خاص | وكالة سنا
عقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة جلسة دورية خاصة بسورية، الخميس الفائت في 22 من تشرين الثاني، تخللها تأكيدات على ضرورة الحل السياسي واستعراض أبرز التطورات التي شهدها الميدان، مؤخراً.
وحضر الجلسة ممثلو الدول دائمة العضوية في المجلس، وآخرون من منظمات أممية، إلى جانب عاملين في القطاع الإنساني السوري. وألقت المهندسة سوسن أبو زين، المديرة التنفيذية في منظمة “مدنية”، كلمة فيها أمام الأعضاء.”.
افتتحت بريطانيا صاحبة الدعوة الجلسة، وجددت دعمها لقرار “2254”، داعية جميع الجهات إلى إعادة الالتزام بالعملية السياسية، وذلك على لسان ممثلها، جيمس كاريوكي. كما دعا كاريوكي إلى حماية المدنيين العائدين من لبنان إلى سورية، مؤكداً أن سورية ما زالت غير آمنة للعودة “الكريمة والطوعية” على نطاق واسع”
من جهته، أعرب نائب ممثل الولايات المتحدة في مجلس الأمن روبرت وود عن قلق بلاده مما سماه “التقارير المستمرة لانتهاكات نظام الأسد”. وأكدت فرنسا ضرورة تنفيذ القرار الأممي 2254 القاضي بالحل السياسي وانتقال السلطة بشكل آمن، عبر اجراء انتخابات حرة تشرف عليها الأمم المتحدة.
وقال الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة، نيكولا دي ريفيير، إن العملية السياسية التي “تلبي تطلعات السوريين” لا تزال السبيل الوحيد لتحقيق السلام. وجدد دي ريفيير دعم بلاده للمبعوث الخاص للأمين العام في سوريا، غير بيدرسون.
وأعلنت فرنسا في جلسة مجلس الأمن، عن تمويل مشروع تجريبي لبرنامج الأغذية العالمي، لضمان حصول 250 ألف شخص شمال غربي سورية على مادة الخبر بأسعار معقولة.
“مدنية” تدين تخاذل المجتمع الدولي
قدمت المهندسة المعمارية سوسن أبو زين الدين، المديرة التنفيذية في منصة “مدنية”، إحاطة في جلسة مجلس الأمن بدعوة من المملكة المتحدة. وأدانت خلال الجلسة ما وصفته بـ”التخاذل والسياسية الخاملة” للمجتمع الدولي التي تقوض مسار القرار “2254”، ما يزيد من تفاقم الوضع.
وطالبت أبو زين الدين مشاركة الأطراف المدنية في تغيير مستقبل سورية السياسي، دون استبدال أي هيئة سورية تشارك بالعمل. واستعرضت خلال الجلسة بعض نشاطاتهم التي قالت إنها “أسست للآلية الدولية المحايدة للمساءلة”.
ودعت أيضاً المجتمع الدولي لفرض ضغوطات على النظام السوري للتعاون في دفع العملية السياسية، وانتقدت إعطاءه ملفات أساسية مشيرةً إلى ملف التعافي المبكر.
وأضافت أن إرسال المساعدة المستدامة من خلال التعافي المبكر ضرورية، لكن إعطاءها للنظام السوري يقوض جهود التقدم السياسي.
وفي تصريح خاص لوكالة سنا قال مديرة العلاقات الخارجية في منصة مدنية رانيا علي لوكالة سنا، إن الجلسة الأخيرة بمجلس الأمن تُظهر أهمية الجهود المستمرة التي بذلها السوريون ومنظمات المجتمع المدني لتحقيق المساءلة والعدالة، مشيرة إلى أن الجلسة سلطت الضوء على الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها نظام الأسد والواقع الإنساني الصعب.
وأضافت أن الجلسة أظهرت قيمة التحركات الدولية، مثل مذكرات التوقيف الدولية والتصعيد في ملف الأسلحة الكيميائية، مما يشير إلى تصميم السوريين وشركائهم على كسر الجمود السياسي المفروض.
تفاعل دولي متباين
ترى رانيا العلي أن التفاعل الدولي متباين. فمن جهة، هناك خطوات إيجابية مثل دعم آليات المساءلة وتوثيق الجرائم، كما في قرارات محكمة العدل الدولية. لكن من جهة أخرى، يغلب التخاذل على المواقف الدولية في تطبيق القرار 2254 بجدية، إذ تُقدَّم تنازلات سياسية تعزز موقف النظام. هذا التردد يضعف مصداقية الالتزامات الدولية ويؤدي إلى تفاقم معاناة الشعب السوري، على حد قولها.
وأثارت دعوة بريطانيا لمسؤولة مدنية إلى جلسة مجلس الأمن غضب روسيا، وطالبت بتبرير دعوة أبو زين الدين لقاعة المجلس. كما اعتبرت روسيا أن تصرف المملكة المتحدة “استفزاز مباشر”، مضيفة أن لندن سعت إلى تسييس الجلسة بروح الاستعمار الجديدة السائدة لديها.
