خاص – وكالة سنا
تمر مناطق سيطرة الأسد بأزمة إنسانية مع اقتراب فصل الشتاء، حيث يعاني الأهالي من صعوبة في تأمين متطلبات التدفئة في ظل تخفيض الكميات المخصصة لكل عائلة.
وقرّرت “وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك” في حكومة الأسد رفع سعر المازوت المدعوم المخصص للتدفئة من 2000 ليرة سورية إلى 5000 ليرة سورية في مطلع الشهر الجاري، في خطوة جديدة لتعديل أسعار المحروقات بحجة “المصلحة العامة”.
القرار الذي وقّعه وزير “التجارة الداخلية” لؤي المنجد، جاء وسط أزمة محروقات خانقة تواجهها مناطق الأسد، حيث يعاني المواطنون من صعوبة الحصول على مواد التدفئة، سواء المدعومة أو غير المدعومة.
ووفقاً للقرار، فقد طالبت الوزارة أصحاب محطات الوقود ومراكز التوزيع بالإعلان بشكل واضح عن الأسعار ونوعية المادة، مؤكدةً على إلغاء جميع الإجراءات التي تتعارض مع قرار رفع أسعار المازوت.
لكن بالرغم من هذه القرارات، يعاني المواطنون في مناطق سيطرة نظام الأسد من قلة توفر مازوت التدفئة. فقد تم تخصيص 50 لتراً فقط لكل عائلة بالسعر المدعوم، وسط اتهامات من السكان بعدم صدق الادعاءات الحكومية حول الكميات المتاحة وتوزيعها.
كما تصاعدت أسعار الحطب في تلك المناطق بنسبة 100% مقارنة بالعام الماضي، ليتراوح سعر الطن بين 4 و6 ملايين ليرة سورية، ما يزيد من أعباء المواطنين مع اقتراب فصل الشتاء.
وتبرز هذه الأزمة بشكل واضح من خلال مشاهد ازدحام المواطنين في كراجات الانطلاق وانقطاع الكهرباء، حيث تشير التعليقات المحلية إلى استمرار معاناة السكان في ظل نقص الوقود وارتفاع أسعاره، والتي تتزامن مع موجة نزوح كبيرة من لبنان إلى سورية، على وقع الحرب التي تشنها إسرائيل على ميليشيا حزب الله.
النظام عاجر
يرى الباحث في مركز عمران للدراسات الإستراتيجية مناف قومان أن الوضع الإنساني في المناطق التي تسيطر عليها قوات الأسد “من سيئ إلى أسوأ”، فلم تتحسن الأوضاع الإنسانية لا خلال الشهور الماضية ولا خلال السنوات الماضية أيضاً. معظم المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية تشير إلى تردي الأوضاع.
وقال قومان في حديثه لوكالة سنا، إن نظام الأسد عاجر عن تلبية احتياجات المواطنين في مناطق سيطرته، فأزمة المحروقات التي يعاني منها، يدفع ضريبتها الأهالي، لافتاً إلى أن الموارد خارجة عن سيطرته، كما أنه يستمد معظم احتياجاته من إيران، لذلك لن يكون قادر على تجاوز الأزمة وسط عجز من احتياجاته بواقع 90%.
النزوح اللبناني
تسبّبت العملية العسكرية الإسرائيلية على جنوب لبنان بنزوح نحو 400 ألف نسمة إلى مناطق مختلفة من سورية عبر المعابر الحدودية، كان هذا النزوح وفق مراقبين بمنزلة فرصة جديدة للنظام، لاستغلال الوضع لعدة أهداف اقتصادية وسياسية، مشابهة لتلك التي استغل فيها كارثة الزلزال في عام 2023.
نظام الأسد لم يتوانَ عن استغلال أزمة اللاجئين اللبنانيين ليظهر بصورة المنقذ أمام المجتمع الدولي، محاولًا تحقيق مكاسب متعددة، منها استجرار الدعم الإنساني والاقتصادي، وتوجيه رسائل سياسية إلى الداخل والخارج.
