أصدرت “الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان”، اليوم تقريرها السنوي الثالث عشر عن التعذيب في سورية، بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب 26/ حزيران، وذلك بهدف إبراز الممارسات الوحشية للتعذيب والتي تفاقمت على نحو متصاعد منذ عام 2011، وإظهار حجم الخسائر والأضرار التي طالت الضحايا والتي لا تزال أثارها الكارثية ممتدة حتى اليوم.
وأشار التقرير إلى أنَّ حصيلة الذين قتلوا بسبب التعذيب قد بلغت 15383 شخصاً منذ آذار/ 2011 حتى حزيران/ 2024 بينهم 199 طفلاً و115 سيدة (أنثى بالغة).
قال التقرير إنه وفقاً لقاعدة بيانات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان فإنَّ ما لا يقل عن 157287 شخصاً، بينهم 5264 طفلاً و10221 سيدة، لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري في مراكز الاحتجاز التابعة لأطراف النزاع في سورية من بينهم ما لا يقل عن 112713، بينهم 1305 أطفالٍ و6698 سيدة، في عداد المختفين قسرياً منذ آذار/ 2011 حتى حزيران/ 2024. ويعتبر النظام السوري مسؤولاً عن 86% منهم.
ووثَّق التقرير مقتل ما لا يقل عن 15383 شخصاً بسبب التعذيب منذ آذار/ 2011 حتى حزيران/ 2024 على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سورية، من بينهم 199 طفلاً و115 سيدة (أنثى بالغة)، نظام الأسد مسؤول عن مقتل 15098، بينهم 190 طفلاً و95 سيدة، وتنظيم داعش مسؤول عن مقتل 32، بينهم 1 طفل و14 سيدة.
ووفقاً للتقرير فإنَّ نظام الأسد قد اعتقل النسبة الأكبر من المواطنين السوريين، ويتعرض المعتقل إلى شكلٍ أو أكثر من أشكال التعذيب، وهذا يدل على أنَّ حصيلة الذين قتلوا بسبب التعذيب كان نظام الأسد هو المتسبب الأكبر فيها، حيث إنَّ قوات الأسد مسؤولة عما لا يقل عن 98% منها وهذا العدد الهائل من الضحايا بسبب التعذيب، يؤكد على أنَّها ممارسة منهجية، ومتكررة، وترتكب بشكل واسع بحقِّ عشرات آلاف المعتقلين فهي بالتالي تُشكِّل جرائم ضد الإنسانية.
ولفت التقرير إلى أنَّ محافظتي حمص ودرعا في مقدمة المحافظات التي فقدت أبناءها بسبب التعذيب حيث إنَّ ممارسة نظام الأسد لعمليات التعذيب في كثير من الأحيان تأتي على خلفية انتماء الضحية لمنطقة ما مناهضة للنظام كنوع من الانتقام الجماعي في مراكز احتجازه.
وأضاف التقرير أنَّ الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان سجلت ما لا يقل عن 1632 شخصاً، بينهم 24 طفلاً، و21 سيدة، و16 حالة من الكوادر الطبية، لمختفين تم تسجيلهم على أنَّهم متوفون في دوائر السجل المدني، وذلك منذ مطلع عام 2018 حتى حزيران/ 2024، لم يُذكَر سبب الوفاة، ولم يسلِّم النظام الجثث للأهالي، ولم يُعلن عن الوفاة وقت حدوثها.
ووفقاً للتقرير تمكَّنت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان من تحديد هوية 1017 ضحيةً من بين قرابة 6786 ضحيةً ظهروا في الصور المسربة من المشافي العسكرية التابعة لقوات الأسد “صور قيصر”، منها 836 حالة كانت مسجلة سابقاً في قاعدة بيانات ضحايا القتل بسبب التعذيب لدى المنظمة.
أكَّد التقرير أنَّ نظام الأسد مستمر بانتهاك قرار محكمة العدل الدولية ولم يتخذ أي تدابير لوقف التعذيب في مراكز احتجازه حيث تقوم الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان بمراقبة يومية دقيقة لانتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان في مراكز الاحتجاز التابعة لنظام الأسد، وعمليات الاعتقال/الاحتجاز التي تقوم بها قواته، إضافةً إلى التشريعات المحلية ذات الصلة التي يصدرها أو يلغيها أو يعدلها، أو التغييرات في المنظومة الأمنية التي تعتبر المتورط الأساسي في ارتكاب الانتهاكات ضد المدنيين في سورية.
وقد وثَّقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان منذ صدور قرار محكمة العدل الدولية في 16/ تشرين الثاني/ 2023، وحتى 16/ أيار/ 2024، 534 حالة اعتقال تعسفي بينهم 8 أطفالٍ، و21 سيدة، تمَّ اعتقالهم داخل مراكز الاحتجاز التابعة لقوات الأسد، أفرج عن 63 حالة منهم، وتحول 471 منهم إلى حالة اختفاء قسري، كما سجلت 29 حالة قتل بسبب التعذيب داخل مراكز الاحتجاز التابعة لقوات الأسد، وسجلت تسليم جثمان واحد فقط من الضحايا لذويه، بينما لم تسجل تسليم جثامين الضحايا الآخرين.
إضافة إلى ذلك سجلت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان 14 حالة، لمختفين تم تسجيلهم على أنَّهم متوفون في دوائر السجل المدني، وأشارت إلى أنَّ من بين الحالات التي تم تسجيلها عدداً من الضحايا الذين هم على صلة قربى فيما بينهم، وحالات لنشطاء سياسيين وطلاب جامعيين، وفي جميع الحالات لم يُذكَر سبب الوفاة، ولم يُسلِّم النظام الجثث للأهالي، ولم يُعلن عن الوفاة وقت حدوثها.
ودعا التَّقرير المجتمع الدولي والدول الأطراف في اتفاقية مناهضة التعذيب باتخاذ ما يلزم من إجراءات لإقامة ولايتها القضائية على مرتكبي جرائم التعذيب، واتخاذ إجراءات عقابية جديَّة بحقِّ النظام السوري لردعه عن الاستمرار في قتل المواطنين السوريين تحت التعذيب، والضغط على بقية أطراف النزاع بمختلف الطرق الممكنة لوقف استخدام التعذيب بشكل نهائي.
كما يدعو الدول الموقِّعة على اتفاقيات جنيف أن تُكافح الجرائم ضدَّ الإنسانية وجرائم الحرب، والدول التي تتمتع بولاية قضائية عالمية أن تُسهمَ بشكل أكبر في دعم رفع قضايا بشكل أوسع ضد مرتكبي الانتهاكات في سورية.
وأوصى التَّقرير محكمة العدل الدولية أن تصدر بياناً تقيّم فيه مدى التزام النظام السوري بالإجراءات المؤقتة التي أصدرتها، وذلك بعد مضي أكثر من 8 أشهر على القرار.
وطالب أطراف النزاع في سورية بالتوقف الفوري عن كافة أساليب التعذيب، وانتزاع الاعترافات تحت التعذيب، والالتزام بمبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان، والتحقيق في جميع عمليات التعذيب والوفيات بسبب التعذيب، وتعويض الأسر والضحايا. والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين تعسفياً وبشكل خاص الأطفال والنساء، وكشف مصير عشرات آلاف المختفين قسرياً.