9.4 C
Damascus
الجمعة, نوفمبر 22, 2024

في بريطانيا: مهندسة سورية تحصل على جائزة “إنجازات متميزة رغم الظروف” و تطمح لنقل خبراتها إلى سورية لإعادة إعمارها

بعد رحلة مريرة من النزوح، وبعد 4 سنوات من وصولها إلى المملكة المتحدة، حازت المهندسة السورية ” هبة الراضي” مؤخراً على جائزة “إنجازات متميزة رغم الظروف”، وذلك لتحقيقها عدة إنجازات في مجال الهندسة.

هذه الجائزة تُمنح للعاملين الشباب في المجال الهندسي، حيث تم تقديم الجائزة من قبل منظمة “Women in construction”، المهتمة بالنساء العاملات في المجال الهندسي بالمملكة المتحدة.

فقد قررت منظمة Women in construction إنشاء قسم Building the Future الذي يهتم بالعاملين في المجال الهندسي للشباب تحت ال٣٥ سنة، وهو ليس حكراً على النساء، والفئة التي تم ترشيح هبة الراضي لها هي “إنجازات متميزة رغم الظروف”.

“هبة الراضي” مهندسة معمارية سورية تنحدر من محافظة درعا جنوبي سورية، تعمل في مجال هندسة العمارة في بريطانيا منذ 4 سنوات.

رحلة النزوح

تصف هبة رحلتها من سورية إلى بريطانيا ب “الشاقة”، بعد معاناة طويلة بدأت منذ 2014، بسلسلة اعتقالات تعرضت لها من قبل قوات الأسد، نتيجة تقارير كيدية، التي جعلت حياتها أشبه ب”الجحيم”، تعرضت فيها لأنماط من التعذيب أدت لعدد من الكسور، وتم تبصيمها على أوراق اعترافات بالقوة، حسب ما قالت لوكالة سنا.

وأوضحت هبة: ” أُطلق سراحي، وجرت محاكمة لم أعلم بها وتم اتهامي بتهم عديدة لم يتم إخباري بها، أدت لحرماني من العمل وسحب شهادتي، رغم عدم عملي بمجال الهندسة المعمارية”.

اضطرت هبة للعمل بغير اختصاصها ب”الأسود” وفق ما قالت، ولكن تم اكتشافها من قبل صاحب العمل أنها كانت معتقلة سابقة، وتم طردها من العمل بسبب خوفهم من نظام الأسد.

وتضيف الراضي في هذا الصدد “بقيت أحاول إثبات نفسي في سورية، لأنني أحبها، ولا أرغب بالسفر، لكن لا فائدة، فقررت الهرب منها بأي شكل”.

وصلت هبة بعد “رحلة غير مخطط لها” ومعاناة مع طرق التهريب إلى محافظة إدلب في الشمال السوري، ليتم توقيفها لمدة 4 أيام بسبب عدم وجود “محرم معها”، وتم إطلاق سراحها بعد أخذ موافقة أخيها، حسب قولها.

لم ينتهِ الأمر إلى هذا الحد وفقاً للراضي، وقالت لوكالة سنا، إن المعاناة زادت مع رحلة العبور إلى تركيا، فقد تعرضنا لإطلاق النار، وبعد مشي 23 ساعة بين الجبال والوديان، وصلنا تركيا بعد أن تورمت قدماي بسبب فقد حذائي نتيجة الهرب والخوف”.

وتابعت: “كان الوضع في تركيا أفضل، لكن لم أؤمن على حياتي مع المهربين، فكنت أنام والسكين تحت مخدتي”، موضحة أنه ” حاول شاب وزوجته خطفي في تركيا من بيت المهرب، لتخبرها زوجة المهرب لاحقاً، أن الشاب وزوجته يعملون ضمن عصابة بيع أعضاء ويستغلون الضعفاء، لكن عائلة المهرب لا تستطيع الإبلاغ عنهم، لأن عملهم لا يقل جرماً بالقانون عن الاتجار بالبشر”.

بعد عدة صعوبات في تركيا وبين غابات اليونان، نجحت هبة بالوصول للطرف اليوناني، ومنه للعاصمة أثينا التي سجنت فيها لمدة أسبوعين، ومن ثم السفر للمملكة المتحدة.

العمل في بريطانيا

وصلت هبة الراضي إلى بريطانيا بعد رحلة وصفتها ب”الشاقة”، فقدمت طلب اللجوء فور وصولها، حيث جذبت قصتها اهتمام الصحافة قبل وصولها، وحصلت على الإقامة بعد 3 أشهر، وأجرت مقابلة عمل في اليوم التالي، وتم قبولها، لتبدأ رحلة مسيرتها المهنية في المملكة المتحدة.

قالت الراضي لوكالة سنا، لم يكن العمل سهلاً في بريطانيا، لا في البداية ولا الآن، لكن الفرق هو ازدياد الخبرة، وعند بداية عملي كان الثقل أكبر، كون أنظمة البناء تختلف تماماً بين البلدين، مشيرة إلى أنها بقيت مصممة على النجاح، وتعرضت لمواقف سيئة بين الحين والآخر.

اعتبرت الراضي أن إصرارها كان أكبر من التحديات التي واجهتها، ففي 2022 وحده كانت تدير 7 مشاريع في نفس الوقت، وحالياً يتم تجهيز 5 أبنية أخرى، وأول بناء صممته كان بناء قريباً من ملعب ويمبلي بمدينة لندن .

تحسين وضع السوريات

وأفادت هبة الراضي “لدي الآن عدة تصاميم حول المملكة لمنشآت صناعية، ولأكثر من 25 بناء تم تنفيذه، ولدي طموح كبير بتغيير النظرة عن المرأة المغتربة العاملة وحفر اسم جديد في لائحة النساء الناجحات، ولدي أمل بتحسين وضع النساء في سورية أولاً، حتى لا تتعرض امرأة لما تعرضت له أنا من ظلم وصدمات في حياتي”.

كما أعربت الراضي خلال حديثها عن استيائها من الوضع المزري في سورية، وقالت “إن أصدقائي يخبروني دائماً عن كمية الضغط الذين يعيشونه، ويعربون عن فقدانهم للشغف، كونهم لا يستطيعون تحقيق أقل ما يمكن من أساسيات الحياة، عدا عن أن الزواج الذي أصبح حلماً لمن لا يستطيع تحمل تكاليفه الخيالية”.

تطمح الراضي إلى نقل خبراتها لإعادة إعمار بلدها سورية، عندما تهدأ الأوضاع، فلا يوجد أجمل من منزل دافئ ،ولقمة هنيئة مع العائلة في “وطن ينعم بالأمان”، على حد وصفها.

لم تمنع الظروف القاسية التي مرت بها هبة من مواصلة العمل للوصول للطموح، فرغم المعاناة التي تعرضت لها وكثير من السوريين والتضييق الذي مر عليهم طيلة حكم عائلة الأسد، إلا أن إنجازاتهم في بلاد المهجر، هي دليل يثبت كل يوم أن السوريين قادرون على الإبداع والتميز رغم اختلاف البيئات وقساوة الظروف.

أخبار ذات صلة

آخر الأخبار