8.4 C
Damascus
الثلاثاء, مارس 19, 2024

دمشق.. رأس السنة بين ملايين الليرات ودموع المقهورات

وكالة سنا | فادي شباط

على طاولة صغيرة داخل مقهى شعبي في منطقة جرمانا اختلفت قبل أيام السيدتان “فيفان” و”كارولين” على مكان الاحتفال برأس السنة الميلادية، إنْ كان برفقة الأصدقاء في إحدى المنشآت السياحية أو سهرة متواضعة مع أفراد الأسرة داخل المنزل.

تقول “فيفان”: إن تكاليف سهرة المنزل بحدودها الدنيا قد تتجاوز 3 ملايين ليرة سورية، ما يدفعها للحجز في إحدى المنشآت السياحية التي لن تتجاوز تكلفتها 700 ألف ليرة، فيما ترى “كارولين” إنها قادرة على إيجاز مستلزمات سهرة المنزل إلى أقل من نصف مليون ليرة سورية.

بالتزامن مع اقتراب رأس السنة الميلادية شهدت الأسواق في دمشق وريفها ارتفاعاً حاداً بأسعار مستلزمات الاحتفال، حيث بلغ سعر الشجرة البلاستيكية الصينية إلى ما بين مليون و3 مليون ليرة، كما يبلغ سعر شريط الإنارة بين 150 و300 ألف ليرة، والكرة الملونة الواحدة حجم وسط 15 ألف، وسعر مجموعة رجال الثلج والأجراس والنجوم بين 600 و750 ألف ليرة سورية.

كما شهدت أسعار المكسرات أيضاً ارتفاعاً ملحوظاً، حيث يبلغ سعر كيلو الكاجو 170 ألف ليرة، وكيلو الفستق الحلبي 110 آلاف، وكيلو اللوز أو البندق 65 ألف، والبزر الأبيض 45 ألف، والفستق المالح أو المدخن 40 ألف، والبزر المصري أو الأسود 35 ألف، وبزر دوار الشمس 25 ألف ليرة سورية.

وإلى أسواق الحلويات، لم يختلف ارتفاع الأسعار فيها عن ارتفاع أسعار بقية المنتجات الأساسية والكمالية، حيث يبلغ سعر كيلو المشكل بالسمن العربي بين 130 و200 ألف ليرة، وبالسمن الحيواني بين 100 و125 ألف، والشعبي بين 45 و80 ألف، والمبرومة 150 ألف، والبلورية 115 ألف، وقالب الكاتو العادي 120 ألف ليرة سورية، ناهيك عن تضاعف الأسعار في الأسواق الراقية والمولات بحوالي 5 أضعاف عن الأسعار في الأسواق الشعبية.

ويبلغ سعر تذكرة السهرة في المنشآت السياحية بين 450 و750 ألف ليرة سورية بحسب درجة الحجز وتصنيف المنشأة والفنان الذي يحيي الحفل، وجودة ونوعية وكمية الطعام والمقبلات والمشروبات.

الأسعار المرتفعة وضعت السكان العالقين في المناطق الواقعة تحت سيطرة نظام الأسد بحالة عجز شبه تام، بالتزامن مع انخفاض القدرة الشرائية بسبب انتشار البطالة وانعدام الموارد وضعف رواتب الموظفين في القطاعين العام والخاص التي لا تتجاوز 120 ألف ليرة، وتزايد التضخم أكثر بعد أن وصل سعر الدولار الأمريكي في السوق السوداء إلى 6600 ليرة سورية.

رسمياً، أعلنت مؤخراً وزارتا التجارة الداخلية وحماية المستهلك والسياحة بنظام الأسد عن استعدادهما لمراقبة الأسواق ومعاقبة المخالفين، إلا أن واقع وفوضى الأسعار يؤكد مدى هشاشة دوائر النظام باختلاف اختصاصاتها، ولا سيّما بأوقات المناسبات والأعياد، إذ تعيش منذ سنوات كافة المكونات السورية واقعاً اقتصادياً وأمنياً متردياً، وسط تجاهل النظام لكل أشكال معاناتهم، وتفريغ جهده لتحقيق المصالح الروسية والإيرانية، والتي كان منها تهجير آلاف المسيحيين جراء استهدافه أماكن عباداتهم ومناطق تجمعاتهم وزجّهم في المعارك.

بالعودة إلى “فيفان” و”كارولين” فقد تمكنت الأولى من إقناع الثانية بالاحتفال في منشأة سياحية، حيث هناك لا برد ولا انقطاع للكهرباء وتكون هناك الأجواء حماسية أكثر، لكن بعد لحظات صمت ثقيلة الوقع تذكرت “فيفان” ابنها المفقود منذ 9 سنوات بسبب سطوة أجهزة الأمن بنظام الأسد، وتذكرت “كارولين” ابنها اللاجئ في ألمانيا بسبب التجنيد الاحتياطي الإلزامي.

أجّلت السيدتان التفكير بطقوس الاحتفال مؤقتاً وطلبتا الحساب، لتقعا بالصدمة بسبب الفاتورة التي تبلغ 21 ألف ليرة سورية ثمناً لفنجانين قهوة وزجاجة مياه معدنية، لكن السيد “جوليان” صاحب المقهى الذي كان يستمع لحديثهما المطول حسم من الفاتورة 50% عن روح ولده الذي قُتل بإحدى المعارك التي فرضها نظام الأسد عليه قبل أن يتخرج من دورة الأغرار في الخدمة العسكرية الإلزامية.

وتمنى “جوليان” أن تحمل الأعياد معها فسحة من السعادة لجميع السوريين المنهكين، لا أن تكون ضيفاً ثقيلاً تفاقم من معاناتهم وأعبائهم كما يحدث منذ 10 سنوات، إذ فقدت الأعياد بهجتها بسبب الحزن والشوق والفقر وغياب الأمل، ليحل مكانها أولويات تأمين الطعام والدواء ووسائل التدفئة وتكاليف المدارس والمواصلات.

يُذكر أن قوات نظام الأسد استهدفت خلال السنوات الماضية 40 كنيسة في مناطق سورية عديدة، 11 منها في حمص، و11 في ريف دمشق، و5 في حلب، و5 في دير الزور، و4 في إدلب، و3 في اللاذقية، وواحدة في درعا، كما حوّلت بعضها إلى ثكنات عسكرية تنطلق منها عمليات القصف المباشر بحسب بيانات “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”.

أخبار ذات صلة

آخر الأخبار