خاص – وكالة سنا
انخرطت ميليشيا “حزب الله” في القتال في سورية إلى جانب نظام الأسد قبل 13 عاماً، بدوافع عدة أهمها كانت منع سقوط رأس النظام، “بشار الأسد”، إلى جانب الميليشيات الإيرانية الأخرى وبدعم من الطيران الروسي، الذي دخل المعركة في 2015.
وتعرض الحزب، خلال الأسابيع الماضية، لعدة “نكبات”، آخرها مقتل أمينه العام، “حسن نصر الله”، وخليفته، “هاشم صفي الدين”، إلى جانب قادة آخرين من الصف الأول والثاني، وجاء ذلك بفعل الضربات الجوية التي تم تنفيذها بناء على “سيل معلومات” حصلت عليها إسرائيل بهدوء، خلال سنوات قتال قادة وعناصر ميليشيا “حزب الله” المدعومة من إيران في سورية.
سبب الاختراق الكبير
يقول الباحث في مركز كاندل للدراسات عباس شريفة لوكالة سنا، إنَّ “حزب الله” وخلال تدخله في سورية من 13 عاماً حتى اليوم، اضطر لنقل قواته وتحريك قياداته واتخاذ مقرات داخل سورية، والاحتكاك أيضاً بقوات الأسد، الذي هو أيضاً مخترق، إضافة لزيادة الاتصالات الميدانية بضباط “الحرس الثوري” الإيراني، الذين كانوا مخترقين كذلك، إضافة إلى المعارك التي خاضها الحزب وأساليب القتال، أدت إلى حالة انكشاف كامل في الحزب، الأمر الذي زوّد إسرائيل بمعلومات شاملة خلال هذه الحرب عن مفاصل الحزب الأمنية والعسكرية أو اللوجستية، واستطاعت إسرائيل خلال هذه الحرب أن تصل إلى أغلب قياداته، لذلك فإن التقييم الأولي، أن تدخل الحزب في سورية، هو الذي تسبّب بالانكشاف الإستراتيجي للحزب أمام إسرائيل في الحرب الدائرة الآن.
وميليشيا “حزب الله” هي أحد أهم الأطراف التي ساعدت في حماية نظام الأسد من السقوط، ولعبت الدور في حرف دفة الصراع لصالح الأسد ضد معارضيه، لكنّه في المقابل ساهم وبشكل غير مباشر في تغيير السردية التي كان يسوّق لها، من منطلق أنه “حركة مقاومة” تقاتل إسرائيل، وتحول في لحظة انتحار إلى “مجرم ومعتدٍ”.
القيادي في المعارضة السورية العقيد عبد الجبار العكيدي يرى أن “حزب الله” جنى فوائد مادية في سورية من التعفيش من السرقات من الحواجز ومن نهب البيوت والمناطق اللي احتلها مع الميليشيات الإيرانية، وجنى إشباع رغبات وغريزة الطائفية الحاقدة بقتل الشعب السوري وقتل المدنيين الأطفال والنساء.
وقال العكيدي في حديثه لوكالة سنا، إنَّ الحقد الطائفي الموجود في صدور قيادات وعناصر الحزب، كما أنه أصبح في الفترة الماضية ذا سطوة وقوة، ويقود معظم الميليشيات الإيرانية في سورية.
وعن الاختراق الإسرائيلي الكبير في صفوف الحزب، اعتبر العكيدي أن اختلاط الحزب بضباط النظام الفاسدين، وانكشافه أمام الجميع في سورية، أدى لمعرفة قياداته وتحركاته واتصالاته، فعماد مغنية عجزت عنه إسرائيل وأمريكا لمدة 25 سنة، لم يستطيعوا الوصول إليه إلا من خلال نظام الأسد الذي أعطى معلومات عنه وقتل في دمشق.
هل ما يزال الحزب قوياً؟
يعتقد عباس شريفة أن الحزب حتى الآن لا يحتاج إلى كميات كبيرة من القوات لمواجهة إسرائيل في لبنان، فالمعركة لا تعتمد على القوة العددية بمقدار ما تعتمد على القوة النوعية والعمليات الخاصة، فمن الممكن أن يسحب الحزب بعض القوات أو القطعات النوعية من أجل احتمال وقوع حرب برية، التي تجري الآن على نطاق ضيق، كما أن الحزب مضطر أن يبقي على عدد من قواته، من أجل إدارة عمليات الإخلاء واللجوء بالنسبة لحاضنته التي نزح القسم الأكبر منها إلى سورية.
