9.4 C
Damascus
الأحد, نوفمبر 24, 2024

السوريون يتكيفون مع البيئة التركية المضطربة

ترجمة | وكالة سنا

في الشتات التركي الذي مضى عليه عقدٌ من الزمان، أسس آلاف السوريين أعمالاً وتجاراتٍ تلبّي احتياجاتٍ معينةً في تركيا وتفتح أسواق تصديرٍ جديدةٍ، لكن التحديات الاقتصادية والسياسية آخذةٌ في الازدياد.

5 تموز / يوليو 2022

عندما جاء سعد الناصيف إلى جنوب تركيا قادماً من سورية في عام 2012، كان بالكاد يكسب قوت يومه في العمل في البناء. وفي مواجهة المنافسة التركية، وجد سعد فرصة سانحة من خلال ارتباط بعض العمال الآخرين بتقاليد حلب العريقة في البناء بالحجارة. وقد أسس هؤلاء شركة SMM Stoneworks لسد الفجوة في تركيا، ومكنتهم معرفتهم في هذا القطاع التقليدي من تجاوز العاصفة الاجتماعية والاقتصادية الحالية التي تواجهها الشركات السورية الأخرى الآن في تركيا.

أنشأ السوريون ما بين 11-14 ألف شركة في تركيا منذ اندلاع الثورة السورية، ومع أخذ السوق السوداء في الاعتبار، يمكن أن يتضاعف الرقم بسهولة أو يصل إلى ثلاثة أمثال، وقد نجح السوريون في الصادرات، فربطوا عملاءهم ورأس المال الاجتماعي بتركيا وساعدوا في توسيع سلسلة التوريد المحلية، كما تقدم الشركات المملوكة لسوريين خدماتها محلياً إلى الشتات السوري وللقطاعات التي تتطلب خبرة محددة، أو تلك التي تتطلب عملاً مكثفاً، بما في ذلك البناء بالحجارة وتصنيع الأحذية والمنسوجات والنجارة وغيرها.

لكن الشركات السورية في جميع المجالات تواجه مجموعة من التحديات في تركيا اليوم – من جائحة كورونا التي امتد تأثيرها إلى الاقتصاد والآن السياسة.

يعكس الحجر الحلبي مجازياً وحرفياً تاريخ هذه المدينة التجارية العظيمة. تقع قلعة حلب القديمة على قمة نتوء من الحجر الجيري الطبيعي، ويحتوي مسجد النقطة على حجر يعتقد أنه ملطخ بدماء الحسين، حفيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. ويشير لقبها، حلب الشهباء، إلى مظهر المدينة المشرق.

في عام 2016 ، تجاوزت شركة SMM هدفها المتمثل في كسب مليون ليرة تركية حيث وظفت 126 بنّاءً لترميم واستبدال الأحجار في المساجد والمنازل القديمة في جميع أنحاء جنوب تركيا، وكذلك لبناء مطاعم وفيلات جديدة.

لم يُغفل المسؤولون الحكوميون هذه التطورات الإيجابية، فقد قال أوندير يالجين، رئيس قسم الهجرة في بلدية غازي عنتاب: “لقد سد المهاجرون السوريون النقص في العمالة في نحت الحجر وغير ذلك، وقد تغير مظهر المدينة للأفضل”. كما يصف يالجين كيف تفيد التجديدات قطاع السياحة المتنامي في غازي عنتاب أيضاً.

ظنت شركة SMM أن عام 2020 سيكون أفضل عام لها، لكن حينئذ حلت جائحة كوفيد، كما زادت الضغوط على رجال الأعمال السوريين منذ ذلك الحين بسبب الأزمة الاقتصادية الحالية في تركيا. وجدت دراسة استقصائية أجرتها Building Markets الشهر الماضي أن غالبية الشركات السورية في تركيا ترى أن الأزمة الاقتصادية الأخيرة كان لها تأثير سلبي أكبر من تأثير الوباء، فقد تضررت الشركات السورية في السوق المحلية بشدة، لكن المصدرين أصبحوا أكثر قدرة على المنافسة، فقد دفعت البيئة الحالية كثيراً من الشركات السورية -بما في ذلك SMM- إلى تحويل تركيزها إلى الصادرات للحصول على العملة الصعبة.