يقول مناف قومان، إن نقص المساعدات الإنسانية على سورية من المانحين الدوليين، في ظل تعنّت النظام في الحلول السياسية وإصراره على المضي قدماً في تجارة الكبتاغون، سيزيد من عجر النظام في تلبية احتياجات النازحين، فلن يكون هناك من يساعد النظام في أزماته الإنسانية والاقتصادية، وسيكون دخول نازحين جدد عبئاً إضافة على كل الموارد الاقتصادية في البلد.
ويضيف الباحث، أن النظام دائماً ما يحاول تصدير نفسه على أنه الجهة التي لديها حلول، وأدوات لتنفيذ المشاريع ويصدّر سردية على حالة الأمان واستقرار الأوضاع في سورية وفي ظل دخول النازحين من لبنان بدأ يصدّر ذات المقاربة للمجتمع الدولي بأنه الشخصية الاعتبارية القادرة على التعامل مع هذه الأزمة بكل تجلياتها.
استغلال أزمة النازحين
يرى قومان أن النظام يستفيد من المساعدات المقدمة للنازحين وغير النازحين منذ مدة طويلة، وعلى اعتبار أنه الجهة الرسمية المخوّلة في التعاون والتنسيق مع المنظمات الدولية فلا يزال لديه القدرة على “التلاعب بالمساعدات المالية والإنسانية” القادمة إلى المحتاجين في سورية سواءً من النازحين الجدد أو غيرهم.
وسبق أن حذّر “محمد سليم الخطيب” عضو الهيئة السياسية في “الائتلاف الوطني السوري”، من توجيهات نظام الأسد بتسهيل دخول عناصر ميليشيات حزب الله وأسرهم إلى سورية، لافتاً إلى أنها قد تكون استكمالاً لمشروع التغيير الديموغرافي الذي بدأه النظام وإيران منذ سنوات.
تغيير ديمغرافي
وقال الخطيب في تصريح صحفي إن استقبال اللاجئين المدنيين اللبنانيين ممن لم يشاركوا في ارتكاب الجرائم والانتهاكات بحق السوريين هو عمل إنساني لن يتوانى عنه أي سوري كما فعلوا عدة مرات مع مواطني كل الدول التي مرت بلدانهم عبر التاريخ بأزمات وحروب.
وحذّر “الخطيب” من أن نظام الأسد قد يستغل العدوان الإسرائيلي على لبنان من أجل توطين عائلات ميليشيات “حزب الله الإرهابي” وتعزيز تواجده العسكري في سورية، وإكمال مشروع التغيير الديموغرافي لضمان سطوته على سورية.
وأوضح الخطيب أن نظام الأسد قد يستغل إخراج ميليشيات الحزب من جنوب لبنان، ويقدم لهم تسهيلات الإقامة في منازل المهجّرين السوريين، معتبراً ذلك أنه يفرض أمراً واقعاً جديداً يمنع اللاجئين السوريين من العودة في المستقبل، ويعقد مسألة تطبيق القرارات الدولية الخاصة بالشأن السوري والوصول إلى حل سياسي وفقها.
وأطلق المحامي “عبد الناصر حوشان”، “صيحة نذير” مشيراً إلى خطر توطين هؤلاء في سورية، مؤكدا أن نظام الأسد وإيران وروسيا ارتكبوا عن عمد جريمة التغيير الديموغرافي، تبع ذلك من أدوات بما فيها حرمان السكان من العودة إلى منازلهم.
وتطرق على أن من بين الأدوات عمليات الاستيلاء والنهب بالقوة على الأراضي والممتلكات، وكذلك تعديل قانون تملك الشركات الأجنبية، ما أدى إلى تملك الشركات والأفراد الأجانب عقارات في سورية وكشف عن أكثر المناطق المستهدفة وفقاً لمخطط التغيير الديموغرافي.
لافتاً إلى أنها تتوزع على “دمشق وريف دمشق، حمص وريفها، حماة وريفها، حلب وريفها، دير الزور، والرقة، حيث ينتشر نشاط الإيرانيين في عملية التشييع، أي تحويل السوريين من كل الطوائف إلى مذهب الملالي في إيران.
ونبّه أن “المناطق التي ستشهد توطين ميليشيا حزب الله هي منطقة القصير ثم مدينة حمص وبعض القرى في ريفها الغربي، ومنطقة جنوب دمشق التي تم الاستيلاء عليها من قبل الشركات ورجال الأعمال الشيعة اللبنانيين والإيرانيين”.