تسبّب زلزال 6 شباط في العام الماضي بتراجع الوضع الإنساني بكل قطاعاته في شمال غرب سورية، فالمنطقة بالأساس تعاني من نقص التمويل وعجز في الاستجابة الإنسانية، وضاعفت الكارثة الإنسانية الاحتياجات، بعد تهدم مئات الأبنية السكنية وتشرد عشرات آلاف المدنيين.
وأطلقت عدة منظمات إنسانية عاملة في مناطق إدلب وحلب، مشاريع إعادة إعمار وترميم المباني المتضررة، ومشاريع سكنية جديدة، بعد الاستجابة العاجلة عبر مراكز إيواء مؤقتة (مخيمات).
تقييم الوضع الإنساني
وفي حديث خاص، قال المدير التنفيذي لمنظمة بنفسج الدكتور قتيبة سيد عيسى لوكالة سنا، إن الوضع الإنساني عندما حدث الزلزال المدمر في 6 شباط العام الماضي كان هشاً، فالكل يعلم أن الناس بنسبة 80 بالمئة يعيشون تحت خط الفقر في شمال غربي سورية، وثلثي المحرر هم بالأصل من النازحين من مختلف المحافظات السورية، ومليون ونصف منهم يعيشون في 1700 مخيم، ناهيك عن وضع التعليم السيئ بعد تسرب أكثر من 1500 طفل.
وأضاف سيد عيسى أن الزلزال زاد من مأساة السوريين في الشمال الغربي، لأن المجتمع هش بالأساس، وبحاجة كل أنواع المساعدات الإنسانية، وأغلب النازحين كانوا في مرحلة إعادة بناء حياتهم، بعد عدة سنوات من نزوحهم.
التحديات
وأشار إلى أن الناس ليس لديها مخزون للطوارئ وكان في حالة نفاد، فكانت هناك عدة تحديات اجتماعية أو اقتصادية، فمن أهم التحديات الاجتماعية أنه مجتمع بدأ يتشكل من جديد، وأغلبه مجتمع مخيمات، وبالتالي زادت الأرامل والأيتام بعشرات الآلاف نتيجة الزلزال.
ومن التحديات الاقتصادية، أن الناس خسرت ممتلكاتها وسياراتها وفرص عملها، بعد أن تدمرت الورشات والمصانع والمحال التجارية، وهناك نسبة كبيرة خسرت أموالها وأوراقها الرسمية تحت الأنقاض.
إضافة لتحديات صحية، بعد إصابة عشرات الآلاف، وبالأصل هناك نقص بالكوادر الصحية ونقص بالمعدات، وانتشار المعاقين، فهم بحاجة رعاية خاصة، ومشاريع صغيرة ليستطيعوا إكمال حياتهم، إضافة لانتشار الأطفال المتوترين، فنسبة كبيرة منهم محطمون نفسياً، لأنهم عاشوا ظروف الحرب والتهجير إضافة للزلزال الأخير، فما هو دورهم في صناعة مستقبل البلد في ظل ظروفهم النفسية الصعبة.
الاستجابة الإنسانية بفترة العشر أيام الأولى للزلزال كانت سيئة جداً، لأن المعابر أغلقت تماماً، والأمم المتحدة لم تستطع القيام بشيء في ظل التدخلات السياسية، مشيراً إلى أنه رغم دخول مساعدات جيدة في 2023 للشمال السورية، إلا أنها لم تكن على مستوى الطموح، فلا يوجد استجابة كما حصل في تركيا، التي قامت ببناء منازل للمتضررين من الزلزال، في حين عملنا في الشمال اقتصر على ترميم المنازل، وفق ما قال سيد عيسى.
مشاريع استجابة للزلزال
دعمت المنظمات الإنسانية منكوبي الزلزال عبر بناء تجمعات سكنية جديدة أو ترميم المنازل المتصدعة، وتقديم مبالغ مالية وسلل غذائية وأدوات منزلية، وتمثل الدعم الحكومي في تسهيل إجراءات العمل للمنظمات والفرق التطوعية والمتطوعين من السكان.
ورغم كارثة الزلزال، عاودت قوات الأسد القصف المدفعي والجوي على مناطق إدلب وريف حلب الغربي، ما تسبّب في تضرر عدد إضافي من المباني المتصدعة إثر الزلزال، فازدادت الحاجة إلى الترميم وإعادة الإعمار.
ويقدّر البنك الدولي أضرار الزلزال بأكثر من 5 مليارات دولار في الشمال السوري، ويحتاج نحو 800 ألف شخص يعيشون في خيام إلى إعادة إسكان، حسبما نقلت “أسوشيتد برس”، وأشارت الوكالة الأمريكية إلى أن المناطق المتضررة بالزلزال في سورية، ولا سيما جنديرس، لم تجرِ أي عملية إعادة إعمار تقريباً، ولا تزال مبانٍ سكنية مجرد أنقاض.
أضرار الزلزال
وقال فريق “منسقو استجابة سوريا” في تقرير له، إن أكثر من 376 ألف مدني تأثروا بالآثار التي خلفها الزلزال، منهم 51 ألف شخص ما يزالون يقيمون في مخيمات ومراكز الإيواء.
وأوضح أن عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية ارتفع بمقدار 200 ألف مدني، ليصل العدد إلى 4.6 مليون نسمة، وأكثر من 21 ألف عائلة فقدت مصادر دخلها الأساسي.
وتسبّب الزلزال بحسب الفريق الإنساني بحدوث تغييرات اقتصادية كبيرة أبرزها، ارتفاع أسعار المواد والسلع المختلفة بنسب وسطية تتراوح بين 75-120%، ووصول حد الفقر المعترف به بعد عام كامل من الزلزال إلى قيمة 9,938 ليرة تركية، ووصول حد الفقر “المدقع” بعد عام كامل من الزلزال إلى قيمة 7,844 ليرة تركية.
وعلى الصعيد الإنساني، قال إن نسبة الاستجابة الإنسانية المخصصة لمتضرري الزلزال لم تصل إلى الحد الذي يتناسب مع الاحتياجات الهائلة التي خلّفها الزلزال، ولم تتجاوز عتبة 53.73%، وعلى صعيد ترميم المنشآت والبنى التحتية التي تضررت من الزلزال، بلغت نسبة إصلاح الأضرار داخل تلك المنشآت 62 % أي أن 38 % ما زالت تشكل تهديداً محتملاً في حاول تعرض المنطقة لكوارث جديدة.
ونشرت تقارير محلية عن تسجيل أكثر من 4500 حالة وفاة وأكثر من 10400 إصابة في شمال غربي سورية، وشرّد أكثر من 57 ألف عائلة بعد أن تأثرت به ما لا يقل عن 148 مدينة وبلدة، ودمّر أكثر من 1869 بناء بالكامل، ولحقت أضراراً جزئية بأكثر من 8731 مبنى.