أبلغت لجنة الاتصال العربية نظام الأسد بإيقاف الاتصال معه حتى إشعار آخر، وأنّ اللجنة بصدد عقد اجتماع لتقييم الموقف دون مشاركة ممثل عن النظام.
وسبق هذه التطورات تصريحات من مسؤولين عرب اتهموا فيها الأسد من التهرب من مسؤولياته، تجاه المبادرة العربية وتجاهل الاتفاقات الناتجة عنها.
ففي حديثه في قمة الشرق الأوسط العالمية في مدينة نيويورك، أعرب العاهل الأردني الملك “عبد الله الثاني” عن شكوكه حول ما إذا كان الأسد يسيطر على بلاده، في إشارة للهيمنة الإيرانية والروسية على القرار السوري، محذراً من استمرار تدفق المخدرات القادمة من نظام الأسد.
كما حذّر العاهل الأردني الأسد من لجوء الأردن لاستخدام القوة العسكرية للتصدي لعصابات التهريب، وقال: “أعتقد أنّ الأسد لا يريد أن يحدث ذلك، ولا يريد صراعاً مع الأردن، ولا أعرف مدى سيطرته”.
هذا وصرّح مسؤول سعودي سابق، بأنّ أزمة جديدة تعصف بالعلاقات العربية مع نظام الأسد، مشيراً إلى عدم إيفاء الأخير بوعوده، وقال المستشار السابق في وزارة الخارجية السعودية، “سالم اليامي” في تصريحات لقناة “الحرة“: “إنّ سلطة الأسد أثبتت أنها غير قادرة على الإيفاء بما تعهدت عليه في الأردن، بأن يكون هناك حل لمنع تدفق المخدرات”.
وعبّر “اليامي” عن اعتقاده بوجود جهات مسيطرة ومتنفذة داخل سورية وعائلة الأسد، ترعى “المخدرات” وتموّلها، متحدثاً عن “خيبة أمل” عربية من نظام الأسد التي كشفت أنها غير مسيطرة في سورية.
وكشف وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي عن ازدياد حجم عمليات التهريب القادمة من الحدود السورية، بعد التطبيع العربي مع نظام الأسد وإعادته للجامعة العربية.
وأكد الصفدي خلال ندوة مركز أبحاث، أن نظام الأسد لا يستطيع التحكم حينما يرتبط الأمر بالقدرة على بسط سيطرته بالكامل على البلاد.
وأضاف “نحن نعمل على حماية مصالحنا، وتهريب المخدرات ليس تهديداً لنا فحسب، بل تهديد لدول الخليج وغيرها من الدول، وسيتم إيقاف ذلك”، في إشارة لاحتمال لجوء الأردن لاستخدام القوة العسكرية.
وعن أسباب لجوء العرب لإيقاف التواصل مع نظام الأسد وأوضح الكاتب والسياسي السوري “حافظ قرقوط” لوكالة سنا أنّ العرب لجؤوا لإيقاف تعاملهم مع نظام الأسد نتيجة للتعنت والعنجهية التي قابل بها الأسد اليد الممدودة من العرب والتي كانت بمنزلة الفرصة الأخيرة له.
حيث أنكر وجود اتفاق مع العرب في مقابلته مع قناة “سكاي نيوز” وقال لا وجود لشروط مسبقة، وحمل العرب مسؤولية ما يحدث من دمار في سوريا، وهذا يدل – حسب قرقوط – على أن الأسد لم يعد لديه سلطة حقيقية على سورية، وأن إيران هي من تملي عليه المواقف والقرارات وهي المتحكم بتطوير العلاقات مع الغير بما يتوافق مع مصالحها.
وقلل من أهمية ما سمي بالتطبيع العربي وخاصة أنّ معظم الدول العربية لم تعيد تمثيلها الدبلوماسي مع نظام الأسد فأغلب السفارات مغلقة ولم تفعّل بعد التطبيع، وحتى لو احتفظ النظام بكرسي سورية في الجامعة العربية فسيكون تمثيلاً صورياً دون فاعلية تذكر.
