7.7 C
Damascus
الإثنين, فبراير 17, 2025

الدور الأمريكي.. هل هو هدام في سوريا؟

عبدالرحيم التاجوري

الكاتب والباحث في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية

تستمر الاشتباكات المسلحة في الشمال الغربي من سوريا بين فصائل الجيش الوطني السوري المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة أمريكيًا.

يأتي هذا في وقت تعمل فيه الإدارة الجديدة في سوريا على فرض سيطرتها على كامل الأراضي السورية، إلا أن الوجود الأمريكي في شمال البلاد يشكل أحد أكبر التحديات التي تواجهها. حيث تدعم واشنطن الإدارة الذاتية التابعة لقسد، والتي تسيطر على حوالي ثلث الأراضي السورية، الغنية بالموارد الطبيعية كالغاز والنفط والقمح.

وقسد، التي تهيمن عليها وحدات حماية الشعب الكردية، استغلت الفراغ الأمني والسياسي في بداية الثورة السورية لإقامة كيان إداري ذاتي الحكم بدعم أمريكي. وبعد سقوط نظام الأسد نهاية العام الماضي، ترفض قسد تسليم أسلحتها والعودة إلى كنف الدولة السورية، إذ تطالب بتطبيق نظام الإدارة اللامركزية.

من جهتها، تعتبر تركيا قسد امتدادًا لحزب العمال الكردستاني، المصنف كمنظمة إرهابية لديها. وقد نفذت أنقرة عدة عمليات عسكرية داخل الأراضي السورية، أبرزها “عملية درع الفرات” عام 2016 و”عملية غصن الزيتون” عام 2018، بهدف منع الأكراد من إقامة كيان مستقل على حدودها الجنوبية، بالإضافة إلى “عملية نبع السلام” في أكتوبر 2019.

واليوم، ومع وصول قيادة جديدة إلى دمشق متحالفة مع تركيا، تحاول أنقرة مجددًا التصدي للخطر الذي يهدد أمنها القومي عبر شن عمليات عسكرية تنفذها الفصائل السورية المتحالفة معها بشكل شبه يومي، بالتوازي مع مفاوضات يصفها المحللون بأنها غير مجدية، نظرًا لتشبث الأطراف بمواقفها وعرقلة الأمريكيين لها عبر استمرار دعمهم لقسد بحجة مكافحة تنظيم داعش الإرهابي.

كان الدعم الأمريكي للأكراد في سوريا محوريًا في تعزيز قدراتهم العسكرية والسياسية، حيث قدمت الولايات المتحدة تدريبًا وتسليحًا لقوات سوريا الديمقراطية، مما ساعدها في محاربة داعش. ومع ذلك، ورغم الإعلان عن القضاء على داعش عام 2019، لا تزال واشنطن تمد قسد بالسلاح والعتاد حتى اليوم.

وعلى عكس ما صرح به الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مؤخرًا بأن الولايات المتحدة ليست منخرطة في سوريا، وأعلن نيته سحب قواته من البلاد، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بإجراء قسد تدريبات عسكرية مشتركة مع قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في قاعدة الوزير بريف الحسكة، باستخدام الذخيرة الحية والأسلحة المتطورة التي استقدمتها القوات الأمريكية إلى قواعدها في شمال شرق سوريا.

وهناك دلائل عديدة على استمرار الدعم الأمريكي لقسد، وهو ما يبقى عاملًا مؤثرًا في المعادلة السورية، إذ يزيد من تعقيد المشهد ويؤجج الصراعات المسلحة، خصوصًا مع استمرار تأهب الجيش التركي على حدوده الجنوبية منذ مدة، وسط تصريحات متكررة لمسؤولين أتراك رفيعي المستوى حول قرب بدء عملية عسكرية تركية-سورية مشتركة وواسعة ضد الأكراد.

في الوقت نفسه، تتبنى تركيا والإدارة السورية الجديدة، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، رؤية مشتركة بأن إعادة إعمار سوريا تتطلب تمويلًا ضخمًا يُقدر بمئات المليارات من الدولارات، وهو ما يصعب تحقيقه في ظل العقوبات الغربية، خاصة الأمريكية، المفروضة على سوريا، والتي لم تُرفع رغم سقوط المسبب الأساسي لها، ألا وهو نظام الأسد المجرم.

وبحسب المحلل السياسي عمر أيوبي، فإن العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا تشهد توترًا متزايدًا بسبب خلافهما حول ملف الأكراد. وأكد أن واشنطن لا تزال تستخدم أدواتها الاقتصادية للضغط على تركيا، مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد التركي الذي يعاني بالفعل من معدلات تضخم مرتفعة وبطالة متزايدة وديون خارجية.

ورأى أن الهدف الأمريكي من هذه الضغوط هو تقليص الدور الإقليمي لتركيا في سوريا، خاصة أنها تسعى للمشاركة في إعادة بناء سوريا واقتصادها. كما أشار إلى أن واشنطن تتبع سياسة “التصعيد من أجل التهدئة”، فإما أن تشن تركيا عملية عسكرية مكلفة داخل الأراضي السورية، أو تخضع للغة الحوار والتفاهمات وفق الإرادة الأمريكية وأجنداتها.

أخبار ذات صلة

آخر الأخبار