كشفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، اليوم الخميس، في تقرير لها أن “الهلال الأحمر السوري والأمانة السورية للتنمية” أدوات نظام الأسد في نهب المساعدات الإنسانية، مشددة على ضرورة إيجاد طرق بديلة لإيصال المساعدات للمستحقين الفعليين في مناطق سيطرة نظام الأسد.
وقالت الشبكة إن “بشار الأسد” فرض سيطرة لحكومته على منظمات المجتمع المدني التي دعمها منذ سيطرته على الحكم، من خلال التحكم بتعيين “الإداريين” فيها واستمرارها تحت سيطرة حكومته، بسبب الاستفادة منها مادياً.
وأشارت إلى أن زوجة المجرم بشار الأسد أسماء الأسد أسست عدة مبادرات ومشاريع مجتمعية، دمجتها لاحقاً تحت لواء منظمة “الأمانة السورية للتنمية”.
كما أكد التقرير أن نظام الأسد استخدم منظمتي “الهلال الأحمر السوري والأمانة السورية للتنمية” بهدف السيطرة على العمل لإغاثي، فقد أصبحتا بمنزلة قوة ناعمة تساعد الأسد على تحقيق أهدافه، وبوابة للاستيلاء على أموال المانحين واحتكار الدعم الدولي، فقد فرضهما نظام الأسد على وكالات الأمم المتحدة والدول المانحة ليكونا البوابة التي تتدفق من خلالها أموال المشاريع الإغاثية والتنموية.
وبحسب التقرير فقد استحوذ نظام الأسد على أموال المساعدات الإنسانية وسخرها لتحقيق أهدافه، كما تحكم بمصائر المستفيدين منها، من خلال تحكمه بالمنظمات غير الحكومية التي تستقبل هذه الأموال وتديرها.
ودرس التقرير حالة “الهلال الأحمر السوري والأمانة السورية للتنمية” على وجه التحديد لأنهما الواجهتان الأساسيتان اللتان اعتمدهما الأسد لتلقي أموال المساعدات.
وأجبر نظام الأسد وكالات الأمم المتحدة والحكومات المانحة في البداية على التعاون مع “الهلال الأحمر السوري” بشكل حصري ليكون الجهة المخولة باستقبال أموال المساعدات، إذ طالب الأسد جميع الوكالات الدولية الإنسانية بتوقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع “الهلال الأحمر السوري”، تقتضي بعدم تنفيذ أي مشاريع أو القيام بأي زيارات ميدانية دون الحصول على إذن “الهلال الأحمر” أولاً، وفي وقت لاحق، انضمت “الأمانة السورية للتنمية” إلى الهلال لتكون وكالة أخرى لتلقي المساعدات.
دوافع نظام الأسد
اختار نظام الأسد، بحسب التقرير، منظمة “الهلال الأحمر والأمانة السورية للتنمية” لسببين أولهما موثوقية حركة “الصليب الأحمر والهلال الأحمر” التي ينتمي لها “الهلال الأحمر السوري”، وثانيهما أن العقوبات المطبقة على النظام ورموزه لا تشمل “الهلال الأحمر” الذي يتلقى دعماً مباشراً ومستداماً من أطراف دولية متعددة منها وكالات الأمم المتحدة ومنظماتها، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
إضافة إلى المساعدات التي تتلقاها المنظمة من الجمعيات الوطنية للهلال الأحمر والصليب الأحمر، مثل الصليب الأحمر البريطاني، والصليب الأحمر الدنماركي، والصليب الأحمر الهولندي، وغيرها.
وبدأ نظام الأسد بإلغاء الانتخابات في منظمة “الهلال الأحمر” مع بداية الحراك عام 2011، والاعتماد على تعيين الإداريين بشكل مباشر، وتزامن ذلك مع ضمان ولاء المتطوعين والموظفين في المنظمة وذلك عن طريق تجنيد المزيد من الموالين للنظام مقابل إخماد صوت المعارضين في صفوف المنظمة باستخدام الوسائل القمعية المعروفة.
كما وثّق التقرير ما لا يقل عن 54 حالة اعتقال لمتطوعين في “الهلال الأحمر”، بينهم 3 سيدات، لا يزالون قيد الاعتقال / الاحتجاز أو الاختفاء القسري ومقتل ما لا يقل عن 5 ضحايا بسبب التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات الأسد منذ آذار/ 2011 حتى تشرين الأول/ 2023.
وعن الفساد، قال التقرير إن من أبرز مظاهر الفساد المنتشرة في “الأمانة السورية للتنمية” أنها شكلت وجهاً “مدنياً” لنظام عسكري سلطوي، حيث عملت من البداية على تلميع صورة هذا النظام، بل والمساهمة أيضاً في التغطية على جرائمه.
وشدّد التقرير على أن منظمة “الهلال الأحمر” أصبحت تحت سيطرة الأجهزة الأمنية بشكل واضح بعد الحراك الشعبي في آذار/2011، واستخدمت تلك الأجهزة بيانات المستفيدين من الهلال لملاحقة المطلوبين أمنياً.
كما وثّقت حالات استخدمت فيها مقرات الهلال للاحتجاز التعسفي، ولم يعد بإمكان المنظمة العمل دون تصريحات أمنية، لا سيما في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، ووثّقت العديد من الحالات التي تمت فيها سرقة المساعدات من قبل فروع الأمن أو الحواجز.
وأضاف أن نظام الأسد مكَّن أسماء الأسد مِن القضاء على منافسيها في مجال العمل الإنساني وساعدها على سحق المنظمات غير الحكومية الأخرى التي فضلت الاستقلالية، ليستطيع النظام السوري التحكم بالقطاع الإنساني عبر الأمانة السورية للتنمية.
وطالب التقرير الدول المانحة بالتأكد من وصول المساعدات إلى محتاجيها بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، وذلك عبر فرض آليات رقابة فعالة على المشاريع التي تمولها، والتواصل بشكل مستقل وحيادي مع المجتمعات المستفيدة من المساعدات للتأكد من وصولها لهم.
كما طالبها بالتأكد من أن الشركاء المنفذين للمشاريع الإنسانية في سورية غير خاضعين للعقوبات، وغير مرتبطين بشخصيات خاضعة للعقوبات أو متهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة.
وأوصى التقرير المجتمع الدولي بإدانة هيمنة نظام الأسد على المساعدات الإنسانية وفرض عقوبات عليه لانتهاكه قواعد القانون الدولي الإنساني، وتحويله منظمة بمكانة “الهلال الأحمر” إلى أداة تتحكم بها الأجهزة الأمنية وتخدم هدف إطالة عمر نظام الأسد.