وأوضح “قرقوط” أنّ تدفق المخدرات عبر الحدود العربية ستستمر لأنَّ قرار إيقافها بات أكبر من الأسد ذاته، فعمليات التهريب تتبع لشبكة إقليمية متورط فيها دول وكيانات كإيران وحزب الله إضافة لآل الأسد، ولن يستطع الأسد – ولو أراد – كبح جماحهم.
ولقد قرأ الكاتب والباحث “وائل علوان” مشهد تعثر المبادرة العربية في تصريح خاص للوكالة، من زاوية أنّ الدول العربية التي رسمت خطوات التطبيع وأعادت نظام الأسد للجامعة العربية، لم تكن معنية بشكل كبير جداً بما لدى النظام، ولم يكن توجه الدول إلى النظام مباشرة، إنما كان لحلفاء النظام ضمن واقع إقليمي ودولي متبدل ومتغير بشكل مستمر.
وقال: “إنّ إيقاف التطبيع لا يرتبط فقط بعدم استجابة النظام الذي أعتقد أنها كانت متوقعة النتيجة، من قبل أنظمة لديها مؤسسات حكم راسخة والتي تعي تماماً من هو النظام وكيف يتصرف وما هو سلوكه وما هو المتوقع منه”.
وأوضح “علوان” أنّ ما حصل من تقارب مع نظام الأسد كان ضمن صفقات أكبر منه تتعلق بداعميه وحلفائه، واليوم تعثر هذه التفاهمات واستمرار التغيرات الإقليمية والدولية كان له تأثير كبير في توقف مسار التطبيع وتعثره.
وأضاف: “لن يكون هناك خطوات للوراء بمعنى إنهاء العلاقة للدول التي طبعت مع النظام، أو إخراجه من الجامعة العربية بعد أن أُعيدت عضويته فيها، ولكن يتوقع ألا تكون مفيدة وألا تكون سلسلة كما أراد لها حلفاء النظام أن تكون”.
وعن زيارة الأسد للصين وتصريحاته التي اعتبر فيها أن بوصلة الحل توجهت نحو الشرق، في إشارة منه لدور الصين مستقبلاً في حل “الأزمة السورية”، والذي اعتبرها مراقبون مستفزة للأنظمة العربية المطبعة مع الأسد، وضح “علوان” أنّ إيقاف اللجنة العربية اتصالاتها مع الأسد وإيقاف المسار العربي جاء قبل زيارة الأسد للصين وليس بعدها، مشيراً لتأخر الإعلان عنه ولكن بُلّغ النظام به مسبقاً، وقبل سفره للصين.
معتبراً زيارة الأسد للصين فرصة بعد تعثر التطبيع العربي وبعد الفوضى الداخلية الكبيرة التي يعيشها، وبالأخص الاحتجاجات المستمرة في السويداء، وأنّ فشل التطبيع العربي كان له أثر سلبي على الحاضنة الشعبية بعد تبخر الوعود بالانفراج الاقتصادي، والتي منّا بها حاضنته الشعبية بعد التطبيع، فكان لا بد له من تحقيق إنجاز ولو صوري لإيهام الناس بأن ما زال لديه بدائل وحلفاء يمكن الاستعانة بهم، فجاءت زيارته للصين واستغلال الدعوة للحدث الرياضي والتي كانت الدعوة عامة لكل البلدان المشاركة في الأولمبياد ليعطيها زخم أكبر من حجمها.
وأشار إلى انّ النظام استغل الزيارة وخاصة بعد إعلان الهند والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها عن خط نيودلهي الجديد، المقلق للصين والذي يعد منافس للطريق الحرير الجديد الذي اعتمدته الصين، ولذلك قدم النظام مغريات للصين عن إمكانية الاستفادة من ميناء اللاذقية واستثماره من قبلها، مع إعطاء امتيازات للشركات الصينية وإعفاءات ضريبية، وكبديل لخط نيودلهي المقلق والذي يمر في الأراضي الفلسطينية المحتلة.