خاص – وكالة سنا
فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطين بالنظام السوري وميليشيا حزب الله اللبناني، الموالي لإيران، بسبب ضلوعهم بعمليات تجارة مخدر الكبتاجون، وتمويل “حزب الله”.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية، الأربعاء 16 من تشرين الأول، إنها أدرجت ثلاثة أفراد وأربع شركات مرتبطة بهم على شبكة تعمل على التهرب من العقوبات مقرها لبنان، وتولد ملايين الدولارات من الإيرادات لميليشيا “حزب الله”.
ويتولى فريق التمويل التابع لميليشيا حزب الله مسؤولية إنشاء وتشغيل مشاريع تجارية في جميع أنحاء لبنان، بعضها ممول وميسر من إيران، وفق الوزارة.
وأدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في الوزارة ثلاثة أفراد متورطين في الإنتاج والاتجار غير المشروعين في الكبتاجون الذي استفاد منه وحلفاؤه، بمن فيهم حزب الله، وفق الوزارة.
وأشارت إلى أن التجارة غير المشروعة بالكبتاجون، صارت مؤسسة غير مشروعة تبلغ قيمتها مليار دولار، ويديرها كبار أعضاء النظام .
واستندت الوزارة الأمريكية في العقوبات الجديد، على الأمر التنفيذي رقم 13572 الصادر في 29 نيسان 2011، والمتعلق بحظر ممتلكات بعض الأشخاص فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان في سورية، والأمر التنفيذي رقم 13582 الصادر في 17 من آب 2011، المتعلق بـ”حظر ممتلكات الحكومة السورية وحظر بعض المعاملات فيما يتعلق بسورية”.
وإلى جانب الأوامر التنفيذية السابقة، قالت الوزارة الأمريكية، إن العقوبات تستند لـ”قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين” الذي صدر عام 2019، واتخذت هذه الإجراءات أيضاً لدعم أهداف “قانون قمع الاتجار غير المشروع بالكبتاجون”.
إضعاف الأسد
وفق المحلل السياسي حسن النيفي، فإن العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية تأتي على شخصيات وشركات وكيانات تابعة لنظام الأسد ضمن إستراتيجية واشنطن الرامية إلى محاصرة نظام الأسد بهدف إضعافه وليس بهدف إسقاطه، لذلك فإن تأثيرها يبقى محدوداً جداً ولا يمكن اعتباره عقوبة رادعة ، لأن الذين تطالهم العقوبات يبقى لديهم خيارات أخرى مفتوحة أو بديلة بمعزل عن سلطة واشنطن.
يعتقد النيفي، أن واشنطن ما تزال تحافظ على رؤيتها التقليدية للصراع في سورية، تلك الرؤية القائمة على اعتبار القضية السورية جزء من الملف الإيراني وليست قضية قائمة بحد ذاتها، فيمكن الذهاب إلى أن مبدأ فرض العقوبات سيبقى هو النهج المفضل لدى واشنطن، وذلك انطلاقاً من قناعة الإدارة الأمريكية بعدم التدخل المباشر (ميدانياً وعسكرياً) في خارج الولايات المتحدة الأمريكية، وإنما تعمد إما للحرب بالوكالة أو استخدام نفوذها في فرض عقوبات اقتصادية كما هو الحال حيال إيران وحزب الله ونظام الأسد.
تأثير العقوبات
يمكن للعقوبات على حزب الله أن تؤثر عليه من جهة تضييق الخيارات، ولكن بالتالي فإن الحزب لن يعدم البدائل، وكما هو معلوم فإن لجوء الحزب إلى استثمار تجارة المخدرات وتصنيعها وتصديرها هو أحد البدائل، فضلاً عن ذلك فإن الحزب ما يزال يحتفظ بشبكة واسعة للقرصنة والالتفاف على العقوبات في جميع أنحاء العالم وخاصة في أمريكا اللاتينية التي تعدّ المناخ الأرحب لتجارة المخدرات وتصنيع القراصنة، وفق ما قال النيفي لوكالة سنا .
من بين المدرجين على لوائح العقوبات الأمريكية، ورد اسم خلدون حمية، وعرّفته الوزارة على أنه تاجر مخدرات مقيم في لبنان وله علاقات بميليشيا حزب الله والفرقة الرابعة.
وقالت الوزارة الأمريكية إن خلدون حمية يعد مسيطراً على معامل الكبتاجون في مدينة السيدة زينب بمحافظة ريف دمشق السورية، في منطقة تخضع لسيطرة الحرس الثوري الإيراني وحزب الله.
وعمل حمية مع مسؤولي المعابر الحدودية على الحدود اللبنانية- السورية لنقل الكبتاجون من لبنان إلى الأردن.
