كشفت تركيا عن مفاوضات مستمرة مع روسيا لإعادة تسيير الدوريات المشتركة على طريق حلب – اللاذقية الدولي (إم 4) في إدلب، بموجب اتفاق موقع بينهما في آذار 2020 على فتح الطريق، وهو ما ينظر إليه على أنه أولى خطوات إعادة العلاقات بين أنقرة ودمشق إلى طبيعتها.
ورداً على سؤال، خلال إفادة أسبوعية لوزارة الدفاع التركية، أمس الخميس، حول العودة لتسيير دوريات مشتركة مع روسيا على طريق “إم 4″ في إدلب، قال مسؤول بالوزارة:،” كنا نتحدث عن السيطرة على أمن الطريق السريعة (إم 4) منذ البداية، المفاوضات بشأن هذه القضية مستمرة”.
وأضاف أن “تركيا تبذل قصارى جهدها لضمان السلام والهدوء في المنطقة، وستواصل القيام بذلك في المستقبل من أجل الإسهام في الاستقرار والسلام، ولا تتوانى عن بذل أي جهد لتحقيق ذلك، ولا تتهرب من تحمل المسؤولية.
جاءت تصريحات المسؤول العسكري التركي، بعد أسبوع من اجتماع وفدين عسكريين تركي وروسي في مدينة سراقب شرق إدلب، الأسبوع الماضي، تناول عدداً من الملفات، من بينها فتح الطرق والمعابر الداخلية بين مناطق سيطرة قوات الأسد، ومناطق سيطرة فصائل المعارضة، برعاية تركية – روسية استناداً إلى التفاهمات السابقة بين موسكو وأنقرة.
وتناول الاجتماع، أيضاً، التصعيد العسكري المتبادل والمتكرر بين الفصائل في إدلب وقوات الأسد، والاستهدافات المتكررة التي تتعرض لها نقاط المراقبة العسكرية التركية في منطقة خفض التصعيد في إدلب التي تعد إحدى مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سورية.
وتشهد المنطقة استهدافات متكررة من قبل قوات الاسد وتصعيد في استخدام الطائرة المسيرة الانتحارية التي تسهدف المناطق الآهلة بالسكان في غرب حلب وجنوب وشرق إدلب، اضافة لقصف مدفعي متكرر.
وبدأت أنقرة، عقب اجتماع وزراء الدفاع التركي والروسي ونظام الأسد في موسكو، في 28 كانون الأول 2022 التركيز على ملف فتح طريق “إم 4″، الذي كان استمرار إغلاقه نقطة سلبية سجلتها موسكو على أنقرة منذ توقيع مذكرة التفاهم في موسكو بمارس 2020، ووضع الملف مرة أخرى على الطاولة خلال محادثات ولقاءات التطبيع بين تركيا ونظام الأسد.
وأبدت تركيا رغبتها في تشغيل الطريق بإشراف ثلاثي منها مع روسيا ونظام الأسد، التي تمسكت دائما بأن تكون لها السيطرة الكاملة على الطريق التي تسيطر قوات الأسد على معظمها، بينما تسيطر القوات التركية وفصائل المعارضة على قطاع صغير منها.
وبحسب مذكرة التفاهم التركية الروسية بشأن وقف إطلاق النار في إدلب، التي وقعت في موسكو في 5 آذار، بعد أحداث وقعت أواخر شباط من العام ذاته، قتل فيها أكثر من 30 جندياً تركياً في هجوم لقوات الأسد، وردت تركيا بتنفيذ عملية عسكرية باسم “درع الربيع”، تعهدت أنقرة بفصل ما يعرف بفصائل المعارضة المعتدلة عن هيئة تحرير الشام، وإخراج الأخيرة من إدلب، مع فتح طريق “إم 4″، وتسيير دوريات تركية روسية مشتركة على جانبي الطريق بعمق 6 كيلومترات شمالاً وجنوباً.
وسيرت القوات التركية والروسية بالفعل كثيراً من الدوريات على الطريق عقب تفاهم موسكو، لكنها توقفت منذ آب 2020 بسبب الهجمات المتكررة التي استهدفت العناصر الروسية المشاركة بالدوريات، وتحميل موسكو تركيا المسؤولية عن عدم إخراج المجموعات الإرهابية والمتشددة بأسلحتها من إدلب، وفي مقدمتها “هيئة تحرير الشام”، وفق ما ذكر موقع الشرق الأوسط.
وطرحت تركيا خطة لتشغيل طريق “إم 4″، وفتح طريق الترانزيت عبر سورية، من خلال إعادة تشغيل معبر باب الهوى الخاضع لسيطرة هيئة تحرير الشام، الذي يطالب نظام الأسد بالسيادة عليه، والإشراف على تشغيله.
أهمية طريق “إم 4”
يعد فتح هذه الطريق أمراً مهماً لمختلف الأطراف، إذ تربط هذه الطريق الساحل بحلب أكبر المدن السورية، وبالمحافظات الواقعة شمال وشمال شرقي سورية.
وتربط هذه الطريق بين طريق دمشق – حلب “إم 5” والطريق الساحلية “إم 1″، الرابطة بين مدن ومحافظات الساحل السوري الذي يمر بمحاذاة قاعدة حميميم العسكرية الروسية في ريف اللاذقية.
وبالتالي تعد طريق “إم 4” خط إمداد بين حلب واللاذقية لقوات الأسد والقوات الروسية، وتلتقي الطريقان بجنوب اللاذقية، على مسافة 10 كيلومترات شمال القاعدة الروسية، ويتم التوجه بعدها نحو الشرق باتجاه ريف إدلب، والمرور بين ناحيتي سلمى وربيعة في ريف اللاذقية، وريف إدلب بالقرب من بلدة بداما، ثم الدخول إلى أولى المدن الاستراتيجية على الطريق، وهي جسر الشغور، لتصل بعد قرابة 25 كيلومتراً إلى مدينة أريحا شرقاً، وبعدها تتجه إلى سراقب على بُعد نحو 20 كيلومتراً من مدينة أريحا، لتلتقي قبل الانطلاق نحو حلب بالطريق الدولية حلب – دمشق “إم 5”.
وتسيطر فصائل المعارضة حالياً على نحو 124 كيلومتراً من الطريق، في القطاع الممتد بين بلدتي بداما والنيرب، مروراً بمدينة أريحا وجسر الشغور.