اتفقت الدول الضامنة الثلاث لمسار أستانة، (روسيا وتركيا وإيران)، في بيان الجولة الـ21 الختامي من مسار أستانة، اليوم الخميس، على ضرورة العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم بإشراف أممي، كما تم بحث تفاصيل خفض التصعيد في إدلب، وضرورة الحفاظ على الهدوء، إضافة للتصدي للمخططات الانفصالية في سورية.
حضر ممثلو المعارضة السورية ونظام الأسد اجتماعات الجولة، إضافة لحضور وفود الدول الضامنة تركيا وروسيا وإيران، وحضور الأردن ولبنان والعراق بصفة مراقبين، إضافة إلى الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وانطلقت في العاصمة الكازاخية، الأربعاء الماضي، الجولة 21 من اجتماعات “مسار أستانة”، وبحسب مصادر لوكالة سنا فقد بدأت الاجتماعات بلقاء ثنائي جمع الوفد التركي بوفد الأمم المتحدة، تلته لقاءات بين وفود نظام الأسد وروسيا وإيران والأمم المتحدة.
وذكرت المصادر، أن الجولة عقدت وسط تشديد أمني مقارنة بالجولات السابقة، واستبعدت المصادر حدوث لقاء مباشر بين وفدي المعارضة ونظام الأسد، مشيرة إلى أن اللقاءات كانت مغلقة بشكل كامل أمام الصحفيين، خلافاً لما جرت عليه العادة.
وقف التصعيد على إدلب
من جهته، قال رئيس وفد المعارضة أحمد طعمة لـ”الشرق الأوسط”، إن الوفد ركز في هذه الجولة على 3 ملفات أساسية؛ أولها موضوع تثبيت وقف النار، ومنع الانتهاكات المتواصلة من جانب النظام والجانب الإيراني في منطقة إدلب.
ولفت إلى أهمية هذا الملف في إطار مواجهة المعطيات التي أشارت إلى تحضيرات يقوم بها النظام مع الحليف الإيراني لتوسيع الهجوم على إدلب، مؤكداً أن اللقاءات التي أجراها الوفد حملت إشارات مطمئنة في هذا الاتجاه.
الملف الثاني يركز على “استكمال تبريد الواقع العسكري من خلال الدفع لاستئناف عمل اللجنة الدستورية، والسعي لإزالة العراقيل التي وضعها النظام”، وفي هذا الإطار أكد أن “تقديرنا أن الظروف حالياً أفضل لجهة أن عوامل العرقلة تراجعت”.
وخلال لقاءات المعارضة مع بيدرسن، أشار طعمة بوضوح إلى أن “أسباب العرقلة لم تعد تتعلق بجوهر الملفات المطروحة بقدر ما هي مرتبطة بالإرادة السياسية، وهذا الموضوع سوف يكون إلى جانب موضوع تثبيت وقف النار ومنع تدهور عسكري باتجاه عسكري على رأس الاهتمام خلال الاجتماع مع لافرينتيف”.
والملف الثالث، وفقاً لطعمة، يتعلق بالوضع الإنساني وموضوع المعتقلين، وكشف طعمة عن أن النظام يواصل الامتناع عن مناقشة هذا الموضوع، في إطار لجنة العمل الخاصة بالملف، ما تسبب في عرقلة جهود تم تنسيقها مع الصليب الأحمر الدولي بهدف الإفراج المتزامن عن معتقلين خلال هذه الجولة.
تجنب تأثير غزة وتكثيف العملية السياسية
من جانب آخر، أعلنت وزارة الخارجية التركية أن وفدها في المفاوضات أكد ضرورة “تجنب تأثير الأحداث في قطاع غزة على الوضع في سورية”.
وفي بيان لها، أضافت الخارجية التركية أنه “من المهم أيضاً تكثيف العملية السياسية بشكل فوري، لحل المشكلات الإنسانية في سورية، وإيجاد حل طويل الأمد في إطار قرار الأمم المتحدة 2254”.
