مع قرب انتهاء موسم الزيتون لهذا العام، بدا من الواضح ضعف الإنتاج مقارنة مع العام الماضي، كما وصل سعر الزيت لأرقام قياسية غير مسبوقة، والذي تزامن مع ضعف القدرة الشرائية لدى السكان، ما جعلهم يتجهون لزيوت بديلة لتأمين احتياجاتهم.
بدأ موسم قطاف وعصر الزيتون منذ شهر تقريباً، ورغم ذلك فقد وصل سعر صفيحة الزيت (التنكة) بوزن 16 كغ ل95 دولاراً أمريكياً، بينما كان سعرها في موسم الزيتون العام الماضي 45 دولاراً أمريكياً.
سبب الارتفاع
أرجع المهندس الزراعي محمد شيخ دياب ارتفاع الزيت لهذا العام، إلى فتح باب التصدير من المناطق المحررة إلى أوروبا، وخاصة إسبانيا، التي تعتبر المصدر الأول عالمياً للزيت، فقد شهدت ضعفاً في الإنتاج لهذا العام، وتريد أن تعوضه بالشراء من مناطق أخرى.
وقال شيخ دياب في حديثه لوكالة سنا: إن الانتاج لهذا العام قليل، وكذلك ارتفعت أجور الفلاحة وأجور الفاعل في قطاف الزيتون، والذي تزامن مع تردي الأوضاع الاقتصادية بشكل عام في المنطقة، بسبب الغلاء الفاحش في الأسعار.
وأكد على ذلك المزارع في منطقة معرة مصرين إبراهيم سعد، وقال إن كل شيء غالٍ هذا العام، فأجور الفاعل وصلت لعشر ليرات للساعة الواحدة بمعدل عشر ساعات يومياً، بعد أن كان أربع ليرات في السنة الماضية، إضافة لأجور الفلاحة والسقاية.
وأشار إلى أن الإنتاج قليل لهذا العام، بسبب موجات الحر وتأخر وقلة المطر، فإنتاج الزيتون يتأثر بالأجواء المناخية، فكيس الزيتون بوزن (50) كغ في السنة الماضية، أنتج 17 كيلو من الزيت، فقد بلغ أقصى إنتاج الكيس الواحد من الزيتون 13 كغ من الزيت، وهو رقم قليل مقارنة بالعام الماضي.
وبحسب عدد من المزارعين الذين التقت بهم وكالة سنا، فإن سعر الزيت المرتفع لهذا العام، حسَن من وضع المزارع، ففي السنين السابقة لم يكن يصل الإنتاج لسعر التكلفة، وكانت أسعار الزيت منخفضة جداً ولا يوجد أرباح، إلا أنه ورغم ارتفاع سعر الزيت في هذه السنة فيوجد انخفاض في الإنتاج نتيجة شح في الأمطار وارتفاع درجات الحرارة.
بدائل عن زيت الزيتون
أدى ارتفاع سعر زيت الزيتون لهذا العام، لعجز الكثير من العائلات عن شرائه فاستبدلوه بالزيوت النباتية الأخرى كزيت عباد الشمس وغيره، نتيجة ضعف القدرة الشرائية لدى الناس، فالكثيرون يعجزون عن شراء أكثر من صفيحة زيت الزيتون لتأمين متطلباتهم، وبعضهم لجأ إلى خلط الزيتين لتأمين المونة منه.
وقالت حليمة عبد القادر وهي مهجرة من جنوب حلب إلى بلدة دير حسان شمال إدلب، إننا نكاد ننسى زيت الزيتون وشرائه كـ “مونة” في المنزل، فبعد أن كنا نشتري أكثر من صفيحة زيت، اتجهنا لزيت عباد الشمس لنضعه في الطبخ أو على مائدة الفطور، وهذا حال الكثير من العائلات.
وأكدت ذلك إيمان محمد وهي مهجرة وتسكن في مدينة الدانا شمالي إدلب، وقالت لوكالة سنا: إنني في العام الماضي جهزت مونة المكدوس بخليط بين زيت الزيتون والزيت النباتي، فقد كان سعر زيت الزيتون تقريباً 45 دولاً للصفيحة الواحدة، بينما تجاوز ال90 دولاراً لهذا العام، وهو مبلغ كبير، في ظل ارتفاع آجار المنازل والمواد الغذائية، وقلة فرص العمل.
معاناة المخيمات
تزداد معاناة قاطني المخيمات في كل عام مع دخول فصل الشتاء، نتيجة تسرب مياه الأمطار لداخل الخيام، ناهيك عن العواصف المطرية والهوائية التي تسببت بكوارث إنسانية في العام الماضي.
وبحسب مدير مخيم التح في منطقة معرة مصرين شمال إدلب، عبد السلام اليوسف، فإن غالبية سكان المخيمات حالياً، يعملون في قطاف الزيتون، أو جمع بقايا حبات الزيتون، لتأمين مونتهم من الزيت والزيتون، لعدم قدرتهم على شرائه، بسبب ارتفاع سعره الكبير لهذا العام.
وأضاف اليوسف في حديثه لوكالة سنا، أن انقطاع المساعدات الانسانية لأكثر من سبعة أشهر، زاد من معاناة السكان لهذا العام، والارتفاع الفاحش في الأسعار، ونتيجة عجز الكثيرين عن شراء مواد التدفئة، فقد لجؤوا لجمع بقايا الحطب بين حقول الزيتون، لتأمين التدفئة لهذا العام.
مخاطر القطاف
تنتشر الألغام ومخلفات الحرب في الأراضي الزراعية القريبة من خطوط التماس في كل من جنوب وشرق إدلب وغرب حلب، ورغم الخطر المحدق بهم، عمل المزارعون على قطاف الزيتون من حقولهم قرب خطوط التماس.
أدى ذلك لفقدان عدد من المدنيين نتيجة انفجار ألغام أو مخلفات حرب عليهم أثناء قطاف الزيتون، إضافة لأنهم كانوا عرضة لقصف قوات الاسد القريبة من المنطقة، فقد ارتقى أمس 11 مدنياً في قرية قوقفين جنوبي إدلب، أثناء قطافهم الزيتون.
وارتفعت نسبة العائلات التي تعتمد على المساعدات الإنسانية 84% وسط مخاوف من زيادة النسبة الحالية بالتزامن مع قدوم فصل الشتاء وعدم قدرة المدنيين على تأمين العمل مقارنة بفصل الصيف، وارتفعت نسبة الاحتياجات الإنسانية في مختلف القطاعات بمقدار 18.9% مقارنة بأيلول الماضي، يقابلها نقص في الاستجابة الإنسانية بنسبة 13.8%، بحسب فريق منسقو استجابة سورية.
ونشر مكتب الأوتشا إحصائية تقول إن عدد السكان في شمال غرب سورية يبلغ 4.5 مليون نسمة، منهم 3,7 مليون نسمة بحاجة تقديم مساعدات انسانية، بينما يعاني 2,9 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، كما يبلغ عدد النازحين داخلياً ويعيشون في المخيمات نحو 2 مليون شخص.