8.4 C
Damascus
الخميس, نوفمبر 21, 2024

في ازدياد ملحوظ.. “استجابة سورية” يُسجل 97 حالة ومحاولة انتحار شمال سورية

سجل فريق “منسقو استجابة سوريا”، في تقرير له، 97 حالة ومحاولة انتحار في مناطق شمال غربي سورية، لافتاً إلى وجود 41 حالة قيد التحقق منذ بداية العام الحالي، في وقت حذّر الفريق من أنها “أعلى نسبة” مسجلة منذ سبع سنوات في المنطقة.

وقال الفريق، إن حالات الانتحار التي انتهت بالوفاة بلغت 63، بينما فشلت 34 محاولة، ولفت إلى أن 32% من الضحايا نساء، بينما يشكل الأطفال 31%، وبين أن وسائل الانتحار تنوعت بين تناول حبة الغاز (57%) والشنق (14%) واستخدام الأسلحة النارية (11%) ووسائل أخرى.

ووفق الفريق، فإن أبرز أسباب حالات الانتحار في الشمال السوري تشمل الوضع الاقتصادي وعدم القدرة على تأمين الاحتياجات اليومية، إضافة إلى الأمراض العامة والنفسية، وتعاطي المخدرات، والخلافات الأسرية.

وطالب الفريق بزيادة الدعم المقدم للفئات الاجتماعية المهمشة في المجتمع والعمل على تحسين الوضع الاقتصادي، ونشر مراكز التوعية، وزيادة الدعم النفسي للأطفال في المدارس والمنشآت التعليمية.

وخلال عام 2023، سجّل الفريق نحو 81 محاولة انتحار في شمال غربي سورية، 44 منها أدت إلى الوفاة، وبحسب تصريح سابق لمدير الفريق، محمد حلاج، فإن 37 حالة انتحار موثّقة كانت عبر تناول حبوب الغاز، أي ما يقارب نصف عدد الحالات التي جرى إحصاؤها.

ما أسباب الانتحار؟

ساهمت ظروف الحرب في سورية وتداعياتها في تردي الأوضاع الاقتصادية التي انعكست على جميع مناحي الحياة، بتزايد ظاهرة الانتحار، إلا أن هناك أسباباً أخرى بحسب مختصين نفسيين.

المختص النفسي علاء العلي قال لوكالة سنا، إن المسبب الرئيسي للانتحار هو الاضطرابات النفسية ما بعد الصدمة التي تعرض لها الشخص، إضافة للاكتئاب الشديد وسوء استخدام المواد المخدرة، والمشاكل الاقتصادية، ومشاكل العلاقات الاجتماعية والأسرية، والأمراض المزمنة.

حبة الغاز

بحسب مراقبين فإن حبة الغاز هي الوسيلة الأكثر استعمالاً لمحاولة الانتحار، وهي أقراص مكونة من فوسفيد الألمنيوم وكاربامات الأمونيوم، إضافة إلى البارافين كمادة حاملة، وتستخدم كمبيد للحشرات والقوارض، ويستخدمها التجار في شمال غربي سورية في مخازن الحبوب حفاظًاً عليهم من الحشرات، وتباع في الصيدليات الزراعية.

وبحسب ما نشرت مديرية صحة إدلب، فإن نسبة الموت بحبة الغاز 100%، إلا في حالات إسعاف المصاب على الفور وتطبيق بروتوكول العلاج الخاص بهذه الحالات، وتظهر أعراض التسمم بالحبة، بالتسبب بالغثيان والإقياء وغياب عن الوعي إضافة لانخفاض شديد في ضغط الدعم، وفق المديرية.

وقال المهندس الزراعي أحمد عباس الذي يملك صيدلية زراعية، إن حبة الغاز خطيرة، لا نبيعها للأطفال والمراهقين، وبعد التعميم الأخير من الوزارة زاد الحذر تجاه بيعها، فهي رخيصة الثمن، تباع بليرتين ونصف الليرة التركية، وهي كفيلة بقتل الانسان.

