خاص – وكالة سنا
إعداد: كريم هاشم
أعلن مكتب التنسيق الطبي في معبر باب الهوى دخول اليوم الأربعاء (26 من تموز)، دخول أولى الدفعات من مرضى السرطان في مناطق شمال غربي سورية، لتلقي العلاج في المستشفيات التركية.
كما قرر القائمون على خيمة الاعتصام المفتوح لمرضى السرطان بباب الهوى اليوم، فك الاعتصام الذي بدأ يوم السبت الماضي في 12 من تموز الحالي، بعد زيارة وفد من الحكومة التركية للخيمة، واستماعه لمطالب المرضى، الذين تلقوا وعودًا بتنفيذها.
وقال أحد منسقي حملة “السرطان لا ينتظر” أحمد حجازي للوكالة السورية للأنباء، إن وفدًا حكوميًا تركيًا زار مكان الاعتصام اليوم الأربعاء، وهي المرة الثانية له، وناقش مع لجنة الاعتصام مطالب المرضى، وأهمها عملية إدخال مرافقي المرضى، إذ لا يسمح لمن لم يتجاوز من العمر ثماني سنوات الدخول مع مرافق.
إضافة لمناقشة المشاكل المتعلقة ببطاقات الحماية المؤقتة (الكملك) للمرضى، والتأمين الصحي لهم، مشيرًا إلى أن المعتصمين تلقوا وعودًا من الجانب التركي بتنفيذ جميع الطالب، وعلى هذا الأساس تم فض الاعتصام.
وبحسب حجازي، فإنه بعد دخول كل المرضى لتركيا لتلقي العلاج، سيتم الانتقال للمرحلة الثانية من الحملة، وهي جمع التبرعات لصالح مرضى السرطان في شمال غربي سورية.
وعن آلية دخول المرضى، قال مصطفى الحلاق عضو المكتب الإعلامي لمعبر باب الهوى للوكالة السورية للأنباء، إن “عدد المرضى الذين عبروا صباح اليوم إلى تركيا، بلغ 45 مريضًا، منهم 30 مريضًا تم اكتشاف حالاتهم بعد زلزال 6 شباط الماضي، و15 حالة قديمة، كانت تتلقى العلاج بشكل دوري”.
وأضاف الحلاق أنه سيتم دخول المرضى وفق الآلية المعتادة لدخول الحالات السابقة، موضحًا أنه من المخطط دخول 90 مريضًا كل أسبوع.
وأشار الحلاق إلى أن “عدد المرضى الكلي ممن تم تحويلهم من المراكز الطبية المختصة في إدلب إلى تركيا، منذ 3 من أيار الماضي وحتى 17 من تموز الحالي، بلغ ألفًا و650 مريضًا، منهم 867 مصابًا بالسرطان”.
“السرطان لا ينتظر” حملة أطلقها ناشطون وعاملون في القطاع الصحي في شمال غرب سورية حملت وسم ” أنقذوا مرضى السرطان”، لتسليط الضوء على معاناة مئات مرضى السرطان في شمال سورية، والتي جاءت استكمالًا لحملة “أنقذوهم”، التي جاءت بعد إيقاف دخول مرضى السرطان لتركيا بعد زلزال 6 شباط الماضي.
تبع الحملة خيمة اعتصام مفتوح لمرضى السرطان، ممن هم بحاجة الدخول لتركيا لتلقي العلاج، قبل أن تلعن اليوم الأربعاء لجنة الاعتصام فكه، بعد زيارة وفد من الحكومة التركية للخيمة.
الإحالات الطبية
يتم إحالة مرضى السرطان عبر أطباء مختصين من قسم علاج الأورام وأمراض الدم في مستشفى المحافظة بإدلب، ثم تُسجل الأسماء ضمن قوائم، وبالتنسيق مع المكتب الطبي في معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، وهي الآلية المعتمدة.
قال الطبيب بشير الإسماعيل (مدير مكتب التنسيق الطبي في المعبر) للوكالة السورية للأنباء: “يوجد في الوقت الحالي إمكانية لدخول الحالات الإسعافية الضرورية، إلا أن العدد المسموح فيه قليل، فيتم التنسيق بين المشفى المحول والنقطة الإسعافية بشكل مباشر عبر رقم الواتساب”.
أما بالنسبة للحالات الباردة، تم السماح بالدخول للمرضى الذين كانوا يتلقون العلاج بتركيا قبل وقوع الزلزال، وما زال لديهم متابعة علاج، حيث يتم دخولهم بعد الحصول على إحالة طبية جديدة من الطبيب الأخصائي المعتمد للتحويل.
وفيما يخص السماح لدخول مرافقين للمرضى، قال الإسماعيل: “في الحالات الباردة يوجد مرافق واحد فقط (الأب أو الأم حصرًا)، أما فيما يخص الأطفال ما دون ٨ سنوات، ليس لديهم مرافقة، وينتظر القائمون على الحملة قرارًا جديدًا للسماح بدخول مرافقة لهم لتركيا”.
ونبّه الإسماعيل إلى أن “منظومة تتبع الحالات الباردة الإسعافية مستمرة بالعمل، إضافة وجود متابعين لمرضى الإسعاف ومترجمين لمرضى الحالات الباردة، ضمن مشفى دورت يول، وشهير أضنة البالجلي بأضنة، والريحانية الدولة بتركيا، كما يتم التنسيق مع مترجمين من أجل تيسير أمور المرضى في باقي المناطق”.
