خاص / سنا
عمل السيد “ن – أ” جاهداً منذ حلول الصيف الحالي لتأمين مبلغ مالي يُخوله لاصطحاب أسرته برحلة سياحية صغيرة إلى الساحل السوري، إلّا أنّ إيجارات الشاليهات والمواصلات المرتفعة تحول دون ذلك، وتُؤكد زوجته لـ “وكالة سنا” أنّها ستقوم بصرف أي مبلغ يُؤمنه زوجها في شراء مستلزمات الحياة الرئيسية المحرومين من أكثرها، أو في شراء لوح طاقة شمسية وبطارية لإنارة المنزل التي تقطن فيه بالأجرة في ريف دمشق برفقة زوجها وأطفالها الثلاثة.
ومنذ سنوات ومعاناة السوريين تتفاقم يوماً بعد الآخر، بدءاً من فقدان سوق العمل، مروراً بالفقر والعوز وانعدام القدرة الشرائية، وصولاً إلى تقنين لا متناهي للكهرباء والمياه، ذلك دون توفير الحد الأدنى من البدائل الترفيهية، لا سيّما ومن النادر أن تجد عائلةً سوريةً ناجيةً من ظروف الحرب وغير مُثقلة بالجراح جراء فقدان أو إصابة أو هجرة أحد الأقارب من الدرجة الأولى.
قبل اندلاع الثورة السورية في آذار 2011 كان الساحل السوري أحد أبرز وجهات الرفاهية والسياحة الداخلية للمواطن السوري، وتحديداً في موسم وأوقات ارتفاع درجات الحرارة، لكن مع تعنت نظام الأسد وتمسّك رأسه بسدّة الحكم خدمةً للمصالح الروسية والإيرانية، ومع انخفاض قيمة الليرة السورية لأكثر من 60 ضعفاً، باتت الرفاهية في الساحل السوري حلماً مستحيل التحقيق.
إيجارات الشاليهات في محافظتي طرطوس واللاذقية لا تقل في حدودها الدنيا عن 150 ألف ليرة سورية لليوم الواحد، ما يُعادل 45 دولاراً أمريكياً، بحسب ما قال لـ “وكالة سنا” السيد “ن – أ” رفض الكشف عن اسمه وعائلته لدواعٍ أمنية، مُضيفاً بأن الملحقات من مواصلات ومشروبات ساخنة وباردة وموالح ووجبتين من الطعام لا تقل تكلفتها عن 150 ألف ليرة أخرى، ما يجعل الرفاهية ليوم واحد خارج قاموس الناس.
وزارة السياحة في نظام الأسد كانت قد نفت في الشهر الماضي أسعاراً تم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي، وللمفارقة كانت حينها أجرة غرفة في فندق ليوم واحد “حسبما نُشر” تتراوح بين 200 و 600 ألف ليرة سورية، إلّا أنّ مصادر أهلية أكدت لـ “وكالة سنا” تجاوز الأجرة اليومية للغرفة المنفردة بين 300 و 500 ألف ليرة سورية، وللغرفة المزدوجة بين 600 و 800 ألف ليرة سورية دون طعام أو شراب، ما يراها السوريون فائقةً للخيال وخارجةً عن الواقع المُعنون بـ سنوات الضائقة الاقتصادية الفاقدة لمؤشرات حلول قد تحدث.
هذه الأسعار المتداولة تأتي رغم إعلان نظام الأسد أنّ العام الحالي ٢٠٢١ هو عام السياحة والقمح، لكن لا زال السوريون حتى اليوم يُواجهون صعوبةً بالغةً في تأمين ربطة الخبز التي يبلغ سعرها رسمياً بـ 200 ليرة، وتُباع في السوق السوداء بأكثر من 2000 ليرة سورية.
وبالعودة إلى مُحدثنا، فبرغم تلقّيه مساعدة شهرية بشكل دوري من أحد أقاربه في دول اللجوء، قيمتها 200 دولار أمريكي، إلّا أنّه لم يتمكّن من إدخار أي مبلغ جرّاء ارتفاع تكاليف الحياة التي تجاوزت مليون ليرة سورية شهرياً، ويبقى حلمه بأن يعيش تجربة سياحة داخلية تُنسيه بعض الهموم والأعباء مُعلّقا حتى إشعار آخر.