في تقرير تحت عنوان “السيناريو السوري لروسيا.. الحرب الأوكرانية تستهدف اقتصاد روسيا”، سلطت الصحيفة الإيرانية، “آفتاب نيوز”، الضوء على الأحداث الإقليمية والدولية المتسارعة وتداعياتها السلبية، الاقتصادية والجيوسياسية، على كل من بوتين والأسد وطهران، متوقعة أن هذه التداعيات يمكن أن تؤثر سلبياً على حجم وشكل الدعم الإيراني المستمر منذ أكثر من عقد للزمن للأسد، وتؤدي لخسارة روسيا في اللعبة الدولية التي تجري في أوكرانيا.
وفي خضم تقديمها لنقد ضمني لسياسات إيران الإقليمية والدولية وخطوطها العريضة المحددة من قبل المرشد الأعلى، ولا سيما في سورية، بيّنت الصحيفة تحت عنوانها العريض، أن كلاً من فلاديمير بوتين وبشار الأسد ليسا في وضع جيد هذه الأيام، موضحةً أن أحدهما في حرب استنزاف ومكلفة للغاية في أوكرانيا، والآخر في وضع سيئ للغاية في مجال الاقتصاد.
وتطرقت الصحيفة الإيرانية بداية للإشارة للاختراق الأخير للجيش الأوكراني عمق الأراضي الروسية لأول مرة، موضحةً أن ضغط الجيش الأوكراني كان قوياً لدرجة أن الجيش الروسي حاول الانسحاب في بعض المناطق، فيما وصفته بأول احتلال لروسيا من قبل دولة أجنبية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وفق ما نقل موقع “تلفزيون سوريا”.
وبحسب آفتاب نيوز، فأدى الصراع المستمر منذ أكثر من عقد من الزمان إلى تدهور كبير في رفاه الأسر السورية، حيث يعيش 27 في المئة من السوريين (نحو 7.5 مليون شخص، واحد من كل أربعة سوريين تقريباً) في فقر مدقع.
وذكرت آفتاب نيوز أن حدة هذا الفقر قد زادت بسبب الآثار المدمرة لزلزال شباط/فبراير 2023، الذي أودى بحياة نحو 6000 شخص في جميع أنحاء سورية.
وبيّنت آفتاب نيوز أن هناك عدة أسباب خارجية ساهمت في “تراجع رفاهية الأسر السورية” في السنوات الأخيرة، وتشمل الأزمة المالية التي اجتاحت لبنان المجاور منذ عام 2019، وتداعيات جائحة “كوفيد-19″، والحرب الروسية الأوكرانية.
وذكرت الصحيفة أن إحدى الأزمات التي أثرت مؤخراً على الشعب السوري هي التضخم الاقتصادي الحاد في البلاد، حيث يتم حالياً تنفيذ العديد من المعاملات التجارية في سورية من خلال وزن النقود.
وأكدت الصحيفة أن هذا التغيير هو نتيجة مباشرة للانخفاض الحاد في قيمة الليرة، مما أجبر التجار والناس العاديين على حمل كميات كبيرة من الأوراق النقدية حتى لمشترياتهم اليومية، وخلق هذا التضخم مستوى جديداً من اليأس في سورية، موضحةً أن الاقتصاد السوري قد دخل مرحلته الأكثر هشاشة، وأن احتمال حدوث انتعاش جدي هو أمل بعيد المنال، حيث إن التحديات المالية للبلاد تفوق بكثير الحلول المقدمة.
وتوقعت الصحيفة أن تكون روسيا هي الطرف الخاسر في يتعلق باللعبة الدولية التي تجري في حرب أوكرانيا، خلافاً لما قاله المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، مؤكدة أن أفضل طريقة لزيادة المنافسة الإقليمية لإيران مع الجهات الفاعلة الأخرى هي استعادة العلاقات الطبيعية وحتى الفورية مع مجموعة الولايات المتحدة وأوروبا والمحيط الهادئ وشرقي آسيا.
وفيما يتعلق بالتداعيات الجيوسياسية لهزيمة روسيا على إيران، نقلت أفتاب نيوز عن يد الله كريمي بور، أستاذ الجغرافيا السياسية في جامعة الخوارزمي، قوله إن روسيا ستفقد موقعها في جنوبي القوقاز أيضاً. ورجح كريمي بور أن تكون المنافسة بين تركيا وأوروبا وأميركا، وبدرجة أقل الصين، من أجل توسيع النفوذ في القوقاز هي القضية الرئيسية.