المطالبة بحلول مستدامة
حملة أنقذوا مرضى السرطان، جاءت كاستجابة عاجلة لتردي حالة المرضى، والتي تستلزم دخولهم بأسرع وقت لتقي العلاج بتركيا، وعددهم يبلغ 608 مرضى ممن هم بحاجة لعلاج شعاعي، إلا أن المشكلة الأهم وبحسب مختصين، هي البحث عن حلول مستدامة للتخفيف من معاناة ما يزيد عن 3100 مريض في شمال غربي سورية.
بحسب الطبيب المختص بأمراض الأورام في مشفى المحافظة بإدلب جميل الدبل، فإن الحملة الأخيرة جاءت لمساندة مرضى السرطان بإدخالهم لتلقي العلاج إلى تركيا، وهي “حل عاجل غير مستدام”، كون خدمة علاجهم غير متوفرة بمشافي إدلب، وعددهم 608، إلا أن العدد يزداد بشكل يومي، بسبب انتهاء بعض المرضى من العلاج الكيماوي، وحاجتهم بشكل أساسي لإكمال العلاج الشعاعي، وهو غير متوفر في مستشفيات الداخل، خصوصًا (مرضى الليوكيميا الحادة وأورام الدماغ).
وأضاف الدبل في حديثه للوكالة السورية للأنباء، أنه على القائمين على الحملة من إعلاميين وعاملين في القطاع الطبي، والعمل على إيجاد حلول مستدامة، تتمثل باستمرار فتح المعبر أمام مرضى السرطان، كي لا يكون المرضى تحت رحمة المعابر دائمًا، بحيث يكون هناك نوع من الاستقلالية بالمنطقة، وبنفس الوقت لتخفيف الضغط على الحكومة التركية في ظل الظروف السياسية التي تمر بها”.
ولخص الدبل الحلول الضرورية والمستدامة لمرضى السرطان في شمال غربي سورية، بـ “محاولة توسيع ودعم وترميم النقص في المشافي، للحصول على مركز أورام متكامل، يضم أيضًا مركزاً مختصاً بعلاج الليوكيميات الحادة، ويتوفر فيه بنك دم متكامل، يستطيع تأمين كل مشتقات الدم وبكل الزمر الدموية بشكل مستمر، لنستطيع من خلاله تقديم كل الخدمات الطبية لمرضى السرطان”.
وأكد الدبل “ضرورة توفير جهاز المسرع الخطي الذي يقدم العلاج الشعاعي، الذي يحتاج لدعم مادي وسياسي، لأن هذا الجهاز يحتاج موافقة سياسية دولية، للدخول إلى شمال غرب سورية”.
إضافة لمحاولة توفير جهاز PET-CT”” وجهاز ومضان عظام لتشخيص ومتابعة حالات السرطانات، وتأمين جهاز Flowcytometry لتشخيص الليوكيميات الحادة وتحديد النوع بدقة للبدء بالعلاج، مع ضرورة توفير الأدوية المناعية، بسبب غلاء سعرها، والتي قد تصل في بعض الأحيان لأكثر من ثلاثة آلاف دولار لكل جرعة مثل: Pembrolizumab, Aezolizumab , Nivolumab.
كما تحتاج المشافي في شمال سورية لتقنية زراعة نقي العظم، وقد يكون حله بحسب الدبل من خلال زيارة بعض الأطباء لإجراء مثل هذه الزراعات ضمن مركز مختص، كما يحدث حاليًا في مشافي شمال غرب سورية من زراعة الحلزون.
وأشار الدبل إلى أنه يوجد في شمال غرب سورية عدة مراكز لتشخيص وعلاج مرضى السرطان، أهمها هو مركز الأورام في مشفى إدلب المركزي، الذي تم إنشاؤه عام ٢٠١٨، وهو يقدم العلاج المجاني لعدد كبير من الأورام.
وينصح الدبل القائمين على الحملة بالتفكير على المدى البعيد، بضرورة تأمين مخبر مركزي خاص بمرضى الدم والأورام يضم أجهزة PCR وتحاليل جينية وصبغية، ليحصل المرضى على حقهم الشرعي في الوصول إلى العلاج الكامل، كما هو الحال لجميع مرضى السرطان حول العالم.
وبحسب مدير المكتب الإعلامي لمديرية صحة إدلب عماد زهران، فقد بلغ عدد حالات مرضى السرطان في الشمال السوري ثلاثة آلاف حالة، 65% منها من الأطفال والنساء.
وقال زهران في حديثه للوكالة السورية للأنباء: “يتم تشخيص ثلاث حالات يوميًا بمرض السرطان، فيما شُخصت 608 حالة منذ زلزال 6 من شباط الماضي، بينها 150 طفلًا و200 امرأة.
يشار إلى أن القطاع الطبي في شمال غربي سورية، يعاني من الهشاشة والعجز في الاستجابة، وكان قد تأثر بالزلزال الأخير، بعد دمار جزء من بنيته التحتية، في حين لم يتم تجديد آلية دخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود بعد “الفيتو الروسي” الأخير.
فيما وجه رئيس الائتلاف الوطني ورئيس الحكومة السورية المؤقتة رسالة شكر لتركيا ومؤسساتها الإنسانية، على إسهاماتها في هذا المجال، ولكل من ساهم في تسليط الضوء على هذه القضية من ناشطين وإعلاميين، متمنين الشفاء العاجل لجميع المرضى، وخصوصًا مرضى السرطان، مؤكدين استمرار التواصل مع الجانب التركي والجهات والمنظمات الدولية المعنية، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية، بغية تحسين الواقع الصحي في المناطق المحررة وضمان تقديم الرعاية الصحية اللازمة.