وأما التحدي الأخير لرجال الأعمال السوريين في تركيا فقد كان سياسياً، إذ يستغل السياسيون الأتراك المشاعر المتزايدة المعادية للاجئين من خلال إلقاء اللوم في الأزمة الاقتصادية على عاتق السوريين. كما تضاعف عدد المواطنين الأتراك الذين يقولون إن السوريين يجب إعادتهم إلى أربعة أضعاف في غضون ثلاث سنوات، وزاد عددهم في ظل التراجع المالي الحالي. في الشهر الماضي، صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه يعتزم إعادة توطين مليون سوري في “مناطق آمنة” في سورية، كما يوجد دعوات لشن هجوم عسكري تركي جديد على شمال سورية، وهي نفس المناطق التي يُفترض أن يُوطن هؤلاء السوريين فيها.

وسواء كان هذا الترحيل الجماعي سيحدث أم لا، فإن التهديد وحده يؤثر على الشركات السورية.

قال رجال أعمال سوريون يعملون في المنسوجات لـ “المونيتور” شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إن الحصول على إذن عمل أو تخفيف القيود المفروضة على تنقل المواطنين السوريين أصبح أكثر صعوبة في الأشهر الأخيرة، كما يخشى كثيرون من أن الحصول على التمويل، الذي يمثل تحدياً رئيساً للشركات السورية، سيصبح أكثر صعوبة.

لكن تمام البارودي (مورد أغذية ونائب الرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي السوري) ومقره غازي عنتاب، ليس منزعجاً، ويرى أن “هذا الحديث هو فقط للانتخابات. لن يجبرنا أحد على المغادرة. في غازي عنتاب، هناك 500 ألف سوري يستأجرون أكثر من 100 ألف منزل و 5000 مكتب. ماذا سيحدث للاقتصاد المحلي إن غادرنا؟”

وبالمثل، قال سليم كورو، المحلل في مركز الأبحاث TEPAV ومقره أنقرة، لموقع المونيتور: “أفهم أنهم قلقون، ويجب أن يكونوا كذلك، لأن حياتهم يمكن أن تصبح أكثر صعوبة، لكنني أظن أنهم باقون في تركيا على المدى الطويل، ولذا سينمو اقتصادهم أكثر فأكثر ليس إلا”.

وتابع البارودي قائلاً: “أعرف عشر شركات سورية في غازي عنتاب تصدر أكثر من 10 ملايين دولار من المنتجات التركية كل عام. لقد جلب السوريون لتركيا عملاء جدد، من الجزائر إلى المملكة العربية السعودية”، واستشهد بعلاقات رجال الأعمال السوريين الموجودة مسبقاً بالإضافة إلى معرفتهم باللغة وثقافة الأعمال في العالم العربي. واختتم البارودي كلامه بنبرة تشي بالنشوة: “نحن نصدر كل شيء. كل شىء! لك أن تتخيل.”

هذا الشهر، في مركز التسوق “غالاتا بورت” الجديد الجذاب في إسطنبول، قامت شركة SMM ببناء الأعمدة الحجرية لمعرض عام في “غوبيكلي تيبي”، أحد أهم المواقع الأثرية في تركيا. “هل تصدق ذلك؟” قال الناصيف لـ “المونيتور”.

وأضاف: “منذ بضع سنوات فقط كنا ننام في مكان العمل، والآن لدينا كل هذا” مشيراً إلى المصنع وموظفيه الذي ينحتون الحجر في الخارج بدقة.

المصدر: موقع المونيتور

أخبار ذات صلة

آخر الأخبار