في مرحلة جديدة من حملة “لا لتهميش الأتارب” التي انطلقت في آب 2023، وجّه النشطاء في المدينة بياناً إلى الشارع في مناطق ادلب وريف حلب الغربي، بهدف إيصال صوت أهالي المدينة، نتيجة التهميش الحاصل لهم من قبل مجلس “الشورى العام” و”حكومة الإنقاذ”.
وبحسب أحمد عبيد أحد القائمين على الحملة، فإن الحراك الأخير جاء ضمن حالة الاستقطاب التي تعيشها المنطقة خلال هذه الفترة المنادية بالإصلاح وتصحيح المسار، وقال لوكالة سنا، إننا أبناء هذه المنطقة، ويهمنا الشأن العام، وحريصون على حياة عامة كريمة أفضل للأهالي قائمة على العدالة الاجتماعية والشفافية والمساواة والفصل بين السلطات.
وأضاف أن النشطاء قدموا عدة مقترحات، وأفكار كحلول للاتقاء بواقع المناطق المحررة، والانتقال إلى حالة مدنية وإدارية واجتماعية واقتصادية أفضل، لتسهم بتظافر الجهود وتوحدها، مشيراً إلى أنها أفكار من رؤية قدمها النشطاء القائمون على حملة “لا لتهميش الأتارب”، وهي “غير ملزمة” .
وتمثلت المقترحات بحسب عبيد بـ “عقد مؤتمر عام يكون على أساس تشاركي من شخصيات اختصاصية (تكنوقراط) ووجهاء مدنيين واجتماعيين يدفعون إلى الحل من خلال تشكيل لجنة تشريعية تقر وتعدل القوانين التنظيمية للمحرر ضمن المنظومة الإدارية والاقتصادية، وتشكيل لجنة تسهم في التوافق على تشكيل حكومة اختصاصية تكنوقراط فنية، وتشكيل لجنة تضع القوانين لتحقيق التمثيل العادل للمناطق في الجانين التشريعي والإداري”.
إضافة لـ”صدور قرارات لتحييد وإلغاء دور الأجهزة الأمنية عن الحياة المدنية والعامة للأهالي وجعلها مقتصرة بالأمن الخارجي ضد أعداء المحرر، وتشكيل لجنة تحصي الموارد وتقرر ميزانية عامة تراعي القطاعات العامة التي تحتاجها المنطقة بعدالة، وتأخذ بعين الاعتبار المساهمة الكبيرة في الإنفاق وتطوير الجانب الدفاعي والتقني لحماية المحرر من أي خطر”.
ووفق كنور فإن القائمين على الحملة طالبوا بالإفراج عن جميع معتقلي الرأي وتعويضيهم عن الأذى الذي لحق بهم خلال فترة التوقيف، وتفعيل دور النقابات والاتحادات في المحرر وتكريس دورها المدني بعيداً عن السلطة، وإقرار المساواة والعدالة والمساءلة في المحرر كأساس دائم ومعتمد في القوانين والمؤسسات، والإصلاح القضائي وتفعيل القوانين وتقوية دور الشرطة.
والمطالبة بـ”ترسيخ قيم الاقتصاد المفتوح وفق منظومة قانونية تضمن الشفافية والعدالة وتصون القطاع العام وتشجع القطاع الخاص وتقدم تسهيلات للفئات الاقتصادية الناشئة وتمنع الاحتكارية وتحاربها، وإقرار منظومة قانونية وقضائية إدارية تكون مرجعية استشارية وقضائية لحل الخلافات في الإدارات العامة وبين الأفراد والكيانات مع الإدارات العامة، وترسيخ الإدارة اللامركزية في عمليات الحوكمة وإدارة المناطق”.
“الإنقاذ” تتجاهل المطالب
وفي كانون الثاني الماضي، وفي إطار حملتهم المجتمعية التي انطلقت قبل عدة أشهر بعنوان: “لا لتهميش الأتارب”، أعلن عدد من نشطاء مدينة الأتارب في بيان لهم، أن حكومة الإنقاذ لم تنفذ مطالبهم التي خرجوا من أجلها، داعين للاستمرار بالحراك المجتمعي لتحقيق كافة المطالب.
وجاء في البيان الذي حصلت سنا على نسخة منه، “خلال الفترة الماضية والتزاماً من حملة لا لتهميش الأتارب بإعطاء السلطات المحلية المتمثلة بحكومة الإنقاذ وأجهزتها بعض الوقت لتنفيذ المطالب التي تقدمت بها الحملة، لتحسين الواقع الخدمي والمعيشي في مدينة الأتارب”.
