فادي شباط / سنا
كشفت تسريبات صحفية حصول توافق بين “حركة فتح الفلسطينية” مع “نظام الأسد، على صيغة جديدة لإدراة مخيم اليرموك، الذي يعد المخيم الأكبر من بين 14 مخيماً فلسطينياً في سورية.
“صحيفة المدن” نقلت عن مصادر “فلسطينية سورية”، أن “حركة فتح” قدمت لـ “نظام الأسد” مقترحاً يفضي إلى إشراف الحركة على المخيم وإدارته، مقابل مساعدة النظام في تسريع ودعم جهود التطبيع التي يسعى إليها، وكذلك المساهمة في جمع أموال تخص إعادة إعمار المخيم، حتى وإن كان بشكل جزئي أو رمزي.
وجاء عرض “فتح” بالتزامن مع توجه “نظام الأسد” إلى ضم مخيم اليرموك للمخطط التنفيذي الجديد، ما يعني إزالته من الوجود، وتحويله إلى حي تابع للعاصمة دمشق، وتغيير هوية الصمود والمقاومة الموسومة به منذ زمن.
التسريبات جاءت بعد زيارة وفد من “فتح” الفلسطينية إلى دمشق في السادس من الشهر الجاري برئاسة أمين سر الحركة “جبريل الرجوب”، وتتواتر معلومات حول زيارة قريبة لرئيس السلطة الفلسطينية “محمود عباس” إلى سورية.
حالة من الغضب والاستياء عمّت أوساط الفلسطينيين المعارضين لنظام الأسد، عقب الإعلان عن الزيارة وتنفيذها.
المحامي “أيمن فهمي أبو هاشم”، منسق عام “تجمع مصير – السوري الفلسطيني” قال لـ “وكالة سنا”، إنّ توافق حركة فتح مع نظام الأسد حول مخيم اليرموك، لا بدّ أن يصب بصالح الأخير، لما له من أبعاد سياسية خطيرة.
نظام الأسد يريد من خلال توكيل مخيم اليرموك لـ “فتح”، الإيحاء أن الشرعية الفلسطينية تقف إلى جانبه، علماً أنه هو من يرفض عودة أبناء اليرموك إليه عبر وضع عراقيل عديدة وشروط تعجيزية، وما زال حتى اليوم يُمارس سياسة إخفاء أبنائهم في معتقلاته، وبالتالي فهي عملية تدليس مكشوفة، لأهداف عديدة، أبرزها، إخفاء آثار جرائم نظام الأسد بحق اللاجئين الفلسطينيين في سورية، وفقاً لمحدثنا.
ويُضيف أبو هاشم “أن توافق حركة فتح مع نظام الأسد مُثير للاستهجان والغضب، لما يتضمنه من إساءة لعدالة القضيتنين الفلسطينية والسورية، وإهدار لتضحيات الشعبين على طريق الحرية”.
وشهد مخيم اليرموك في العام 2013 حصاراً شاملاً وقصفاً واسعاً من قبل ميليشيات نظام الأسد، والميليشيات الطائفية المدعومة إيرانياً، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، القيادة العامة، وأدى الحصار إلى مقتل أكثر من 200 إنسان معظمهم أطفال ونساء جراء فقدان الغذاء والدواء.
الأستاذ “ثائر أبو شرخ”، عضو رابطة المهجرين الفلسطينيين في شمال سورية، يُدين زيارة حركة فتح إلى دمشق لأن نظام الأسد مسؤولٌ رئيسيٌّ عن معاناة وأعباء اللاجئين الفلسطينيين وتشتيت وصالهم وتمييع قضيتهم، بدءاً بما مارسه بحقهم في لبنان بالقرن الماضي، وصولاً إلى ما مارسه بحقهم في سورية، وبما تسبب به من تهجير ونزوح واعتقال وحصار الفلسطينيين السوريين، وتدمير مخيماتهم في سورية، لا سيّما مخيم اليرموك الذي يُعد عاصمة الشتات الفلسطيني، بحسب ما قال لـ “سنا”.
ويضيف “أبو شرخ”، من المعيب الوثوق بنظام الأسد، كونه أثبت خلال السنوات الطويلة الماضية بأنه لا يبحث إلا عن مصالحه عبر المرور فوق القضايا العادلة للشعوب الطامحة بالحرية والخلاص من الاحتلالات.
تتجاوز نسبة الدمار في مخيم اليرموك الواقع في منطقة جنوب دمشق أكثر من 70% جراء المعارك التي دارت فيه وعمليات القصف التي قام بها نظام الأسد وحلفاؤه قبل أن يفرض سيطرته عليه في منتصف 2018، حيث استخدم صواريخ الطائرات والبراميل والحاويات والخراطيم المتفجرة والمدفعية الثقيلة والنابالم الحارق والفوسفور.
مسعى نظام الأسد في إعادة إحياء قضية مخيم اليرموك إعلامياً، يهدف أولاً إلى استجرار المال عبر مشاريع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية وبرامج إعادة الاعمار، واستثمارها في الخزينة العامة المتهاوية، بالإضافة إلى محاولته المكشوفة في تلميع صورته أمام الرأي العام بالشارع العربي، وفقاً لما قاله لـ “وكالة سنا” الأستاذ “فداء الصالح” مدير مكتب الإعلام في “اتحاد نشطاء جنوب دمشق”.
ويُشير “الصالح”، أن الفلسطينيين السوريين الأحرار هم أكثر من شركاء في الثورة السورية، لما طالهم من بطش وغدر صادر عن نظام الأسد وحلفائه، على غرار ما تعرّض له السوريون الأحرار، ولا يُمكن أن يُصدّقوا دعايات نظام الأسد ووكلائه.
منذ اندلاع الثورة السورية في آذار 2011، لم يتوانَ نظام الأسد في ممارسة الاخفاء القسري والاعتقال بحق اللاجئين الفلسطينيين في سورية، حيث وثّقت منظمات حقوقية اعتقال 2000 إنسان بينهم أكثر من 100 امرأة، وقُتل تعذيباً في معتقلات فروعه الأمنية وثكناته العسكرية نحو 600 لاجئ فلسطيني، بحسب “مجموعة العمل لأجل فلسطينيي سورية”.