حذّرت دراسة لـ “معهد الشرق الأوسط للدراسات” من مجاعة كبيرة باتت تهدد سورية خلال المرحلة المقبلة، الأمر الذي يتطلب تحركاً عالمياً لإنقاذها، ووضع حلول لانزلاق ملايين السوريين إلى مستوى الفقر المدقع.
وأوضحت الدراسة أن مختلف المناطق السورية بدأت تواجه أزمة فقر وجوع غير مسبوقة، لأسباب عديدة أبرزها، تفاقم الأزمة الاقتصادية في كل من سورية ولبنان، إضافةً إلى انتشار فيروس كورونا وقانون العقوبات الأمريكية “قيصر”.
وحددت الدراسة ثلاثة عوامل تتمحور حولها الأزمة، أولها الجفاف الشديد غير المسبوق الذي تعاني منه البلاد خلال الفترة الراهنة، وتفاقم انعدام الأمن الغذائي، وانخفاض التمويل الإنساني.
حول الجفاف بيّن التقرير أن سورية تمر حالياً بواحدة من أسوأ موجات الجفاف في الذاكرة الحديثة، حيث توضح ذلك بيانات مؤشر الهطول الموحد “SPI”، إذ تعاني المناطق الرئيسية المنتجة للقمح من ظروف أكثر جفافاً، الأمر الذي ترك أثراً سلبياً على واقع إنتاج الحبوب بنسبة 50% كما قدّر خبراء الأمم المتحدة.
كما تختفي الكتلة الحيوية للنباتات بشكل عام، إذ يُظهر مؤشر الغطاء النباتي الطبيعي “NDVI” لشمال شرق سوريا، مستويات سلبية بشكل ملحوظ من صحة الغطاء النباتي وكثافته، كذلك الأمر في شمال غرب البلاد التي تعد موطناً للخضراوات والبطيخ والشعير والقمح والذرة وقصب السكر والزيتون والفستق.
وبيّن التقرير أن ما بين 16 و17% فقط من الأراضي المزروعة تُروى بالمياه، ومما زاد الطين بلة أزمة الوقود المستمرة، والتي تقلل من القدرة على حفر الآبار باستخدام وقود الديزل، وتقلص كمية المياه المتدفقة من نهر الفرات، مما يعني أن مساحة الأراضي المروية نحو التناقص أيضاً.
وأشار التقرير إلى سوء الإدارة الزراعية الذي كان يمارس طوال فترة حكم نظام الأسد، من حيث الرعي الجائر المستمر والذي تسبب بالتصحر واستنزاف احتياطيات المياه الجوفية بشكل مفرط.
وحول الأمن الغذائي وضّح التقرير أن قدرة سورية على إطعام نفسها من المقرر أن تستمر في التدهور بشكل حاد، حيث يؤكد “برنامج الأغذية العالمي” أن 12.4 مليون إنسان، ما يقارب 60% من السكان، يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ولا يعرفون من أين ستأتي وجبتهم، مشيراً بأن نظام الأسد عاجز عن الاستيراد بسبب انعدام الاحتياطات الأجنبية.
وإلى تراجع تمويل المساعدات الإنسانية، حيث بيّن التقرير تفاقم الطلب عليها وسط انخفاض العمليات الإنسانية للأمم المتحدة، إذ لم تُسلم منذ يونيو 2021 سوى 15% فقط من مبلغ 4.2 مليار دولار، أي بنحو 0.63 مليار دولار فقط، ويعود ذلك إلى استجابة الحكومات للانكماش الاقتصادي الناجم عن إجراءات الحد من انتشار فايروس كورونا.
وخُتم التقرير بتوصيات عديدة لتجنب تفاقم الأزمة القادمة، أبرزها، زيادة المساعدات الإنسانية لتلبية الحد الأدنى الذي تطلبه وكالات الأمم المتحدة، وخاصةً برنامج الأغذية العالمي، وضمان وصول المساعدات إلى السكان المتضررين، وتوفير ضمان أن يكون سعر الصرف المطبق على تحويلات الأمم المتحدة متطابقاً مع نظيره في السوق السوداء، إضافةً إلى ضمان تجديد المساعدات عبر الحدود إلى مناطق شمال غرب سورية كونها معرضة للخطر بشكل خاص، ويعيش معظم السكان في مخيمات متفرقة تحت القصف المستمر للطائرات الروسية وطائرات الأسد، أو الخروج بآلية بديلة دائمة لإيصال المساعدات إلى تلك المناطق دون أن تتأثر بنظام الأسد.