رغم الزيادة الأخيرة التي طرأت على رواتب موظفي قطاع العام في مناطق سيطرة نظام الأسد في تموز هذا العام، إلا أن المبلغ الإجمالي المُستحق شهرياً لا يُخولهم لشراء قليل من مستلزمات المعيشة الأساسية لأيام محدودة.
وكما كل مرة، سبق زيادة الرواتب رفع أسعار المازوت والغاز والبنزين وأجور المواصلات والعديد من السلع والمواد الغذائية الرئيسية.
“بشرى الأحمد” تقطن في مدينة جرمانا بريف دمشق، تعمل معلمة مرحلة ابتدائية في مدرسة رسمية، قالت لـ “وكالة سنا”: إن راتبها الشهري لا يتجاور 70 ألف ليرة سورية، ما يعادل 20 دولار أمريكي، بينما تحتاج يومياً مصاريف أساسية مُقننة لما يُقارب 15 ألف ليرة، أي أن كامل راتبها لا يكفي لـ 5 أيام فقط.
ما يُعزي الأحمد أنها غير ملتزمة بإيجار بيت، كون المنزل الذي تقطنه تعود ملكيته لوالدها اللاجئ في ألمانيا منذ سنوات، وتتساءل: من يدفع إيجار منزل وليس لديه أحد خارج سورية، كيف يستطيع تأمين أساسيات معيشته؟
بمراجعة لتكاليف أساسيات المعيشة فإن الأسرة المكونة من 3 أشخاص وبمعدل وجبة واحدة يومياً، تحتاج شهرياً لـ 196500 ليرة سورية، موزعة على:
30 ربطة خبز 6000 ليرة سورية، أسطوانة غاز 40000 ليرة، صحن بيض 7500 ليرة، 5 كيلو بطاطا 6000 ليرة، 5 كيلو بندورة 6000، مواصلات 9000، ليتر زيت 10000 ليرة، 3 كيلو أرز 3000 ليرة، 3 كيلو برغل 3000 ليرة، 5 كيلو سكر 15000 ليرة، 2 عبوة متة 14000، أوقية شاي 10000، فواتير كهرباء ومياه وإنترنت وجوال 50000، مواد تنظيف “صابون – شامبو – سائل جلي” 10000، كيلو سمنة 7000 ليرة سورية.
مع النظر بعين الاعتبار أن هذه الأرقام وفقاً لنشرات الأسعار الرسمية التي تصدر دورياً عن دوائر نظام الأسد، والتي يزيد سعرها في الأسواق بين 15 و 30%، ولم يتم احتساب كثير من المستلزمات، كالقهوة والفواكه والألبان والأجبان والحلويات والموالح والمؤونة واللحوم والمعلبات وتكاليف المدارس والشتاء والألبسة والأدوية والبهارات وأثاث المنزل وإيجار منزل وغيرها.
“علي برهان” يقطن في حي التجارة بدمشق، قال لـ “وكالة سنا”، رغم زيادة الرواتب بنسبة 50%، إلا أنه لا يساوي ثمن مناديل لمسح الخيبات الطارئة عقب الوعود الرسمية الكاذبة التي ما زالت تعتمد السيتامول الشفهي لتسكين آلام الناس.
ويستهجن محدثنا اعتماد الدوائر الرسمية خطاب الصمود والممانعة بمواجهة أعباء الناس دون توفير أسبابه ومقوماته، في الوقت الذي يستمر فيه أكثر المسؤولين بإرسال أبنائهم وعائلاتهم إلى خارج سورية، حيث يتوفر هناك التأمين الصحي والمسكن وحرية التنقل والسفر وفرص العمل والتعليم بأفضل الجامعات والمدارس.
ويُضيف: في ظل عجز نظام الأسد عن توفير البدائل للناس، يبقى انعدام الموارد سيد المشهد، وانتشار البطالة يزداد يوماً بعد الآخر، فيما تقتصر الطموحات على توفير عمل بأجرة تسد الاحتياجات بحدودها الدنيا، إذ خرج من دائرة أحلام الناس امتلاك منزل صغير أو سيارة.
بالعودة إلى الأستاذة بشرى الأحمد، فقد قالت أن والدها المتهم بـ “الإرهاب” لدى نظام الأسد كونه معارضاً له -حسب وصفها- يُرسل لها شهرياً بين 200 و 300 يورو كمساعدة منه ليقيها العوز والحاجة، وتُشير إلى أن كثير من اللاجئين المتهمين بـ “الإرهاب” يقومون بإرسال مساعدات لذويهم في داخل سورية، وتستنكر اتهامات نظام الأسد التي تطال اللاجئين كونهم باتوا الركيزة الأساسية في مساعدة العائلات السورية العالقة داخل سورية وسط الظروف المآساوية، مُشيرةً بأن أولوياتها حالياً الهروب من بلد الطوابير وجغرافيا الألم، عبر التوجه إلى دولة بيلاروسيا لغاية الوصول إلى أوروبا بما يحوي الطريق من مخاطر معلومة ومجهولة.
يُذكر أن مركز قاسيون للدراسات كان قد أكّد منذ شهور ارتفاع تكاليف احتياجات السكان لتتجاوز حاجز المليون ليرة سورية شهرياً، فيما تستمر قيمة الليرة السورية بالهبوط لتسجل حالياً 3500 ليرة مقابل دولار أمريكي واحد.