وقال البيان، إنه من خلال متابعة إدارة الحملة للمجريات الإدارية في مدينة الأتارب، تبيّن أن “المشاركة المجتمعية لا تزال معطلة في المدينة، مع عدم تحقيق الوعود في إعادة المؤسسات والآليات المسحوبة إليها، وغياب الأنظمة والقوانين التي تبيّن الهيكلية الإدارية والعلاقة بين المواطنين والجهات الموجودة فيها”.
وأضاف البيان، أن هناك “عدم وضوح في المهام والأدوار لكل من المجلس المحلي والبلدية والمنطقة”، إضافة لـ “ازدياد المحسوبية والتسيب في إدارة الشأن العام من قبل القائمين على إدارة المدينة مع الاستمرار بازدواجية المعايير في برامج الاستجابة الإنسانية، التي تنفذ في مدينة الأتارب، والتي أدت إلى زيادة تهميش وإقصاء وحرمان الفئات الضعيفة والفقيرة فيها من الوصول إلى مستحقاتهم”.
ووفق البيان، فإنه مع تشكيل الحكومة الجديدة في “الإنقاذ، ويستعد النشطاء في حملة لا لتهميش الأتارب لإعادة الحشد وتنظيم الجهود المحلية لإعادة تقديم المطالب المحقة المقدمة للحكومة السابقة، والتي تهدف لـ”إعادة ثقل مدينة الأتارب، اجتماعياً وإدارياً واقتصادياً”.
بداية الحملة
وأطلق عدد من النشطاء والفعاليات المدنية في مدينة الأتارب بريف حلب الغربي، حملة مجتمعية أهلية بعنوان “لا لتهميش الأتارب” في آب 2023، بهدف إيصال صوت أهالي المدينة، نتيجة التهميش الحاصل لهم من قبل مجلس “الشورى العام” و”حكومة الإنقاذ”.22:03
جاءت الحملة بعد قيام حكومة الإنقاذ بنقل عدد من المؤسسات الخدمية من المدينة، وتردي الأوضاع الخدمية والحالة الاقتصادية والاجتماعية فيها، والتي عمل أبناؤها على تشكيلها وإيجادها لتسهيل حياتهم، وتقديم الخدمات للمدينة.
إعادة المؤسسات الخدمية
وفي حديث سابق مع منسقي الحملة، فإنها تهدف إلى إعادة المؤسسات الخدمية المسحوبة من المدينة إليها، وتشكيل لجان مجتمعية منتخبة أو متوافق عليها من خلال تفعيل المشاركة المجتمعية، التي تعمل على تمثيلهم وإيصال أصواتهم والمشاركة في حل مشاكلهم، وصياغة وإعادة تشكيل مجلس محلي منتخب أو بمشاركة مجتمعية دون تفرد أو تعيين .
إضافة إلى دعم صمود أهالي الأتارب من أصحاب الفضل، لما يحقق نهضة وتعافي المدينة اقتصادياً واجتماعياً، وتعزيز مبادئ العدالة الاجتماعية والتضامن والشفافية في تقديم الخدمات فيها .
وقال أحمد عبيد أحد منسقي الحملة في حديث سابق مع وكالة سنا، إن سحب المؤسسات من الأتارب بشكل تدريجي هو أبرز أسباب ودواعي إطلاق الحملة، فقد كان يوجد في المدينة مقر جامعة حلب ومديرية الصحة الحرة بحلب والمجمع التربوي، ومعهد إعداد المدرسين، والسجل العقاري، وشعبة الأوقاف، إضافة إلى إفراغ دور المجلس المحلي في الأتارب، واعتماد سلطة مركزية تمحي دور المحليات.
وأضاف كنور أن أهالي منطقة الأتارب يعانون من عدم تفعيل السجل المدني في المدينة وحصر إخراج الهويات الشخصية بمراكز قرب مدينة الدانا شمال إدلب، ويكون على المواطن الذهاب مرتين، في ظل فقر حال الناس.
ويوجد في مدينة الأتارب ما يقارب ٧٠ ألف نسمة، وتعرضت مدينة لدمار كبير في بنيتها التحتية، نتيجة الزلزال الأخير الذي ضرب تركيا وشمال سورية، وبحسب الدفاع المدني السوري، فإن مدينة الأتارب خسرت 155 شخصاً فضلاً عن إصابة 255 آخرين، وهي ذات بنية تحتية هشة، بقعل عمليات القصف والتدمير في السنوات السابقة، وآخرها كانت مجزرة ارتكبتها قوات نظام الأسد في 2017، سقط فيها 61 شهيداً.