بسبب استمرار الحرب والقصف طيلة 12 عاماً، ازدادت أعداد ذوي الإعاقة في شمال غربي سورية، وبسبب غياب المشاريع الإنسانية المقدمة لرعايتهم، فإنهم يعيشون ظروفاً إنسانية صعبة.
دفع ذلك عدداً من الناشطين في المجال الإنساني مؤخراً لإطلاق الرابطة السورية لذوي الإعاقة في منطقة شمال غربي سورية، وهي رابطة تعمل على خدمة ودعم الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال إحصاء وإدارة حالاتهم، وإعداد وتقديم المشاريع التي تهدف إلى بناء القدرات وإكساب المهارات للأشخاص ذوي الإعاقة وتقديم الدعم النفسي والتعليمي والصحي لهم، إضافة لتعزيز حقوقهم وتحسين جودة حياتهم ودمجهم في المجتمع.
تهدف الرابطة بحسب المدير التنفيذي لها أحمد سعيد، إلى التوعية والتثقيف، فتقوم الرابطة بتعزيز الوعي والتثقيف والتدريبات حول قضايا الإعاقة وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتوفر الرابطة الدعم النفسي والاجتماعي للأفراد ذوي الإعاقة وعائلاتهم، من خلال جلسات استشارية ومجموعات دعم للتعامل مع التحديات النفسية والاجتماعية إضافة لتوفير فرص التعليم المناسبة للأشخاص ذوي الإعاقة، سواء في المدارس العامة أو المدارس الخاصة أو منصات التعليم عن بعد.
وتوفير الدعم الطبي والعلاجي للأفراد ذوي الإعاقة، من خلال توجيههم للخدمات الصحية المناسبة وتوفير العلاجات اللازم، والعمل على تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة وجعلهم أشخاصاً منتجين من خلال تنظيم وإعداد مشاريع وبرامج التدريب المهني والحرفي لهم وتشجيعهم عليها.
إضافة للتشارك مع المؤسسات والجهات المعنية في تشكيل وتعديل السياسات والقوانين ذات الصلة، وتنظيم فعاليات اجتماعية وثقافية لتعزيز التواصل والتكامل في المجتمع، وبالتالي تعزيز حقوق ذوي الإعاقة.
رؤية الرابطة
تعمل الرابطة وفق رؤية تتمثل بوجود مجتمع متكافل يُمكّن ذوي الإعاقة ويمنح الفرص لهم، وتسعى لتكون القوة المحفزة والمؤثرة في دعم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتحسين جودة حياتهم بما يتوافق مع المعايير العالمية.
وقال أحمد سعيد لوكالة سنا: إننا نعمل بتفانٍ لجلب وتقديم الدعم والتوجيه والمساعدة لذوي الإعاقة، لتحقيق إمكانياتهم الكاملة، وتعزيز التوعية والتغيير الاجتماعي، لنساهم في إنشاء مجتمع شامل ومتساوِ يحتضن ويحترم تنوع القدرات والمساهمات.
وأضاف: نتطلع لبناء مستقبل مشرق يجمع بين التعايش والتضامن، حيث يحظى كل فرد بالفرص اللازمة لتحقيق طموحاته ومساهمة قيمة في نماء وازدهار سورية، ونعمل بدون تحيز أو تمييز على أساس ديني أو عرقي أو انتماء.
الاحتياجات
أشار سعيد إلى أن الرابطة السورية لذوي الإعاقة ترى أن تكون المنظمات أول من يواجه التمييز وتعمل على توفير فرص عمل مناسبة لهم، إضافة لضرورة تشجيع المؤسسات الخاصة على توظيف ذوي الإعاقة وتقديم حوافز مالية لأصحاب الأعمال الذين يوظفونهم، وتوفير برامج تدريب مهني ودعم مالي لتأسيس مشروعات فردية لذوي الإعاقة.
كما يجب أن تعمل كل الجهات المعنية بهذه الشريحة معاً لتحسين واقع ذوي الإعاقة وتوفير الفرص اللازمة لهم، وأن يشمل توفير المساعدات والأجهزة والتكنولوجيا المناسبة لتمكينهم من المشاركة والاندماج في المجتمع بشكل فعال ومستقل، وتقديم الرعاية والتدريب والتثقيف والتوعية لهم ولأسرهم وللمجتمع بأسره، وفق ما قال.
