبع نهر بردى من جنوب منطقة الزبداني شمال غربي دمشق، ويبدأ رحلته عبر وادي بردى ليرفده نبع الفيجة، ثم يكمل طريقه إلى منطقتي الهامة ودمر، ويصل إلى منطقة الربوة، المدخل الغربي لدمشق.
وفي منطقة الربوة ينقسم النهر إلى سبعة أفرع تتوزع في أنحاء مدينة دمشق على شكل قنوات مائية، ثم يتجه بعدها إلى الغوطة الشرقية، ويصب أخيراً في منطقة العتيبة بريف دمشق الشرقي.
وقبل سنوات كان النهر متنفساً لأهالي دمشق وريفها، حيث كانت الكثير من العائلات تقصده للتنزه على ضفافه والاستمتاع بمياهه العذبة أيام العطل.
وخلال السنوات القليلة الماضية تقدّم عدد كبير من القاطنين على ضفاف النهر بشكاوى عديدة لدوائر نظام الأسد الرسمية بسبب تحول النهر إلى بيئة مناسبة للحشرات والأوساخ والروائح الكريهة والغازات السامة.
وفي العام 2013 أجرت وزارة البيئة دراسة اعتمدت فيها على عينات مأخوذة من مياه النهر، واستنتجت أن منسوبه المنخفض حوله إلى ساقية مليئة بالأوساخ الصلبة، وصنفت مياهه بعديمة الجدوى والصلاحية وفائقة التلوث والخطورة على الإنسان والبيئة.
وفي العام 2017، أطلقت وزارة الإدارة المحلية والبيئة “المشروع الإستراتيجي للمعالجة الجذرية لنهر بردى”، يشمل رفع التلوث وتنظيف النهر من المنبع إلى المصب، مخصصةً مبلغ 4 مليارات ليرة سورية “ما يعادل 6.5 مليون دولار أمريكي، حيث كان سعر الصرف حينها بواقع 600 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد”.
وقبل أيام، وقّعت كل من جامعة دمشق ومحافظة دمشق اتفاقيتي تعاون مع إدارة حديقة ماييلا الإيطالية لتبادل الخبرات، بما يخدم مشروع إعادة إحياء نهر بردى، والحفاظ على التنوع الحيوي والموارد الطبيعية.
لكن الحال اليوم يُظهر خلاف الإعلان الرسمي حول نوايا إحياء بردى بشكل جدي، ويُؤكد تدمير النهر من قبل مؤسسات نظام الأسد التي تتجاهل فائدة النهر الذي يُعد من أهم الموارد الطبيعية للحضارة البشرية، ويُساهم بالنماء والازدهار.
يُذكر أن اسم نهر بردى ذُكر قديماً باسم الفردوس أو الجنة “باراديوس” وفق ما رواه ابن عساكر في كتبه، كما حظي النهر بحفاوة عالية عبر آلاف السنين بدءاً من العهد الآرامي وصولاً إلى العهد الأموي في الحقبة الإسلامية، وتعتبر أفرعه من أقدم شبكات الري في العالم.