فيما أكّد العكيدي أن قوة ميليشيا “حزب الله” ستتأثر في سورية نتيجة الحرب الدائرة أو الهجوم الإسرائيلي على الحزب في لبنان، ومن الملاحظ بحسب العكيدي أن إسرائيل تتابع قيادات وكوادر الحزب حتى في سورية، من خلال قصف حي المزة بدمشق، كذلك في مطار حميميم رغم الحماية الروسية، وفي المنطقة الشرقية لحمص وحماة وثكنات الأسد في الفرقة الرابعة وفي مقر الفرقة 18 والفرقة 11 في حمص، والمنطقة الصناعية في حسياء، فالحزب تحت المتابعة والمراقبة في كل مكان في سورية.
واستعبد العكيدي سحب الحزب لقواته من سورية إلى لبنان، إلا بعض قوات النخبة، لأنه لا توجد معارك تقليدية في لبنان، فالمنطقة تتعرض لقصف إسرائيلي دقيق يستهدف قيادات وكوادر الحزب، إضافة لمستودعات الذخيرة ومنصات إطلاق الصواريخ.
ويعيش الحزب حالة من التشتت بسبب فقدان الاتصال بين القيادة والعناصر، بعد أن قتل معظم قادات الحزب، كما تعرض نظام القيادة للتفكك والتحطم من خلال ضرب شبكات الاتصال، سواء بعملية البيجر أو الاتصالات اللاسلكية، وفق ما قال العقيد عبد الجبار العكيدي.
جبهة سورية
الباحث عباس شريفة، يرى أن احتمالية انتقال الجبهة إلى سورية واحتمالية توغل إسرائيلي بري، تخضع لثلاثة سيناريوهات، في حال لم تحقق إسرائيل أهدافها من المعارك الدائرة في لبنان وهو استسلام الحزب والميليشيات الإيرانية والخضوع لشروطها.
الأول، أن تقوم إسرائيل بالالتفاف على جبهة لبنان من خلال الجبهة السورية، على جبل الشيخ وأخذ المراصد من أجل الوصول إلى جنوب لبنان من سورية.
والاحتمال الثاني أن تقوم إسرائيل إذا حصل تحرك من الميليشيات الإيرانية على الجبهة السورية أو إذا ضربت صواريخ من خلال سورية أن تقيم منطقة عازلة بحدود 30 كيلومتراً من الجولان.
السيناريو الآخر وفق شريفة، أنه إذا ما دخلت إيران المعركة، سيقوم الإسرائيليون بالتقدم وأخذ منطقة الجنوب كلها والتقدم لوصلها بالقواعد الأمريكية في منطقة التنف، وقطع طريق التواصل وإقامة عازل عسكري بين سورية والعراق، بالتعاون مع قوات التحالف وميليشيا قسد والقوات الموجودة في قاعدة التنف، لعزل سورية عن العراق وقطع طرق الإمداد بين إيران وميليشيا “حزب الله”.
العكيدي أيضاً رجّح أن تشتعل الجبهات في سورية أكثر، مع إمكانية اشتراك أغلب الفاعلين الدوليين والإقليميين الموجودين في سورية في هذه الحرب، ومن الواضح أن إسرائيل تتوغل جنوب سورية على غرار التوغل في جنوب لبنان، إن كان في منطقة الجولان أو في غرب درعا في وادي اليرموك ولو بشكل مجدود، على مرأى قوات الأسد التي لم تحرك ساكناً، ولا بأي تصيح رسمي.
وفقاً لتقرير نشرته صحيفة “فايننشال تايمز”، الأسبوع الماضي، فقد ألحقت الحرب في سورية بـ”حزب الله” ضرراً كبيراً، ووضعته في مواجهة مع المسلمين السنة، ما تسبب في تآكل دعمه بين السنّة وآخرين في الشرق الأوسط، وبات كل هؤلاء “يرونه قوة طائفية تدعم دكتاتوراً مكروهاً”، في إشارة لـ”بشار الأسد”.
كما أنه وباختياره دعم الأسد اختار “المغامرة الكبيرة” واستنفد قدراً كبيراً من الاستحسان الذي كان يتلقاه بسبب مواجهته لإسرائيل عام 2006 في لبنان، وحينها حظيت الجماعة “بإشادة واسعة النطاق واعتبرها كثيرون منتصرة حينها”، وفق التقرير.
وساهمت ميليشيا “حزب الله” من بداية تدخلها إلى جانب نظام الأسد في سورية، بمجازر مروعة تسببت بقتل كثير من المدنيين، إضافة لحصار القرى والبلدات الثائرة في وجه النظام، ناهيك عن تدميرها وتهجير أهلها.