تسببت ظروف الحرب على مدار 12 عاماً بفقد العديد من كبار السن لذويهم، الأمر الذي دفعهم للتوجه لدور المسنين، التي شكلت ملاذاً لهم، والتي ساهمت بتقديم الخدمات والرعاية اللازمة لهم.
“دار السلامة” في قرية السلامة في ريف أعزاز بريف حلب الشمالي، تعنى بتقديم الخدمات والرعاية للمسنين خاصة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وأقيمت الدار في مخيم السلامة بالقرب من معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا.
تستقطب الدار من تقطعت بهم السبل من كبار السن، وفقدوا أهلهم وذويهم، وأصبحوا بلا مأوى أو معيل، والبداية كانت في عام 2013 في خيمة، وتدريجياً وصل المشروع لـ ٩ غرف تضم ٤٢ شخصاً من مختلف مناطق سورية، وفق ما قال نزار نجار مؤسس الدار لوكالة سنا.
الهدف إنساني
وتضع الدار، بسبب محدودية الدعم، شروطاً لاستقبال النزلاء من المسنين وذوي الاحتياجات، أبرزها غياب الأهل، والسكن، والقدرة على الرعاية الشخصية لذاته.
وقال نجار في حديثه لوكالة سنا، إن تأسيس الدار جاء من “منطلق إنساني”، فالدار تؤوي سوريين عرباً وكرداً ومن مختلف المناطق السورية، إلى جانب عراقيين وفلسطينيين.
وأضاف أن الدار “غير مدعومة” من أي جهة سواء كانت حكومية أو من قبل المنظمات الإنسانية، إنما تعتمد على التبرعات من قبل ميسوري الحال من المغتربين أو من سكان المنطقة، مشيراً إلى أن الدار بشكل مستمر واقعة بحالة من العجز المالي، لأن الدعم المقدم غير كاف ومستدام.
وتقدّم الدار مختلف الخدمات للنزلاء البالغة أعدادهم 42 نزيلاً بين مسنين وذوي احتياجات خاصة، من مأكل ومشرب ومبيت وتدفئة ورعاية صحية ونفسية ومعالجة فيزيائية، ولمختلف الفئات العمرية، إضافة لمراقبة المركز على مدار 24 ساعة عبر حرس ليلي ونهاري، ونقلهم للمشافي وقت الحاجة، وتأمين الأدوية اللازمة للمرضى منهم.
الشرائح الموجودة
وعن الشرائح الموجودة في الدار قال نجار إنه يوجد أربع شرائح نعمل على تقديم الخدمات الإنسانية لها، وهي شريحة كبار السن، والناجين من الاعتقال، والناس المجهولين الذين وجدناهم في العراء، ومن تقطعت بهم السبل وليس لهم معيل أو أحد من أقاربهم في المنقطة.
فالناجين من الاعتقال هم اثنان، واحد كان معتقل في سجن صيدنايا والآخر في سجن تدمر، فالأول ليس لديه قدرات عقلية نهائياً، والآخر فاقد العقل منذ سنة تقريباً، فقمنا بعلاجه بمشفى الأمراض النفسية بالباب، وعاد شبه طبيعي واندمج في الحياة ووضعه أصبح جيداً، وفق ما قال نجار.
أما شريحة كبار السن، فيوجد منهم شخص تدمر منزله كلياً نتيجة القصف وفقد كامل عائلته من زوجة وأولاد، وفقد عقله نتيجة هذا الأمر، فقمنا بمتابعته وعلاجه، ووضعه الحالي مقبول إلى حد ما.
كما يوجد خمس حالات وجدناهم في العراء مجهولي الهوية، وهؤلاء نطعمهم بأيدينا والاعتناء بنظافتهم الشخصية، إضافة لوجود أشخاص مرحلين من تركيا أو بقوا في المنطقة بعد أن سافر كل أقاربهم أو فقدوهم نتيجة ظروف الحرب، فنقوم في الدار برعايتهم على أكمل وجه.
“عجز كبير”
أشار نجار إلى أنه لا يوجد كادر طبي في المركز، لكن الكادر الوظيفي يتابع كل الحالات المرضية وتأمين التحاليل والصور والأدوية الغير مجانية ونقلهم للمشافي لإجراء بعض العمليات الجراحية، لافتاً إلى أن الكادر في الدار يتألف من رجال ونساء “متطوعين” تتوزع المهام في ما بينهم بين تحضير الطعام والعناية الشخصية والعناية الطبية وإعطاء الدواء بمواعيده والغسيل
.
وقال نجار إن التبرعات للدار لا تغطي سوى ثلثي الكلفة التشغيلية، ما يجعل الدار في حالة عجز شهري، كما تعاني الدار من تكاليف العمليات الجراحية النوعية التي يحتاجها النزلاء بين الحين والآخر.
وأعرب نجار عن أسفه لوضع المسنين الصعب في شمال غربي سورية، فهم من الفئات المنسية على حد قوله، مضيفاً أنه لكل مسن قصته ومأساته وظروفه القاهرة، وناشد بدوره المنظمات الإنسانية للوقوف على احتياجات هذه الشريحة الهشة.
يشار إلى أنه لا تتوفر إحصائيات رسمية جديدة عن عدد المسنين في سورية، إلا أن أحدث التقديرات تشير إلى أن العدد تجاوز 1.7 مليون مسن بنسبة تُقدّر بنحو 7.2 في المائة من تعداد السكان، ومن المتوقع أن يصل العدد إلى 5.7 ملايين نسمة عام 2050، بنسبة 13 في المائة من إجمالي عدد السوريين، وبحسب فريق “منسقو استجابة سورية”، يقيم نحو 800 ألف مسن في مخيمات شمال غربي سورية.