وفور دخولها المعدة مع المياه تتفاعل مع عصارة المعدة وتنتج غاز الفوسفين شديد السمية، ما يؤدي إلى إصابة كل أجزاء الجسم بالتلف الكامل، ويؤدي ذلك إلى انخفاض شديد في ضغط الدم وتسرّع في ضربات القلب إلى جانب ارتفاع نسبة السكر في الدم وصدمة حرارية، ثم انهيار القلب والأوعية الدموية وفشل كلوي وضيق حاد في التنفس، ما يؤدي إلى الوفاة خلال ساعات قليلة.

الوقاية

بات انتشار ظاهرة الانتحار يؤرق العاملين في المجال الإنساني والجهات المعنية فهو يهدّد وجود الإنسان في المنطقة، ويعتبر طريقاَ خطيراً لحل مشاكله الشخصية.

ويرى علاء العلي أنه من المهم وجود تشبيك بين المنظمات الإنسانية، ليتم تأمين حاجات الشخص الذي أقدم على الانتحار، سواء حاجات مادية أو نفسية أو علاقات اجتماعية، إضافة لوجود علامات تحذيرية يطلقها الشخص قبل الإقدام على إنهاء حياته، كعزلة مفرطة، وتغير مفاجئ على سلوكه يؤدي لإهمال ذاته، أو يكتب وصية بأنه سيقدم على الانتحار.

وقال العلي، إنه يمكن الحد من ظاهرة الانتحار أيضاً من خلال مساعدة الشخص لمنع الانتحار إذا رصد الأهالي بعض التصرفات التحذيرية، وتحويله لطبيب نفسي، الذي سيتعامل مع الشخص المضطرب ويضع له خطة أمن وسلامة، بإبعاد ومراقبة الأدوات الحادة في المنزل، لحين تلاشي الأفكار السلبية لدى هذا الشخص، إضافة لجلسات التوعية الجماعية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو زيارة المخيمات والمؤسسات والمنشآت، لكيفية تعامل الأهالي مع الشخص الذي من الممكن أن يقدم على الانتحار، وتحويله لجلسات دعم نفسي أو علاج دوائي، أو تزويد الأهالي بالخط الساخن لمحاولة الانتحار، وتأمين الحاجات المفقودة عند هذا الشخص.

مراكز دعم نفسي

وتعمل مديرية الصحة بإدلب مع المنظمات الإنسانية المعنية بتقديم الخدمات الطبية، على تفعيل التوعية والتدريبات الصحية للكوادر النفسية التي بدورها تعمل على زيادة وعي المجتمع بخطورة ظاهرة الانتحار، إضافة للكشف والإحالة لحالات الانتحار وتحويلها للخدمات الصحية في المراكز المخصصة، وفق ما قال مسؤول العلاقات العامة في المديرية غانم الخليل.

وأضاف الخليل، أنه بلغت أعداد المراكز التي تقدم خدمات صحة نفسية ودعم نفسي (44) مركزاً مدعوماً من المنظمات الإنسانية بالتعاون مع مديريات الصحة.

وبحسب مختصين فإن أكثر الأمراض النفسية شيوعاً هي “اضرابات القلق، المشاكل السلوكية عند الأطفال، الاكتئاب، الاضطراب الثنائي القطب، اضطراب كرب ما بعد الصدمة للأطفال والبالغين”، ويمكن أن تسبب الوصمة أكثر من مجرد إيذاء المشاعر فقد تؤدي إلى تجاهل الأعراض، مما يؤدي إلى التدهور المرضي وانخفاض جودة الحياة بسبب المرض أو العزلة وبالتالي تزعزع المجتمع ككل كونه قائم على الأفراد

حلول

ويطالب فريق “منسقو استجابة سوريا” جميع الجهات بمعالجة هذه الظاهرة من كافة جوانبها، وإنشاء مراكز للتأهيل النفسي، وتشكيل فرق خاصة لمكافحتها، وإطلاق حملات إعلامية لتكريس الضوء على مخاطر هذه الظاهرة وكيفية الحد منها.

كما يحث بدوره المنظمات الإنسانية على إنشاء مصحات خاصة لعلاج مدمني المخدرات في المنطقة، وخاصةً بعد انتشار ترويج المخدرات والتعاون مع الجهات المسيطرة بالإبلاغ عن مروجي المخدرات، وخاصةً أن متعاطي المخدرات يدخلون بحالة غياب للوعي الكامل وعدم القدرة على اتخاذ القرار أو منع نفسهم من الانتحار.

أخبار ذات صلة

آخر الأخبار