يعيش قاطنو مخيم الأندلس في منطقة زردنا شمال شرقي إدلب، ظروفاً إنسانية صعبة، نتيجة شح المساعدات الإنسانية عن المخيم، وبسبب غياب فرص العمل ازدادت الأوضاع المعيشية صعوبة مع تردي الوضع الاقتصادي في المنطقة.
خالد خطاب مدير مخيم الأندلس قال لوكالة سنا: إن المخيم يعاني من نقص في المساعدات منذ أكثر من أربع سنوات، عندما تم تأسيسه أثناء نزوح أهالي ريف المعرة الجنوبي والشرقي، فكانت المساعدات في البداية تأتي متقطعة، إلا أنها ومنذ سنة باتت شحيحة جداً.
وأضاف خطاب أن المخيم يعيش أوضاعاً صعبة، بسبب قلة فرص العمل، فمدينة زردنا أيضاً لم تعد تشهد حركة تجارية، بسبب قربها من خطوط التماس مع قوات الأسد، فيما عدا عمل النساء والرجال في الفعالة في الأراضي الزراعية، بمبلغ لا يتجاوز الخمسين ليرة تركية -إذا وجد العمل- وهو لا يكفي لسد حاجة العائلة من الخبز.
وأشار إلى أن ملكية أرض المخيم تعود لأحد مالكي العقارات في بلدة زردنا، وهو يطالب بدفع إيجار الأرض أو يتم إخلاء المخيم، فيما يعجز سكان المخيم عن تأمين متطلبات الحياة على حد قوله.
ويبلغ عدد سكان المخيم نحو 330 عائلة مهجرة من منطقة معرة النعمان، تفتقد لأغلب المساعدات الإنسانية، من مواد تدفئة ومياه الشرب والسلال الغذائية وحليب الأطفال، التي تعين الناس على سد متطلبات الحياة، إضافة لانتشار المستنقعات المائية بين أرجاء المخيم.
إنقاذ ما أمكن
تتشابه الأوضاع الإنسانية في مخيم الأندلس مع قرابة مليوني نازح ومهجر ضمن المخيمات في شمال غرب سورية، حيث يعاني أكثر من 94% منهم من صعوبات كبيرة في تأمين الغذاء.
كما تضرر أكثر من 134 ألف نازح نتيجة الهطولات المطرية منذ بداية الشتاء الحالي التي أدت إلى أضرار في أكثر من 412 مخيماً أي ما يعادل 22% من إجمالي المخيمات المنتشرة في المنطقة، مما يصنف الأوضاع داخل المخيمات كمنطقة كوارث نتيجة العوامل الجوية الحالية.
وأعلن فريق “منسقو استجابة سورية” أول أمس الجمعة، إطلاق حملة “شتاء الخيام” لإغاثة النازحين في مخيمات الشمال السوري.
وقال الفريق، في بيان نشره عبر حسابه بفيس بوك، إن الحملة تهدف إلى “إنقاذ ما أمكن، صرخة باسم المكلومين لكل أصحاب الضمائر الحية لبذل المزيد لأجل المهجرين في الخيام”.
وأضاف أن” أكثر من 2,016,344 نازحاً ضمن 1,873 مخيماً بينهم 604, 903 امرأة و887,192 طفلاً، إضافة إلى 83,784 من ذوي الاحتياجات الخاصة”، جميعهم يعانون من ضعف الخدمات والعمليات الإنسانية.
وفي وقت سابق أطلق إعلاميون وناشطون في العمل الإنساني حملة “شتاء المخيمات”، وهي حملة إنسانية لتسليط الضوء على واقع مخيمات النازحين في مناطق شمال غربي سورية.
هدف الحملة
وتهدف الحملة بحسب منسقها الإعلامي أحمد رحال لتسليط الضوء على واقع الأهالي في المخيمات في منطقة شمال غربي سورية، والتي يقطنها نحو مليوني نازح من مختلف مناطق سورية، والقاطنين في مخيمات لبنان الذين يعيشون ظروفاً إنسانية صعبة، مشيراً إلى أنها عبارة عن” حملة حشد ومناصرة”، انطلقت من قبل إعلاميين وعاملين في المجال الإنساني.
وقال رحال إن ظروف الشتاء الحالي كانت قاسية على قاطني المخيمات، خاصة مع نقص في مواد التدفئة واستخدامهم لمواد تدفئة غير صحية مثل” النايلون والبلاستيك والإطارات وبقايا النفايات”، والتي سببت أمراضاً في الجهاز التنفسي خاصة للأطفال وكبار السن منهم، اضافة لحالات الغرق للخيام واهتراء العديد منها نتيجة تقلبات الجو، ونقص المساعدات الانسانية، وكلها ظروف ساهمت بتردي الوضع المعيشي لقاطني المخيمات.
