جوش روغين
ترجمة: حسان حساني
بعد مرور نصف عام على وصول جو بايدن إلى منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، لم يتوصل الرئيس الأمريكي إلى إستراتيجية جديدة واضحة بما يتعلق في سورية، بعد مرور ما يزيد عن عشر سنوات على اندلاع الثورة فيها.
لم يتجاهل الرئيس الأمريكي سورية كلياً، إذ إنه عمل على منع روسيا من إغلاق معبر باب الهوى آخر المنافذ التي تدخل عن طريقه المساعدات إلى شمال سورية، وأنقذ بذلك حياة ملايين السوريين الذي يعانون من أوضاع معيشية صعبة للغاية.
إضافة إلى ذلك أعلن وزير الخارجية الأمريكية “أنطوني بلينكين” فرض عقوباتٍ جديدة على ثمانية من سجون نظام الأسد المعروفة بالتعذيب الوحشي والتي يتعرض فيها عشرات الآلاف من المدنيين للتعذيب منذ نحو عقد من الزمن ولا يزالون.
أما فيما يخص السوريين الذين شجعتهم وعود بايدن وبلينكين بقيادة جهودٍ دوليةٍ جديدةٍ لحماية المدنيين والدفع بحل سياسي حقيقي للصراع، تبدو هذه التحركات الأخيرة مرتجلة وغير كافية على الإطلاق، إذ لا توجد أي بوادر للتغيير في سورية.
ومنذ حل قضية المساعدات الإنسانية في مجلس الأمن الدولي، صعّدت قوات الأسد وروسيا من العدوان ضد المدنيين في إدلب، حسب قول رائد الصالح، رئيس الدفاع المدني السوري المعروف أيضاً باسم الخوذ البيضاء خلال مقابلة.
وقال الصالح: “الإدارة الأمريكية قدمت ذلك على أنه انتصار، لكن ما من أحدٍ يركز على التصعيد الذي يقوم به نظام الأسد وروسيا الآن، كما أننا لا نعرف ما هي الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في سورية، ولا نعتقد أن سوريا على قائمة أولوياتها.”
كما قال الصالح إن الغارات الجوية الروسية وقوات الأسد قتلت ما لا يقل عن 21 طفلاً في جنوب إدلب خلال الأسبوعين الماضيين، كما قُتل متطوعان من الخوذ البيضاء في “ضربات مزدوجة” استهدفت المسعفين. في غضون ذلك، فرَضَ الأسد حصاراً خانقاً لتجويع مدينة درعا، مهد الثورة السورية. وكان أهالي درعا قد وافقوا على اتفاق هدنة مقابل ضمانات من روسيا بـأنها ستحميهم، لكن موسكو نكثت بوعودها.
وقال مسؤول أمريكي رفيع المستوى:”سياستنا تجاه نظام الأسد لم تتغير، ولدينا المخاوف ذاتها بشأن افتقار الأسد إلى الشرعية، ورأينا أنه يتعين علينا التركيز على تخفيف المعاناة الإنسانية أولاً، ثم العمل مع الشركاء والأمم المتحدة لمحاولة التوصل إلى حل سياسي، ومازلنا نراجع سياستنا حول كيفية التوفيق بين كل هذه الأجزاء.”
وقال معاذ مصطفى، المدير التنفيذي لمجموعة عمل الطوارئ السورية، وهي منظمة أمريكية غير حكومية تدعم المعارضة السورية: “لم يعين بلينكين ممثلاً خاصاً لسوريا بعد، أي دبلوماسياً رفيعاً لإدارة الحقيبة وتفعيل الدبلوماسية، وذلك يرسل إشارة واضحة مفادها أن سورية لا تمثل أولوية للإدارة الأمريكية.
وأضاف: “إدلب هي العقبة الأخيرة أمام سوريا وإيران وروسيا لتحقيق النصر العسكري الذي يريدون، وإذا أعلنت هذه الدول النصر، فسيجعل ذلك من سوريا “كوريا الشمالية” في الشرق الأوسط.
يواجه فريق بايدن السؤال ذاته الذي واجهه أسلافه: ما هي الخيارات – باستثناء التدخل العسكري – التي قد تغير حسابات موسكو والأسد؟ إن فرض مزيدٍ من العقوبات ضد السوريين المتورطين في جرائم الحرب وكذلك ضد الشركات التي تساعدهم سيكون مفيداً ولكنه لن يكون كافياً؛ ويجب على بايدن أن يوضح أن الأسد لا يمكنه العودة إلى المجتمع الدولي بالقتل وارتكاب الفظائع.
أما ستيفن راب (مسؤول أمريكي) فقال: “من الضروري ألا يكون هناك تطبيع للعلاقات مع الأسد، ويجب أن نُثني الدول الأخرى عن فعل ذلك أيضاً، ويجب ألا نسمح للأسد بقطف ثمار النصر، ويجب أن يكون هذا موقفنا الثابت.”
ولا تزال إدارة بايدن تدرس تكاليف ومخاطر القيام بتحرك في سورية كجزءٍ من مراجعتها لسياستها في هذا البلد، وهي مراجعة يبدو أن لا نهاية لها، غير أن التقاعس هو أيضاً قرارٌ له تكاليفه ومخاطره، فعقد الآمال على ألا يزداد الوضع سوءاً لا يمثل إستراتيجية.