وساعد حمية في مناسبة واحدة على الأقل، في تأمين مرور آمن لمركبة تحمل مئات الكيلوجرامات من الكبتاجون اللبناني الصنع إلى سورية، وفق الوزارة.
وإلى جانب أعضاء من الفرقة الرابعة، عمل خلدون حمية على تأمين مرور آمن لعائدات بيع الكبتاجون إلى مكتب غسان بلال، وهو مستشار رئيسي لقائد الفرقة الرابعة ماهر الأسد.
وسبق أن أُدرج غسان بلال وماهر الأسد على لوائح العقوبات الأمريكية، في 17 من تموز 2020، بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان في سورية.
وقالت الخزانة الأمريكية أيضاً إنها أدرجت المواطن السوري راجي فلحوط على لوائح العقوبات لديها، باعتباره زعيم عصابة تعمل مع مديرية المخابرات العسكرية السورية وحزب الله، لتوليد الإيرادات من عمليات الخطف والاتجار بالكبتاجون.
وراجي فلحوط هو زعيم سابق لفصيل عسكري كان يتمركز بمحافظة السويداء جنوبي سورية، ويعرف باسم “قوات الفجر”، وسبق أن تعرض لهجوم من فصائل محلية في المحافظة نفسها، أدى إلى طرده من المنطقة، وحل فصيله، عام 2022.
وتعد مجموعة فلحوط، واحدة من عشرات المجموعات المحلية في السويداء، التابعة للأمن العسكري، وتواجه اتهامات بضلوعها بعمليات قتل وخطف وتجارة مخدرات لمصلحة النظام في الجنوب.
وعاقبت واشنطن أيضاً عبد اللطيف حميدة، وهو رجل أعمال بارز في سورية ومالك مصنع لفافات ورق في حلب، قالت الوزارة إنه بمنزلة شركة واجهة لتهريب الكبتاجون.
وأشارت الخزانة الأمريكية إلى أنه انطلاقًا من المصنع الذي يملكه حميدة، شحنت حبوب كبتاجون بقيمة تزيد عن 1.5 مليار دولار إلى أوروبا، وأخفى حينها المخدرات في لفافات ورقية صناعية.
مرتبطون بـميليشيا حزب الله
طالت العقوبات الأمريكية أيضًا أفردًا وشركات مرتبطة بـ”حزب الله” اللبناني، وقالت الوزارة الأمريكية، إنها تشكل جزءاً من شبكة مؤسسات تجارية مملوكة لـ”حزب الله” أو خاضعة لسيطرته.
ويرتبط الأفراد المعاقبون بفريق تمويل يتبع لحزب الله، وسبق أن سجلوا شركات بأسمائهم من أجل إخفاء اهتمام “الحزب” بالأنشطة، إذ توفر هذه الشركات لـ”الحزب” فرص عمل مربحة محتملة في حين توفر لهم أيضًا إمكانية الوصول إلى النظام المالي الرسمي.
وشملت العقوبات سيلفانا عطوي، التي تعمل سكرتيرة لمسؤول فريق التمويل، وارتبطت بشركات أخرى، بما في ذلك شركة “ألوميكس ش.م.ل”، التي صنفت من قبل واشنطن عام 2019 كشركة معاقبة، إضافة إلى شركة “كونسيبتو سكرين ش.م.ل. أوفشور”، المتورطة في تسهيل صفقات نفطية لصالح فيلق القدس التابع للحرس الثوري وحزب الله.
وإضافة إلى ماسبق، قالت الوزارة إن عطوي هي المالك القانوني لشركة “جي إم فارم”، مقرها لبنان، التي كانت طرفاً في مشاريع مالية يديرها حزب الله بمشاركة إيرانية، تهدف إلى تحقيق أرباح لـ”الحزب”.
وعاقبت واشنطن أيضاً حيدر حسام الدين عبد الغفار باعتباره مسؤولًا عن فريق التمويل في “حزب الله”، والمالك القانوني لشركة “لوبال تريدلاين سارل”، وهي شركة لبنانية تعمل في استيراد المنتجات الغذائية إلى لبنان وإعادة تسميتها وبيعها لتحقيق الربح لـ”حزب الله”.
منذ عام 2011، فرضت واشنطن مجموعة من العقوبات ضد مسؤولين سوريين بارزين ومقربين من النظام، إلى جانب كيانات اقتصادية، وذلك في إطار الضغط لوقف انتهاكات حقوق الإنسان والوصول إلى إصلاحات سياسية.
العقوبات تشمل تجميد الأصول التي يمتلكها المسؤولون المعاقبون في الولايات المتحدة، ومنع التعامل معهم من قبل المؤسسات المالية الأمريكية