ويؤمن القائمون على الرابطة بأن ذوي الإعاقة لديهم حقوق متساوية مع غيرهم من المواطنين، وأنهم يستطيعون المساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية إذا تلقوا الدعم اللازم.
إحصائيات غير دقيقة
يعيش عدد كبير من ذوي الإعاقة في شمال غرب سورية، وهذا يعود جزئياً إلى الصراع المستمر والقصف الذي أثر على الكثير من الأشخاص وأدى إلى الإصابات والإعاقات.
وفقاً لبرنامج تقييم الاحتياجات الإنسانية في الأمم المتحدة، فإن نسبة ذوي الإعاقة في المفهوم الموسع للإعاقة في شمال غرب سورية تصل إلى 28 %، وعددهم يبلغ 748,473 فرداً. من بينهم 146,486 فرداً يعانون من إعاقات شديدة ويشكل 5.48 % من إجمالي السكان.
ونبّه سعيد إلى هذه الإحصائيات تعتبر مجرد أرقام غير دقيقة، في حين أن الحقيقة قد تتجاوز تلك الأرقام، ولا يوجد إحصائيات كاملة عند جهة واحدة، وإنما إحصائيات متفرقة لدى الجهات العاملة في المجال الإنساني الموزعة جغرافياً حسب مناطق عملها في شمال غرب سورية، بينما تسعى الرابطة كجهة رسمية تعنى بشؤون ذوي الإعاقة في شمال غرب سورية لتوفير قاعدة بيانات شاملة ونوعية لأعدادهم.
وقال أحمد سعيد إن الدراسات تظهر أن ذوي الإعاقة يعانون من انخفاض نسبة التعليم بينهم وصعوبة في الاندماج مع المجتمع حتى إنهم يجدون صعوبات كبيرة في تأمين احتياجاتهم اليومية، كما أن ذوي الإعاقة يواجهون تحديات كبيرة في منطقة الحرب، فهم يواجهون خطر القصف والنزوح والتمييز والعنف.
وأضاف أنهم لا يجدون الرعاية الصحية اللازمة أو المساعدات التي تساعدهم على التكيف مع ظروفهم، فكثير منهم يفقدون أحباءهم أو يتعرضون للإصابة أو التشويه، ويشعرون بالوحدة واليأس والإحباط، ويحتاجون إلى دعم نفسي واجتماعي وإنساني للتغلب على مصاعبهم والحفاظ على كرامتهم.
إضافة لمعاناة ذوي الإعاقة في إيجاد فرص عمل في القطاعات الخاصة وحتى في المؤسسات والمنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة، ونوه سعيد إلى أن التحديات مستمرة، ويجب أن يعمل المعنيون بهذا الملف معاً، لتحسين واقع ذوي الإعاقة وتوفير الفرص اللازمة لهم، ليكون ذوو الإعاقة أفراداً فاعلين ومنتجين في المجتمع.
وفي إطار أنشطة الرابطة، حضر وفد من الرابطة السورية لذوي الإعاقة يوم الاثنين ١٢/٢/٢٠٢٤ ورشة عقدها مكتب الأوتشا لتنسيق المساعدات الإنسانية ضمت 83 نقابة وفريقاً تطوعياً، لمناقشة أهم التحديات التي تواجهها المجتمعات المتضررة من حيث المشاركة باتخاذ القرار وتحديات المساءلة للاستجابة الإنسانية.
ووفق مكتب الأوتشا فقد شملت المقترحات ومخرجات الورشة مشاركة المعلومات بشفافية مع الفرق التطوعية لتشاركها بدورها مع المجتمعات المحلية، وإيجاد آلية لتفعيل دور الفرق التطوعية لجمع التغذية الراجعة من المجتمعات المحلية وإيصالها لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية وصنّاع القرار.
كما تم الاتفاق على تكرار هذه الاجتماعات بصورة دورية في الشمال السوري، لتكون النواة لتحديد أهم التدخلات التي يجب العمل عليها لتطوير نظام المساءلة تجاه السكان المتضررين.
وتعاني منطقة شمال غربي سورية وفق فريق منسقو الاستجابة الإنسانية من انخفاض معدلات الاستجابة الإنسانية من قبل المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة بشكل واضح، حيث وصلت نسبة 47 % وبنسبة 39.79 % في المخيمات خلال 2023 مع استمرار الانخفاض نتيجة تزايد الاحتياجات الإنسانية في المنطقة وضعف عمليات التمويل.