تصاعدت عمليات تهريب المخدرات من مناطق سيطرة نظام الأسد في سورية إلى الأردن بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية، كما أخذت أشكالاً جديدة من بينها محاولة اجتياز الحدود بقوة السلاح.
وخلال الشهر الجاري أعلن الأردن عدة مرات عن اندلاع اشتباكات مع مهربي المخدرات على الحدود مع سورية، كانت أعنفها في 18 من كانون الأول/ ديسمبر حيث استمرت المواجهات 14 ساعة وانتهت بمقتل واعتقال عدد من المهربين.
وإثر تلك المحاولة شن سلاح الجو الأردني غارات جوية على مواقع في الجنوب السوري، قالت مصادر استخباراتية إقليمية إنها استهدفت مخابئ لمهربي المخدرات المدعومين من إيران، في حين لم تعلن عمّان بشكل رسمي عن هذه الضربات.
وعلى الرغم من تهديدات الأردن بالتصعيد، والمباحثات التي أجراها وزير خارجيته أيمن الصفدي مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان لوقف عمليات التهريب إلا أن محاولات تهريب المخدرات استمرت، وتواصل تدفق الكبتاغون والسلاح نحو المملكة.
وبدا واضحاً الامتعاض الأردني من هذه العمليات حيث شنت الأجهزة الأمنية عدة حملات مداهمة واعتقالات داخل المملكة استهدفت مستقبلي شاحنات الكبتاغون، كما جرى نشر مزيد من الوحدات العسكرية على الحدود السورية.
خيارات الأردن للرد على تهديد كبتاغون الأسد
دفع الخطر المتزايد على الحدود السورية، الأردن إلى تغيير قواعد الاشتباك وتوسيع عمليات الجيش على الواجهة الشمالية والشرقية للتعامل مع أي تهديد قادم منها، وبالفعل منذ أن تم الإعلان عن ذلك قبل أشهر تم قتل واعتقال عدد من المهربين.
ورغم ذلك، حافظ الأردن على تواصلاته مع نظام الأسد وداعميه الروس والإيرانيين في محاولة لإيقاف عمليات التهريب أو الحد منها، إلا أن الجهود الدبلوماسية هذه لم تفلح ولم تثمر عن أي نتائج.
وعن الخطط التي من الممكن أن تلجأ إليها المملكة لوقف تدفق المخدرات، يرى المحلل العسكري العميد مصطفى فرحات أن هناك ثلاثة سيناريوهات للرد الأدني على عمليات تهريب الكبتاغون المتزايدة.
وقال فرحات في حديث لوكالة “سنا” إن السيناريو الأول يتمثل بالرد بشكل محدود المستوى من خلال ملاحقة المهربين أو التوغل لعدة كيلومترات داخل الأراضي السورية وتنفيذ عمليات خاطفة ضد مهربي ومستودعات المخدرات.
وأما السيناريو الثاني، فيتمثل بحدوث توغل أردني داخل الأراضي السورية لمنع عمليات التهريب، لكن العميد فرحات استبعد حدوث ذلك، كون هذا الأمر غير مقبول دولياً لأن المجتمع الدولي يعتبر سورية دولة ذات سيادة.
وأوضح فرحات أن الأردن قد لا يكون قادراً على توسيع الاشتباكات والانخراط في مواجهة مباشرة مع نظام الأسد الذي سيتلقى الدعم من حزب الله وإيران وميليشياتها التي تسيطر بشكل مباشر على الثكنات العسكرية في الجنوب السوري.
ويتمثل السيناريو الثالث بأن يلجأ الأردن إلى تفعيل بعض الفصائل من أبناء الجنوب السوري لمواجهة التهديدات التي يتعرض لها.
لكن هذا السيناريو يقول فرحات إنه مستبعد أيضاً كونه لا توجد رغبة دولية في تبديل الخرائط القائمة في سورية حالياً لأن العبث بها قد يؤدي إلى تصعيد كبير خاصة في ظل الحرب في غزة وتبعاتها من قصف متبادل بين إيران وإسرائيل جنوبي سورية وإيران والولايات المتحدة شرقها.
تهريب المخدرات ومسار التطبيع
تؤكد مصادر أمنية أردنية أن التطورات الميدانية على الحدود انعكست بشكل فعلي على المحادثات السياسية بين الأردن ونظام الأسد، حتى باتت المحادثات بين الجانبين شبه مقطوعة.
ووفقاً لما نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن المصادر فإن عمان أبدت في العديد من المناسبات إنزعاجها من عدم وفاء نظام الأسد بتعهداته وعدم جديته بوضع حد لعصابات التهريب.
وعن هذه النقطة، يقول العميد مصطفى فرحات إن مسار التطبيع العربي مع نظام الأسد والذي لعب الأردن دوراً محورياً به بات بحكم المنتهي، فضلاً عن أن المبادرة العربية ولدت ميتة.
وقال فرحات: “الدول العربية جربت مدى إمكانية ابتعاد نظام الأسد عن إيران مقابل استعادة دوره الإقليمي مع العرب، ولكن هذا المسار اصطدم بصخرة أن بشار الأسد وإيران هما توءم سيامي يصعب فصلهما، خاصة أن وجود النظام فقط هو الذي يضفي الشرعية للوجود الإيراني في سورية”.
فرحات أشار إلى أن نظام الأسد لم يعد يشكل خطراً على سورية ودول الجوار فقط، بل أصبح يهدد المجتمع الدولي والإنسانية جمعاء من خلال نشره للمخدرات بهدف الحصول على الأموال اللازمة لبقائه ولتمويل قواته في ظل انعدام مصادر الدخل والموارد.