ويضيف كريمي بور: بما أن أرمينيا أصبحت الآن خارج المظلة الروسية، تحل فرنسا واليونان وأميركا وبقية أوروبا رويداً رويداً محل روسيا، وباكو متشابكة مع أنقرة. وسيكون الجهد الرئيسي لجميع الدول هو إيجاد طريقة للخروج من السجن التاريخي والجغرافي لروسيا.
وحذّرت الصحيفة من أن عملية إخراج روسيا من القوقاز يمكن أن تزيد من تباعد الجسم الشعبي في الشمال الغربي (محافظة أذربيجان الإيرانية) عن طهران.
وأكدت الصحيفة أن الأبعاد الجيوسياسية لهزيمة روسيا الحتمية على إيران أوسع بكثير من تلك المذكورة، ودعت صناع القرار في إيران للتركيز على التمكين القسري لإيران على نطاق إستراتيجي.
وتعليقاً على تداعيات الأزمة الاقتصادية الحادة في سورية واحتمال حدوث تمرد في البلاد، نقلت آفتاب نيوز عن الباحث في شؤون الشرق الأوسط محمد عثماني أن التضخم الاقتصادي الحاد في سوريا قد أثر بشكل كبير على حياة الناس اليومية.
وأضاف: ارتفعت أسعار السلع والخدمات بشكل كبير، وانخفضت القوة الشرائية للناس بشكل كبير. وبين عثماني أن هذه الظروف يمكن أن تؤدي إلى استياء واسع النطاق ووضع محتمل من الثورات الشعبية.
وسلط التقرير الضوء على معاناة المجتمع السوري والانقسامات السياسية والأيديولوجية والدينية من جراء الحرب المستمرة منذ أكثر من عقد، مبينة أن الشعب السوري منقسم اليوم في المجال المحلي ما بين “مع أو ضد الحكومة”، أو “مع أو ضد أيديولوجية الحكومة”، أو “مع أو ضد المقاومة”.
وتابع التقرير: خلقت ظروف أزمة الهوية الوطنية وضعاً اجتماعياً معقداً. ومع تأثر العديد من الدول الأخرى في المنطقة بالأزمات الإقليمية، يمكن أن يتسبب ارتفاع التضخم وانخفاض القوة الشرائية والسخط الاجتماعي والسياسي في سورية باحتجاجات وأعمال شغب، خاصة إذا ما كانت الحكومة غير قادرة على معالجة المشاكل الاقتصادية بشكل صحيح. وأكد التقرير أن سورية باتت دولة متحللة تعيش على المنفسة الاصطناعية لإيران وروسيا.
وحذّر التقرير من أن حكومة النظام الضعيفة ستواجه بلا شك دماراً كاملاً، بعد أن أصبحت روسيا غير قادرة على تقديم الدعم الاقتصادي نتيجة الحرب مع أوكرانيا، ومواجهة إيران مشكلات اقتصادية نتيجة الحرب بالوكالة مع إسرائيل التي بلغت ذروتها بعد 7 أكتوبر.
وأشارت الصحيفة إلى أن إيران دعمت بقوة نظام بشار الأسد خلال الثورة. وشمل هذا الدعم تقديم المساعدة العسكرية والمالية والإنسانية. ومع ذلك، استدركت الصحيفة قولها بأن الأزمة الاقتصادية في سورية والتضخم المرتفع قد يضعان إيران في موقف صعب في ظل مشاكلها الاقتصادية والعقوبات الدولية.
وأوضحت الصحيفة أنه قد يكون لدى إيران موارد محدودة لمواصلة دعم سورية. ومع ذلك، من المرجح أن تواصل إيران دعمها بسبب أهمية سوريا الإستراتيجية لإيران، على الرغم من أن هذا الدعم قد يتغير بأشكال مختلفة ويتضاءل تدريجياً.
وأكد التقرير أن إضعاف النظام كحليف وثيق لإيران يمكن أن يكون له آثار متعددة على سياسات إيران، ويمكن أن يؤثر تراجع قوة سورية على قدرة إيران على ممارسة النفوذ في القضايا الإقليمية.
وأشارت الصحيفة إلى أن انهيار النظام سيؤدي إلى خسارة إيران “للحاجز الحديدي لمقاومتها” في المنطقة ضد إسرائيل والغرب.
ولهذا السبب توقفت حركة جذب نظام الأسد إلى الجسد العربي، التي بدأت، بسبب قرب بعض الدول العربية في منطقة الخليج العربي من إسرائيل، لأن التحرك نحو المواجهة المادية مع تيار المقاومة في المنطقة قد بدأ، بحسب وصف الصحيفة الإيرانية.