عقدت الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري دورة اجتماعاتها الــ69 في 23 تشرين الثاني الحالي في المناطق المحررة في سورية، واستهلت الدورة بالوقوف دقيقة صمت وقراءة الفاتحة على أرواح الضحايا الأبرياء في سورية وفلسطين، ثم قدّم رئيس الائتلاف الوطني هادي البحرة إحاطة سياسية؛ ووضع بين يدي الحاضرين نسخة من تقارير العمل الخاصة بالشهرين المنصرمين، بما فيها تقارير الرئاسة والنواب والأمانة العامة.
واطلعت الهيئة العامة على تقارير الحكومة السورية المؤقتة ووحدة تنسيق الدعم، إضافة إلى تقارير الدوائر والمكاتب والممثليات، كما استمعت لإحاطة رئيس هيئة التفاوض السورية، حيث أوجز المستجدات السياسية ونتائج الاجتماعات المكثفة التي أجرتها الهيئة مع مبعوثي الدول، ومسؤولين دوليين، مبيناً عملها في نقل الصورة الواقعية لما يجري في سورية وأهمها أن نظام الأسد يرفض العملية السياسية وما يزال يعرقلها منذ نشأتها، مؤكداً ثبات الموقف الدولي الرافض للتطبيع والداعم لقرار مجلس الأمن 2254.
أكد المجتمعون على أهمية الاجراءات كافة التي تصب في إطار تحقيق العدالة من خلال خطوات مساءلة ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بحق الأبرياء، وفي هذا السياق أشادوا بالإجراءات القضائية في فرنسا، وجهود دولتي هولندا وكندا في محكمة العدل الدولية.
وشكر الائتلاف الوطني المنظمات والجاليات السورية التي تعمل بشكل حثيث على متابعة ملف المحاسبة والعقوبات في مختلف أروقة المجتمع الدولي ودعا إلى مزيد من التنسيق وبذل الجهود في سبيل الوصول إلى العدالة ومحاسبة جميع مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
ميدانياً تحدث الحضور عن واقع المناطق المحررة وإسهامات الحكومة السورية المؤقتة في تحسين الخدمات العامة للأهالي وأهمية برامجها بخصوص الأمن الغذائي، وتوليد الطاقة الشمسية، وإعادة تأهيل شبكات المياه والصرف الصحي، والشبكات الكهربائية.
أكد المجتمعون على ضرورة المضي في تعزيز السلطة القضائية المستقلة والنزيهة، وضرورة إتمام تشكيل الجيش الوطني ضمن وزارة الدفاع وبقيادتها، وتعزيز قوى الشرطة المدنية ضمن وزارة الداخلية، مطالبين بضرورة تحقيق الأمن والاستقرار والعدالة في المناطق المحررة، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات والجرائم بحق المدنيين، واتخاذ خطوات حاسمة لإيقاف تعدد الجهات الضريبية وضرورة منع فرض وجباية أي ضرائب إلا من قبل وزارة المالية والاقتصاد، التابعة للحكومة المؤقتة، ووجوب أن يكون النظام الضريبي عادلاً وأن تستخدم وارداته للنهوض بالخدمات العامة، وتحقيق التنمية المستدامة، كما أكدوا رفضهم لفرض أي رسوم جائرة على عودة السوريين إلى وطنهم أو لزيارته، وطالبوا الهيئة السياسية في الائتلاف بمتابعة هذا الموضوع عبر الحكومة المؤقتة مع الجهات المعنية.
كما شددوا على ضرورة تأمين المزيد من الدعم الدولي من برامج الأمم المتحدة الخاصة بالإنعاش المبكر، للنهوض بالشمال السوري اقتصادياً وثقافياً وتنمية الكفاءات الموجودة وترقيتها وتحسين المؤسسات المحلية وتطويرها.
وركز الحضور على الملف التعليمي، وضرورة الارتقاء به لتحقيق المعايير اللازمة للحصول على الاعتراف بالشهادات الجامعية السورية الصادرة عن الجامعات في مجلس التعليم العالي في الحكومة السورية المؤقتة.