و ذكرت وكالة “الأناضول” التركية أن جدول أعمال الوفود خلال اليوم الأول “تركز على التطورات في محيط سورية ومسألة مكافحة الإرهاب”، مشيرة إلى أنه “تمت مناقشة قضايا مثل إعادة إعمار سورية وإطلاق سراح المعتقلين، والبحث عن المفقودين، وعودة اللاجئين”.
وقبيل الجولة، نقل موقع “أثر برس” الموالي عن السفير الإيراني لدى نظام الأسد حسين أكبري أن هذه الجولة من أستانة “ستناقش ملف التقارب السوري- التركي”، الذي شهد حالة من الجمود بعد الانتخابات الرئاسية التركية.
وقال أكبري للموقع، “قبل الانتخابات الرئاسية التركية كدنا أن نصل إلى نتيجة، لكن بعد الانتخابات كانت هناك حالة من الغموض من الطرفين بعضهما لبعض، نحن نسعى إلى أن نرفع هذا الغموض بين الدولتين في جلسة أستانة المقبلة”.
تهريب المخدرات إلى الأردن
وقبيل الاجتماعات، قال المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سورية ألكسندر لافرنتييف، في مؤتمر صحافي، إن المباحثات ستسعى إلى إيجاد حلول وتسوية للمشكلات القائمة، وإنه سيتم إيلاء اهتمام كبير للمفاوضات مع الدول المراقبة “الأردن والعراق ولبنان”.
وأشار المبعوث الروسي إلى أن المباحثات ستتضمن ملف الحدود السورية الأردنية و”حالة ازدياد تهريب المخدرات وما تسببه من مشكلات لدول المنطقة، كما ستجري مناقشة ملف اللاجئين في لبنان ومسألة التهديد الأمني للجماعات الإرهابية على الحدود السورية العراقية”.
لا اختراقات في “أستانا 21”
استبعد موقع الشرق الأوسط تحقيق اختراقات أو تقدم ملموس على صعيد الملفات المطروحة، خصوصاً فيما يتعلق بمساعي استئناف عمل اللجنة الدستورية، أو تسوية بعض الملفات الإنسانية العالقة على مدار جولات التفاوض السابقة، وعلى رأسها ملف المعتقلين والمغيبين، إلا أن التركيز بدا متجهاً نحو تثبيت قرارات وقف النار السابقة، والسعي إلى تأكيد المحافظة على “مسار أستانا” رغم الظروف الإقليمية والدولية المتوترة حول سورية.
تثبيت وقف إطلاق النار
وقال الموقع في حديثه مع دبلوماسي روسي، إن اللافت في هذه الجولة أنها تنعقد وسط تراجع الاهتمام بالملف السوري على الصعيدين السياسي والإعلامي، على خلفية انشغال العالم بتطورات الحرب على غزة والمخاوف من اتساع رقعة الصراع، ويعد هذا أحد العناصر الرئيسة التي دفعت إلى التركيز على مبدأ “تثبيت وقف النار في سورية”، في إطار رفض أي انزلاقات يمكن أن تسفر عن دخول الوضع السوري مرحلة جديدة من الفوضى.
وقال الدبلوماسي إنه “من الواضح أنه في ظروف الوضع الراهن في سورية، لن يحدث أي تقدم في أي ملف، سواء على صعيد اللجنة الدستورية، أو من حيث إحراز تقدم ملموس في العلاقات التركية السورية، أو فيما يخص ملف المعتقلين أو الوضع في إدلب بشكل عام”.
وعقدت آخر جولات مسار أستانة، في 21 حزيران الماضي، في كازاخستان، ولم تحقق الجولة أي اختراقات في القضايا المطروحة على الطاولة، ما خلا تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في شمال غربي سورية، الذي تعرض للعديد من الخروقات من قبل الروس ونظام الأسد، ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من المدنيين في مدن إدلب وبلداتها.