وأضاف محدثنا: أردنا أن نذكر العالم بمعاناة أهلنا في المخيمات ونسلط الضوء على واقعهم، ومطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه هؤلاء النازحين في كافة قطاعات الاحتياج الانساني، مشيراً إلى ضرورة إيجاد حل للقضية السورية، والمتمثلة برحيل رأس النظام بشار الأسد ومحاسبته على الجرائم التي ارتكبها، اضافة لضمان عودة آمنة للنازحين إلى منازلهم، وهو الحل الأنسب للقضية السورية وينهي معاناة الناس.
وأشار رحال إلى أن معاناة الناس في المخيمات مستمرة على مدار 12 عاماً، وأقل مخيم عمره خمس سنوات، وإضافة لمعاناة أهل المخيمات، جاءت كارثة الزلزال في شباط من العام الماضي، حيث لجأ الكثير من الناس للمخيمات بعد أن تدمرت أو تصدعت منازلهم، وسكنوا في مخيمات تفتقر لأدنى مقومات الحياة الانسانية.
أبرز الاحتياجات
وسلّط فريق منسقو استجابة سورية الضوء على أبرز المصاعب التي تواجه النازحين في المخيمات ومنها:
• ظاهرة الصرف الصحي المكشوف ضمن مخيمات النازحين وتشكل نسبة 61 بالمئة من المخيمات.
• غياب المياه النظيفة والصالحة للشرب عن 48 بالمئة من مخيمات النازحين.
• أكثر من 23 بالمئة من إجمالي المخيمات تحوي بين سكانها مصابين بأمراض جلدية.
• أكثر من 69 بالمئة من المخيمات لا تحوي نقاطاً تعليمية أو مدارس، حيث يضطر الأطفال إلى قطع مسافات طويلة ضمن العوامل الجوية المختلفة للحصول على التعليم في المدارس.
• تواجه 86 بالمئة من المخيمات أزمة تأمين الغذاء نتيجة ضعف الاستجابة الإنسانية ضمن هذا القطاع، في حين تواجه نسبة 94 بالمئة من المخيمات أزمة الخبز وارتفاع أسعاره.
• أكثر من 79 بالمئة من طرقات المخيمات غير معبدة، في حين يعتبر تشكل طرقات المخيمات العشوائية التحدي الأكبر حالياً كونها ترابية ولا تصلح لحركة الآليات.
• تعاني أكثر من 87 بالمئة من المخيمات من انعدام العيادات المتنقلة والنقاط الطبية، الأمر الذي يزيد من مصاعب انتقال المرضى إلى المشافي المجاورة.
• تعتبر 66 بالمئة من أراضي المخيمات غير معزولة، في حين تبلغ النسبة 92 بالمئة لعزل جدران وأسقف الخيام.
بدوره قال أحمد عبد الرحمن وهو منسق أحد مشاريع التدفئة في شمال غربي سورية عن أبرز الاحتياجات في المخيمات، إنه من خلال عملنا في تقييم الاحتياجات في جولاتنا الأخيرة، تبين أن أهم احتياج هو مواد التدفئة، سواء كانت عينية أو كاش، ولاحظنا كثير من الناس لم تركب مدفأة لهذا العام بسبب عدم القدرة على تأمين ثمن مواد التدفئة، ثم تأتي الحاجة للسلال الغذائية بالمرتبة الثانية في الاحتياجات.
معاناة متزايدة
وفي بيان له قال الدفاع المدني السوري إن انخفاض درجات الحرارة خلال المنخفضات الجوية في فصل الشتاء زاد من معاناة المدنيين في مناطق ومخيمات شمال غربي سورية، ومن سوء الوضع الصحي العام بينهم، لا سيما بين الفئات الضعيفة مثل الأطفال وكبار السن والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة، الأكثر تأثراً بعوامل الطقس.
تأتي الحاجة الماسة للمساعدات الإنسانية بالتزامن مع تردي الأوضاع الاقتصادية في المنطقة، نتيجة الغلاء الكبير في الأسعار وقلة فرص العمل وانتشار البطالة، إضافة لنقص كبير في المساعدات الإنسانية نتيجة توقف عدد من المانحين الدوليين عن تقديم المساعدات للمنطقة.
ويواجه النازحون في الخيام ظروفاً معيشية قاسية ونقصاً في الموارد الأساسية مثل الغذاء والماء النظيف والدفء وخاصة في فصل الشتاء، وغالباً ما تكون الخيام غير مجهزة لمواجهة البرد القارس والأمطار الغزيرة والثلوج، ما يفاقم من معاناة ساكنيها الذين يتعرضون للبرد القارس.