وقال نائب ممثل روسيا في الأمم المتحدة، ديمتري بوليانسكي، إن ممثلة المجتمع المدني (يقصد سوسن أبو زين الدين) تقدمت بـ”سردية خيالية” فيما يتعلق بأوضاع المواطنين السوريين. وأضاف بوليانسكي، أن المواطنين في سورية يعيشون بالشكل “الناجح” وبسلام تحت إدارة السلطة (نظام الأسد).
واتهم بوليانسكي مسؤولة مدنية بعدم احترام أعضاء المجلس وتجاهل مبادئ عمل مجلس الأمن، مضيفًا أن هذه الممثلة (أبو زين الدين) لا تفهم إطلاقًا ما يحدث في سورية.
تقول رانيا العلي، إن الاعتراض الروسي يعكس استمرار النهج السياسي القائم على حماية نظام الأسد ومنع أي محاولات لمحاسبته أو تسليط الضوء على جرائمه. وهو محاولة لتعطيل النقاش الدولي بشأن المساءلة والعدالة، وإبقاء الصراع ضمن إطار سياسي يخدم مصالح روسيا في المنطقة، دون اعتبار لمعاناة الشعب السوري.
تجاهل من نائبة بيدرسون
وفي كلمة لها بالجلسة أشارت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية نجاة رشدي إلى أن العام الحالي في طريقه ليكون الأكثر عنفًا منذ 2020. وقالت رشدي، إن إمكانية حدوث دمار في سوريا أكبر تلوح في الأفق وأن منطقة الشرق الأوسط تشهد وقتًا من عدم اليقين والخطر العميق.
واعتبرت رشدي أن هناك حاجة ملحة للعمل نحو وقف إطلاق نار على مستوى البلاد وفق قرار مجلس الأمن 2254. كما طالبت المجتمع الدولي بنهج تعاوني لمكافحة “الجماعات الإرهابية” المدرجة على قائمة في مجلس الأمن.
وانتقد مدير منظمة الدفاع المدني السوري، رائد الصالح الذي كان حاضراً الجلسة، كلمة رشدي، واعتبر أنها استفاضت في حديثها عن الهجمات التي استهدفت مليشيات شاركت بقتل السوريين.
كما قال الصالح إن رشدي تجاهلت أكثر من 220 هجوماً من النظام وروسيا على المدنيين في سورية وأنها “مرت مرور الكرام” على ذكرها.
وأضاف، “كنت أتمنى أن تتحدث رشدي عن خطورة الهجمات التي يشنها نظام الأسد وحلفاؤه بالطائرات المسيرة الانتحارية. هذه الطائرات المسيرة تهدد حياة السكان وتقوض سبل عيشهم وتمنعهم من جني محاصيلهم الزراعية”.
دور منظمات المجتمع المدني
منظمات المجتمع المدني السوري لعبت دوراً محورياً في توثيق الانتهاكات، وخلق زخم دولي للمساءلة، ومناصرة حقوق الضحايا. هذه المنظمات أسهمت في إنشاء آليات جديدة للمساءلة، مثل الآلية الدولية المستقلة والمحايدة، وعملت على تعزيز الخطاب الحقوقي والسياسي.
إضافة إلى ذلك، مبادرات مثل “مدنيّة” تبرز دور المجتمع المدني في التأكيد على ملكية السوريين لمستقبلهم السياسي، وفي بناء سوريا ديمقراطية على أسس المواطنة والحقوق، وفق ما قالت رانيا العلي.
وتعرف منصة مدنية عن نفسها أنها جهة مستقلة عن أي نفوذ سياسي وأجنبي، وتهدف إلى حماﯾﺔ اﻟﻔﺿﺎء المدني السوري وتعزيز ﻓﺎﻋليته ﻓﻲ ﻣﻧﺻﺎت ﺻﻧﻊ اﻟﻘرار اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ.
وتهدف المبادرة إﻟﻰ “عكس الديناميكيات المؤثرة ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺎرات اﻟﺣل السياسي ﻓﻲ سورية، ﻣن ﺧﻼل حشد اﻟﻔﺎعلين المدنيين السوريين ﺣول ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻣن القيم المبنية ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻘوق ﻟﻼنتظام ﺿﻣن ﻓﺿﺎء مدني موحد”.
كما تسعى “لتقديم ھؤﻻء اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن كنظراء ﻗﺎدرﯾن ﻋﻠﻰ ﻟعب دور قيادي ﻓﻲ صناعة القرارات المتعلقة ببلدھم بما ﯾﺳﺎھم بالوصول لبلد حر ديمقراطي ذي سيادة يحترم ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن وﯾﺳﺎھم إيجابياً ﺿﻣن المجتمع اﻟدوﻟﻲ”.