وأشاد الحضور بإصرار أهالي السويداء وثباتهم على مواقفهم الوطنية المطالبة بما نادى به عموم أبناء الشعب السوري؛ واستمرار مظاهراتهم السلمية المطالبة بالحرية والكرامة والديمقراطية، وصولاً لدولة المواطنة المتساوية، عبر التنفيذ الكامل والصارم لقرار مجلس الأمن رقم 2254(2015).
شددت الهيئة العامة على مركزية ملف المعتقلين والمغيبين قسرياً في عمل الائتلاف الوطني واجتماعاته الدولية مع مختلف الدول والمنظمات، من خلال المطالبة بالضغوط الجدية على حلفاء النظام لإطلاق سراح أكثر من مائة وخمسين ألف معتقل موثقين بالاسم، ما زالوا قابعين في سجون النظام معظمهم من معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين ومن ناشطي المجتمع المدني.
يؤكد الائتلاف الوطني على ضرورة تحقيق وقف إطلاق نار شامل يضمن سلامة المدنيين والمنشآت الطبية والعامة، حيث ما زال قصف النظام وداعميه يستهدف المدنيين والمنشآت المدنية في إدلب إلى يومنا هذا.
يطالب الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى سورية، وأعضاء مجلس الأمن بتحمل مسؤولياتهم واتخاذ خطوات جدية لتفعيل العملية السياسية في جنيف فيما يخص سبل تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254(2015)، بسلاله الأربع.
كما يؤكد دعمه الكامل لطلب هيئة التفاوض السورية بعقد جلسة خاصة لمجلس الأمن لبحث العقبات والإعاقات التي تواجهها العملية السياسية من قبل النظام لتنفيذ قرار المجلس رقم 2254(2015)، واتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف سياسات التعطيل هذه، وعلى أن تعقد الجلسة بحضور هيئة التفاوض السورية كونها أحد الطرفين السوريين المنوط بهما عملية التفاوض بخصوص تنفيذ القرار المذكور.
يطالب الائتلاف الوطني السوري الأمم المتحدة ومنظماتها المختصة، والدول الأعضاء فيها بالوفاء بالتزاماتها وتعهداتها تجاه حقوق اللاجئين والمهجّرين والنازحين بالحماية وتأمين احتياجاتهم الإنسانية، لاسيما مع بدء فصل الشتاء، ووقف الانتهاكات والإجراءات التي ترتكب وتتخذ بحقهم بهدف دفعهم نحو العودة القسرية وغير الآمنة.
يطالب الائتلاف الوطني السوري بإطلاق آليات تحقيق العدالة والمحاسبة عما ارتكب ويرتكب من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد الأبرياء من الشعب السوري، عبر قرارات ملزمة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة وفيما يتيحه ميثاقها، لوقف تعطيل إطلاق هذه الآليات عبر مجلس الأمن.
تستنكر الهيئة العامة للائتلاف الوطني بأشد العبارات الاجتياح العسكري “الإسرائيلي” لقطاع غزة، وتؤكد على إدانة هذا الاجتياح والمجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق المدنيين الأبرياء في غزة، واستهداف المنشآت الطبية والمدنية وتعرب عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني وضرورة إنهاء معاناته، وتطالب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ببذل أقصى الجهود لوقف العدوان فوراً، والسماح بالمرور الآمن والمستمر للمساعدات الإغاثية والإنسانية، كما تعرب الهيئة العامة للائتلاف عن تأييدها الكامل للمبادرة العربية للسلام الصادرة عن قمة بيروت في العام 2002.
وفي الختام وجّه أعضاء الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية التحية للشعب السوري العظيم على صموده وصبره وإصراره على بلوغ أهدافه في تحقيق مطالبه وتطلعاته المشروعة إلى دولة الحرية والعدالة والقانون والديمقراطية، مؤكدين أن الائتلاف الوطني لا يمكن أن يحيد عن مطالب وتطلعات الشعب السوري التي تعد بوصلة لعمله.