16.3 C
Damascus
الجمعة, نوفمبر 22, 2024

جديد حضن الوطن.. شبه ألبان لشبه إنسان

 

دائماً ما كانت الألبان والأجبان “الأصلية والطازجة” باختلافها تتصدر موائد السوريين في وجبات الإفطار والعشاء قبل سنوات، إلّا أن غالبية الأسر حالياً تخلت عنها بشكل مطلق جراء ارتفاع أسعارها الناتج عن ضعف الثروة الحيوانية وقلة المنتجات المحلية وشجع التجار وغياب الرقابة الرسمية التي تحافظ على حضورها شكلياً لا أكثر.

مجدداً تعترف دوائر نظام الأسد بالأوضاع المتردية والأزمة المعيشية الخانقة التي تعصف بالقاطنين في مناطق سيطرتها، إذ أنها أتاحت لمصانع الألبان والأجبان بتصنيع مواد غذائية أطلقت عليها “أشباه الألبان والأجبان” بحسب قرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك رقم 1293 تاريخ 11/5/2012.

واللافت بأن الوزارة لم تُعلن عن قرارها هذا في صفحاتها الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي على غرار بقية القرارات المعممة والمعلنة سابقاً، ما يدل على ضعف قناعتها بمدى صوابية القرار وجدواه، حيث إن تلك الألبان والأجبان معروضة منذ سنوات في الأسواق الشعبية وتُباع بأسعار أقل من أسعار المنتجات الأصلية بنحو 20 إلى 35% فقط، ورغم ذلك يُعد الطلب عليها قليلاً وأحياناً نادراً.

عقب انتشار القرار عبر حسابات غير رسمية على مواقع التواصل الاجتماعي سرعان ما لاقى موجة كبيرة من السخرية والانتقاد، ما دفع الوزارة إلى التبرير على وسائل إعلام محلية موالية، عازيةً قرارها إلى ارتفاع أسعار الحليب ومشتقاته جراء عدم توفر المواد الأساسية الداخلة في صناعة الألبان والأجبان الأصلية، وللجم مستخدمي “مادة السبيداج” في التصنيع وإخضاعهم للقانون، كما أكدت إحدى التصريحات أن الإنتاج اليومي لا يتعدى 15% من حاجة الأسواق.

أثناء تحرير هذه المادة، وعلى إثر موجة الجدل والانتقاد قامت الوزارة بتجميد القرار للتوسع في دراسته، ما يعني أن قرارها كان اعتباطياً غير مدروس من كافة الجوانب، والمُتغير الوحيد في الأمر، أنها قامت بنشر “قرار تجميد القرار” على حساباتها الرسمية في وسائل التواصل الاجتماعي، كما أن إصدار القرار وتجميده يُؤكد فقدان نظام الأسد للباحثين والمخططين وشخصيات اعتبارية نافذة تكون على قدر من المسؤولية أمام معاناة الشعب.

يدخل في عملية تصنيع “أشباه الألبان والاجبان” وفقاً للقرار، الحليب المجفف، والزيوت النباتية غير المهدرجة، والنشاء المعدل، وأملاح استحلاب، ومنكهات غذائية، وهي ذات المواد التي حذرت منها سابقاً ذات الوزارة كونها تسبب كارثة حتمية للمصابين بأمراض السكري والقلب وضغط الدم، وهنا يتساءل “شبه إنسان” يتقاضى “شبه راتب”، لطالما تستطيع “شبه الدوائر الرسمية” تأمين تلك المكونات التي في غالبيتها مستوردة، فلماذا لا تؤمن مادة الحليب التي لا تحتاج كل تلك الإضافات؟، ويُضيف كيف لـ “شبه وزارة” أن تُحذر تارةً من استخدام مواد تسبب الضرر، وتارةً أخرى تُشرع استخدامها!.

كما وصف آخرون القرار بـ “تشريع الغش”، إذ أن تلك المواد حاضرة في الأسواق رغم عدم إخضاعها للمواصفات أو ترخيصها ومراقبتها، كما أشار كثيرون بأن الألبان والأجبان باتت للأغنياء فقط في انعكاس حقيقي لاتساع الفارق الطبقي بين الناس.

بحسب مصادر شعبية في العاصمة دمشق وريفها، ينتشر في الأسواق العديد من السلع المغشوشة ومجهولة المصدر ومنهية الصلاحية، وتلقى إقبالاً كبيراً بسبب انخفاض أسعارها بنسبة تصل إلى 50% عن أسعار المنتجات التقليدية المرخصة.

يباع كيلو الحليب الواحد في الأسواق الشعبية بنحو 1300 ليرة سورية، وكيلو اللبن الرائب بـ 1500 ليرة، وجبنة الشلل بأكثر من 10 ألاف ليرة، والقشقوان 12000، والجبنة البلدية 8000 ليرة سورية، فيما يتراوح “شبه الراتب” الشهري للموظف في القطاع العام بين 30 ألف و 60 ألف ليرة سورية، ما يعني أنه بحاجة لأربعة أضعاف “شبه راتبه” لتأمين وجبات الإفطار على مدار الشهر، هذا في الوقت الذي تحتاج فيه الأسرة شهرياً لأكثر من مليون ليرة سورية وفقاً لمراكز دراسات موالية لنظام الأسد.

رغم عدم وجود احصائيات رسمية تقدر حجم خسائر الثروة الحيوانية في سوريا، إلا أن تقارير صحفية عديدة أكدت انخفاض عدد الأغنام في العام 2017 إلى 186000 رأس غنم بعد أن كان عددها في العام 2010 بنحو 2200000 رأس، أما أعداد الماعز كانت في العام 2010 بنحو 222481، وانخفضت في العام 2017 إلى 76000، وعدد الأبقار كان 108000 وانخفض إلى 71000، فيما تُقدر تقارير أخرى حجم خسائر أكبر مقارنةً بأسعار المنتجات الحيوانية والألبان والأجبان ومنتجاتها في الأسواق.

عوضاً عن تخفيض أسعار المنتجات أمام المستهلك لتكون متوازية مع قيمة الراتب الشهري لـ “شبه الموظف” والأجر اليومي لـ “شبه العامل”، وتأمين فرص العمل، ورفد الناس بموارد إضافية تسد حاجتهم وتُؤمن لهم العيش الكريم، تقوم دوائر نظام الأسد منذ سنوات بتضييق الخناق على السوريين الذين بات 85% منهم تحت خط الفقر وفقاً للأمم المتحدة، ليكون العنوان الحقيقي للواقع السوري الحالي “شبه إنسان يعيش على شبه راتب ويعتمد على شبه مساعدات في شبه وطن يُديره شبه دولة لا تعرف من التنمية إلا شبه قرار يُشرع شبه حل”

 

أخبار ذات صلة

آخر الأخبار