وكالة سنا – خاص
انتهى مؤخراً الإعفاء من العقوبات الأمريكية على نظام الأسد والتي جُمّدت بعد الزلزال الذي حصل في تركيا وسورية، حيث أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية “ترخيصاً عاماً” لمدة 180 يوماً أو إعفاءً مؤقتاً من العقوبات، في 9 شباط/ فبراير بعنوان “السماح بالمعاملات المتعلقة بجهود الإغاثة من الزلزال في سورية”.
وحول أثر العقوبات الأمريكية ومدى فاعليتها وتأثيرها على النظام، أجرت “وكالة سنا” حواراً مع الدكتور والمستشار الاقتصادي “أسامة القاضي”.
وقال القاضي: “العقوبات الاقتصادية لا شك أضعفت النظام وضيقت عليه هامش الحركة الاقتصادية وخففت من موارده وجففت معظمها، ولكن العقوبات الاقتصادية شرط لازم ولكن غير كاف لإسقاط أنظمة دكتاتورية عسكرية همجية، لأنها عملياً لا تتأثر بحجم المعاناة التي يعانيها الشعب إلا بقدر ما يجفف مصادر التمويل الخاص بالآلة العسكرية”.
وأضاف: “العقوبات الاقتصادية كان لها تأثير مباشر وكبير على الدائرة المحيطة ببشار والتي طالتها العقوبات بشكل شخصي، أو من خلال إدراج شركاتهم بالعقوبات، ولقد سمح القانون (قيصر) بفرض عقوبات على شركات في بلد آخر إذا شاركت في معاملات معينة مع حكومة النظام والكيانات التي تملكها أو تسيطر عليها، بالإضافة إلى الشركات والشخصيات التي تخضع للعقوبات، ويشمل ذلك الشركات التي تدعم إنتاج النفط والغاز لحساب النظام، وخدمات البناء والهندسة”.
ورأى الخبير الاقتصادي السوري أن “قانون قيصر والعقوبات التي احتواها “شكّل رسالة قاسية لروسيا لأنّه أجهض مساعيها لإعادة الإعمار، ومنَعَ تدفق أي أموال محتملة على سبيل الاستثمار في سورية”.
وتابع “هذا النوع من العقوبات منفّر وطارد للشركات والاستثمار داخل سورية، وهذا ما حصل مع شركة هواوي والتي همت لدخول السوق السورية وأوقفتها العقوبات، ومن هنا تأتي قوة قانون قيصر”.
وذكر القاضي سلبيات قانون قيصر: “ما يؤخذ على القانون أنه لم يتعرض لقرار الأمم المتحدة/ 2254/ ولم يأتِ على ذكر الحل السياسي، حيث ذكر سبعة شروط جميعها لا تفرض أو توصل لحل للأزمة السورية”، مضيفاً أنه “كان لا بد من إعطاء الأولوية للانتقال السياسي ونقل السلطة من خلال فرض انتخابات حرة ونزيهة، باعتبار أن السلطة القائمة باتت هي المعطل والعقبة أمام الوصول لأي حل”.
واعتبر القاضي أنّ “القانون الذي له تأثير كبير هو “قانون الكبتاغون” حيث ركّز على تجفيف منابع التمويل من القطع الأجنبي، هذا التمويل الذي وصل لما يقارب من 3 لـ 5 مليار دولار، مما سبّب تجفيفاً حقيقياً لمنابع التمويل، وشل حركة النظام داخل وخارج سورية.
وأشار إلى أنّ “القانون رصد 400 مليون دولار لمساعدة الدول المجاورة لضبط حدودها ومنع مرور قوافل التهريب، والأردن كان لها حصة الأسد من ذاك التمويل، ولقد بدأ التنفيذ الفعلي للقانون من تاريخ قصف الطائرات الأردنية للداخل السوري والذي استهدف عصابات التهريب”.
هل استفاد نظام الأسد من رفع العقوبات خلال فترة الزلزال؟
قال القاضي إن “الولايات المتحدة تتبع أسلوب العصا والجزرة، وما كان السماح لاستقبال الإغاثة الإعانات التي قدمت من الأمم المتحدة أو الدول العربية إلا تلك الجزرة، التي مدّها الأمريكان لعله يلتقط الإشارة، وهي أنه ممكن أن يكون هناك نوع من التفاهم للوصل لحل الشأن السوري، وعدم الانخراط بخدمة المشروع الفارسي وخاصة فيما يخص التوغل الإيراني الحاصل والذي يزعج إسرائيل، لكن الستة أشهر انقضت ولم يستفد منها عملياً”.
وأضاف: “الولايات المتحدة أرسلت رسائل للنظام السوري بعد يوم من الزلزال، ولتكون تقدمة بين يدي إيران فيما يتعلق بالاتفاق النووي، ولذلك رأينا تأخر الأمم المتحدة لأكثر من خمسة أيام على العالقين تحت الأنقاض، حتى سمح النظام بدخولهم لمناطق الشمال المحرر وما يفهم من ذلك إلا أمراً واحداً وهو إعطاء ذلك النظام شرعية، وكما هو معلوم لا يوجد قانون يمنع من دخول قوافل الإنقاذ في زمن الكوارث”
النظام فشل في استغلال فرصة التطبيع:
أشار القاضي إلى أن “محاولة تعويم الأسد حين دعته الدول العربية لاجتماع القمة، والذي سمي بالتطبيع العربي، ما كان ذلك ليحصل دون علم وموافقة من الولايات المتحدة الأمريكية”.
وأكمل: “ما لبثت تلك المحاولات أن باءت بالفشل، حيث تراجعت الدول عن التطبيع وعلى رأسها السعودية، لأنه لم يف النظام بالوعود أو بالأحرى الشروط التي فرضتها عليه الدول العربية، وتبددت آمال الموالين للنظام بعد أن عوّلوا على تدفق أموال المساعدات من دول الخليج، وعلى العكس تدهورت العملة حتى وصلت إلى أرقام قياسية، حيث بات راتب الموظف لا يتعدى الـ 6 دولار أمريكي”.
نظام الأسد يستفيد من الأمم المتحدة:
ذكر القاضي أنه “بات من المعلوم أنّ الإغاثات الأممية على مدى عشر سنوات استحوذ النظام على ما يقارب 80 % إلى 90 % فهو بالأصل لم يحرم من الدعم الأممي، فمكتب الأمم المتحدة في دمشق والذي كتبت عنه وسائل الاعلام كثيراً عن كيفية تعاطيه مع النظام، منها أنّ معظم من وظفهم ذلك المكتب من المقربين من رأس النظام وحاشيته من أبناء المسؤولين والشبيحة، وعن حجوزاتهم الدائمة في فندق “FOR SIZEN” والتي بلغت أرقاماً ضخمة سنوياً، وعن التعامل مع” الأمانة العامة للتنمية “والتي تتبع “لأسماء الأسد”، هذا التعامل كان واضحاً وأي مؤتمر لجمع التبرعات لسورية لا يصل منه إلا الفتات، وقد لا يتجاوز 10% إلى 20% لمن يستحق، عملياً الستة أشهر لم تقدم ولم تؤخر”.
ويعيش في مناطق نظام الأسد نحو 10 ملايين شخص، يعاني أغلبهم من أزمات معيشية خانقة دفعت كثيرين إلى بيع ممتلكاتهم للخروج من البلاد، ولا سيما باستمرار الانهيار الاقتصادي وتدهور سعر صرف الليرة السورية، حيث وصل سعر الدولار الواحد إلى نحو 13 ألف ليرة سورية.