وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم السبت 2 أيلول الجاري اعتقال ما لا يقل عن 223 مدنياً بينهم نساء وأطفال خلال شهر تموز 2023.
ورصد التقرير توثيق ما لا يقل عن 223 حالة اعتقال تعسفي بينها 14 طفلاً و17 سيدة، منهم 183 مدنياً تحولوا إلى مختفين قسريًا.
وتصدر نظام الأسد المسؤولية عن حالات الاعتقال بـ121 حالة بينهم طفل واحد و14 سيدة، يليه ميليشيا قسد التي اعتقلت 42 شخصاً من بينهم 11 طفلاً وسيدة واحدة.
وأضاف، أن معظم حوادث الاعتقال في سورية تتم من دون مذكرة قضائية لدى مرور الضحية من نقطة تفتيش أو في أثناء عمليات المداهمة، وغالباً ما تكون قوات الأمن التابعة لأجهزة المخابرات الأربعة الرئيسة، هي المسؤولة عن عمليات الاعتقال بعيدًا عن السلطة القضائية ويتعرض المعتقل للتعذيب منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ويُحرم من التواصل مع عائلته أو محاميه، كما تنكر السلطات قيامها بعمليات الاعتقال التعسفي ويتحول معظم المعتقلين إلى مختفين قسريًا.
واستعرض التقرير توزع حالات الاعتقال التعسفي/ الاحتجاز في آب حسب المحافظات، وأظهر تحليل البيانات أن الحصيلة الأعلى لحالات الاعتقال التعسفي/ الاحتجاز كانت من نصيب محافظة حلب تليها إدلب تلتها ريف دمشق تليها دمشق، ثم اللاذقية، ثم حمص ودير الزور والرقة، ثم حماة.
ووفق التقرير فإن الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة لنظام الأسد استمرت في ملاحقة واعتقال الأشخاص الذين أجروا تسوية لأوضاعهم الأمنية في المناطق التي سبق لها أن وقعت اتفاقات تسوية معه، تركز معظمها في محافظات ريف دمشق ودرعا ودير الزور.
ولفت إلى أن معظمها جرى ضمن أطر حملات دهم واعتقال جماعية وعلى نقاط التفتيش مشيرًا إلى عمليات اعتقال استهدفت 57 مدنيًا وناشطًا بينهم 11 سيدة على خلفية انتقادهم للفساد والأوضاع المعيشية الصعبة في مناطق سيطرة نظام الأسد وتم توجيه العديد من التهم العامة لهم مرتبطة بقانون مكافحة الجريمة المعلوماتية والذي يقوم نظام الأسد بموجبه باعتقال المواطنين والعاملين في مؤسساته، على خلفية انتقادهم الفساد والأوضاع المعيشية الصعبة في مناطق سيطرته.
فيما رجحت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن معظم عمليات الاعتقال تقوم بناءً على تقارير أمنية كيدية ومن بينهم مواطنون تم اعتقالهم بذريعة التخلف عن الخدمة العسكرية الاحتياطية.
وأكد تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر حواجز أمنية ونقاط تفتيش للتدقيق الأمني على المواطنين المارين من خلالها إضافة إلى حملات دهم وتفتيش متكررة استهدفت منازل العديد ممن شاركوا أو عبروا عن مطالبهم في الاحتجاجات الأخيرة دون أن تؤدي إلى اعتقالهم وقد دفعت هذه العمليات العديد من المدنيين الذين شاركوا في الاحتجاجات إلى الحد من تحركاتهم وإيقاف أعمالهم وترك منازلهم، خوفاً من اعتقالهم وتعذيبهم.
ووفقاً للتقرير فإن المعتقلين على خلفية المشاركة في الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في سورية، وضمن أي نشاط كان سياسي، حقوقي، إعلامي، إغاثي، ومن يشابههم، فإن الأفرع الأمنية توجه إلى الغالبية العظمى من هؤلاء وتنتزع منهم تهمًا متعددة تحت الإكراه والترهيب والتعذيب ويتم تدوين ذلك ضمن ضبوط، وتحال هذه الضبوط الأمنية إلى النيابة العامة، ومن ثم يتم تحويل الغالبية منهم إما إلى محكمة الإرهاب أو محكمة الميدان العسكرية، ولا تتحقق في هذه المحاكم أدنى شروط المحاكم العادلة، وهي أقرب إلى فرع عسكري أمني.
واعتقلت الأجهزة الأمنية عددًا من المدنيين على خلفية تلقيهم حوالات مالية من الخارج، كما تعرض لاجئين تم ترحيلهم قسرًا من العراق للاعتقال على يد الأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد في مطار دمشق الدولي.
واعتبر التقرير أن قضية المعتقلين والمختفين قسرًا من أهم القضايا الحقوقية، التي لم يحدث فيها أي تقدم يذكر على الرغم من تضمينها في قرارات عدة لمجلس الأمن الدولي، وقرارات للجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي خطة كوفي عنان، وفي بيان وقف الأعمال العدائية في شباط 2016، وفي قرار مجلس الأمن رقم 2254 الصادر في كانون الأول 2015.
وأكَد التقرير أن نظام الأسد لم يفِ بأيٍ من التزاماته في أيٍّ من المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها، وبشكل خاص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما أنه أخل بعدة مواد في الدستور السوري نفسه، فقد استمر في توقيف مئات آلاف المعتقلين دون مذكرة اعتقال لسنوات طويلة، ودون توجيه تهم، وحظر عليهم توكيل محام والزيارات العائلية، وتحول قرابة 68% من إجمالي المعتقلين إلى مختفين قسريًا.
كما طالب التقرير مجلس الأمن الدولي بمتابعة تنفيذ القرارات الصادرة عنه رقم 2042 و2043، و2139 ، مؤكدًا ضرورة تشكيل الأمم المتحدة والأطراف الضامنة لمحادثات أستانا لجنة خاصة حيادية لمراقبة حالات الإخفاء القسري، والتَّقدم في عملية الكشف عن مصير قرابة 102 ألف مختفٍ في سورية، 85 % منهم لدى نظام الأسد.
والبدء الفوري بالضغط على الأطراف جميعًا من أجل الكشف الفوري عن سجلات المعتقلين لديها، وفق جدول زمني، وفي تلك الأثناء لا بد من التصريح عن أماكن احتجازهم والسماح للمنظمات الإنسانية واللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارتهم مباشرة.
كما شدد التقرير على ضرورة إطلاق سراح الأطفال والنساء والتوقف عن اتخاذ الأسر والأصدقاء رهائن حرب.