13.3 C
Damascus
الأربعاء, يناير 22, 2025

رأي | هل يستجيب الشرع للضغوط الغربية لطرد روسيا من قواعدها في البلاد؟

الكاتب د. محمد صادق
الباحث في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية

يقود الإعلام الغربي والوكالات الإخبارية الكبيرة حملة ممنهجة ضد بقاء القواعد الروسية في الأراضي السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد، وذهبت بعض الوكالات الغربية إلى ربط ملف العقوبات المفروضة على البلاد ورفعها أو تجميدها مقابل طرد التواجد العسكري الروسي على الساحل السوري في طرطوس واللاذقية، حيث تملك روسيا قاعدة جوية وأخرى لوجستية مطلة على البحر الأبيض المتوسط بموجب اتفاق مع الحكومة السورية في ظل النظام البائد.
ونشرت الـ “BBC” تقريرًا كاملًا ذكرت فيه شهادات لبعض المواطنين من مختلف المحافظات السورية، ذكروا فيه فظائع التواجد الروسي على الأراضي السورية ورأيهم بدعم موسكو لنظام الأسد الديكتاتوري، وذهب بعضهم لوصف روسيا بالعدو الذي لا يجب التعامل معه مستقبلًا على أي حال من الأحوال، وصورت الوكالة البريطانية أن الشعب السوري بجميع أطيافه يطالب الإدارة الجديدة بطرد روسيا وكأن هذا الملف هو الوحيد الذي يشغل بال المواطن الروسي في هذه الفترة وبعد سقوط نظام الأسد.
لم يكتف الغرب بالضغط الإعلامي لإيصال بعض الرسائل للإدارة السورية الجديدة، حيث سارعت مختلف الدول الغربية وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية بإرسال وفود رسمية ضمت وزراء خارجية وموظفي الرئاسة وأجهزة الأمن والاستخبارات، وكانت رسالة الوفد الأمريكي واضحة بخصوص الملف الروسي، حيث طالب الوفد قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع بالإسراع بطرد روسيا من قواعدها، ولوحت بورقة العقوبات الاقتصادية المستمرة على البلاد.
وطالبت الحكومة الألمانية روسيا بإغلاق قواعدها العسكرية وسحب جنودها من سورية، معتبرة أن روسيا “تشكل أكبر تهديد للأمن الأوروبي في المستقبل المنظور”.
وقال منسق الحكومة الألمانية لشؤون سوريا، توبياس ليندنر، لمجلة “دير شبيغل” الألمانية، الخميس 16 من الشهر الجاري، “عندما نقول إن وحدة أراضي سورية يجب أن تكون مصونة، فهذا ينطبق على جميع الأطراف وخاصة روسيا”، مشددًا على أنه “يجب إغلاق القواعد الروسية في سورية ويجب على موسكو سحب قواتها”.
ولكنه لم يتطرق بنفس الوقت للتواجد العسكري الأمريكي في شرق البلاد، وكأن التواجد الأمريكي ودعمهم لقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، التي تنادي بالانفصال وإعلان الحكم الذاتي، لا يتعارض مع وحدة الأراضي السورية.
ويكمن الإصرار الغربي على طرد روسيا من سورية إلى سعيها لوقف تمدد النفوذ الروسي في أفريقيا، حيث تعتبر القواعد الروسية في الساحل السوري نقطة انطلاق للطائرات الروسية المتوجهة الى أفريقيا.
وبهذا الصدد، قال تقرير بصحيفة لوفيغارو الفرنسية، إن سقوط حكومة بشار الأسد في سورية وتخلي روسيا عن الرئيس المخلوع، أثار قلقًا في عدة عواصم أفريقية حول مدى مصداقية روسيا كحليف إستراتيجي، وقد يهدد نفوذها في المنطقة.
وأوضح الكاتب والصحفي تانغي بيرثيميه أن عواقب الحدث لا تزال صعبة التقدير، إلا أنه أثار تساؤلات يتعين على السلطات الروسية الإجابة عنها، وإلا فإن نفوذها في أفريقيا سيتعرض لتراجع خطير.
وكانت روسيا قد نجحت في السنوات القليلة الماضية في بناء علاقات قوية مع حكومات الدول الأفريقية المختلفة، وخصوصًا في دول الساحل، وجاء تمدد النفوذ الروسي في أفريقيا وبناء علاقات اقتصادية وعسكرية قوية على حساب الغرب الذي خسر كل معسكراته في المنطقة بعد سنوات طويلة من التواجد هناك.
وكان أحمد الشرع، قد أكد قبل ذلك أن لدمشق مصالح إستراتيجية مع موسكو، وأوضح أن الإدارة الحالية لا تريد أن تخرج روسيا بطريقة لا تليق بعلاقتها الطويلة مع سورية، وأوضحت الحكومة الروسية عبر وزير خارجيتها أن موسكو على اتصال دائم مع الإدارة الجديدة في دمشق، وسيتم الاتفاق على ما يضمن مصالح البلدين المشتركة.

أخبار ذات صلة

آخر الأخبار