أطلق المهندس الزراعي عيد العيسى أبو زهير منذ ثلاث سنوات مبادرة زراعية لمساعدة الفلاحين الأكثر ضعفًا في مخيمات إدلب وريف حلب.
المبادرة جاءت نظرًا لحاجة الفلاح وضعف قدرته المادية وعدم قدرته على توفير البذور والشتول بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية في شمال غرب سورية.
عيد العيسى أبو زهير مهندس زراعي(ستيني) نازح منذ ست سنوات من قرية رأس العين شرق إدلب إلى قرية عرب سعيد غرب إدلب، يعمل في الزراعة وشغل منصب نقيب المهندسين فرع إدلب لفترة من الزمن.
وفي حديث خاص لوكالة سنا، قال المهندس عيد العيسى: إن المبادرة مستمرة منذ ثلاث سنوات، وقمت منذ عدة أيام بعملية توزيع نحو 200 ألف شتلة من الشتول الشتوية كالخس والفجل والهندباء والسلق والسبانخ، يتم توزيعها للناس الأكثر ضعفًا في المخيمات، بمعدل 300 شتلة للعائلة الواحدة.
وأضاف العيسى: أقوم بانتقاء أفضل أصناف البذور الصيفية والشتوية، وبإمكانيات بسيطة، خلال إنتاج 200 ألف شتلة كمرحلة أولية، يساعدني عدد من الفلاحين المتطوعين، وبعد الرغبة الشديدة من الفلاحين بأخذ البذور وزراعتها كونها دون مقابل زاد رقم الشتلات إلى 500 ألف شتلة.
وبعد إثبات جودة البذور وصدق المبادرة وزيادة توجه الفلاحين عليها، ومنذ إطلاق المبادرة أنتج المهندس عيد نحو مليوني شتلة، وتشمل الشتول “خيار، بندورة، فليفلة، فاصولياء، خس، بازلاء، فجل، سلق، سبانخ”.
يوزع العيسى الذي يقطن في خيمة، المواد الموزعة إما على شكل بذور أو شتول مجانًا للفلاحين الأكثر ضعفًا، يختارهم بالتعاون مع معارفه في أرياف إدلب وخصوصًا في المخيمات.
لم يعلم العيسى أن مبادرته الفردية التي أطلقها بعد رحلة نزوحه من قرية رأس العين في منطقة أبو ظهور شرقي إدلب في 2017، ستلاقي إقبالًا كبيرًا لدى الناس بغية الحصول على الشتول التي يوزعها.
أهمية المبادرة
تنبع أهمية المبادرة بنظر العيسى من كونها خلقت فرص عمل جيدة للفلاحين، تجعلهم قادرين على الاستمرار بالزراعة، وتأمين بدائل بذرية موجودة في بيئة الشمال الزراعية، عن طريق انتقاء أفضل الأصناف وأعلاها إنتاجية وأكثرها ملائمة للظروف البيئية، بحيث يقدر الفلاح على أن يزرع بدون استخدام مبيدات حشرية.
ونبه العيسى الذي شغل منصب نقيب المهندسين في إدلب لعدة سنوات إلى أن كل الشتول الموزعة مجانية وبدون أي مقابل، والعمل تطوعي، من تأمين البذور وتأمين البلاستيك.
وزع العيسى في السنة الأولى وزع 200 ألف شتلة، مع جلسات إرشادية للفلاحين، بتوصيتهم أن يستبذروا من البذور التي قدمها لهم، فهي أصناف مستقرة وراثيًا، وفي السنة الثانية وصل الرقم لنصف مليون شتلة، وفي السنة الثالثة تجاوز المليون شتلة.
الأرقام تزيد سنويًا وفق ما قال العيسى، فقد وزع فقط في السنة الماضية مليون و750 ألف شتلة، من شتول الخضار( بندورة، باذنجان، فليفلة، بازلاء، وفاصولياء)، بالإضافة الى أنه أدخل بذور الخضار الشتوية (الخس والسلق والفجل والسبانخ والفجل)، وتوزيع البذور إضافة للشتول.
مساعدة الفلاح
هدف المهندس عيد هو مساعدة الفلاح بالدرجة الأولى على حد قوله، فقد أدى ارتفاع أسعار البذور والأسمدة والمبيدات الحشرية وتكاليف السقاية الكبيرة، إلى انتشار البطالة والفقر بين الفلاحين، فقد ترك عدد كبير منهم أرضه بورًا بدون زراعة خشية الخسارة، ناهيك عن المساحات الواسعة التي خسروها، نتيجة التهجير.
من جهته قال المزارع عمار الاحمد وهو أحد المزارعين في قرية مورين، استجلبت من المهندس عيد مئات الشتول مجانًا دون مقابل، وهي شتول ذات جودة صنفية جيدة، من شتول البندورة والباذنجان والفيلفة بأنواعها، ساعدني الأمر كثيرًا في التخفيف من تكاليف الزراعة وشجعني للعمل أكثر بمساحات أكبر، مع نصائح جيدة.
تعرض قطاع الزراعة لخسارة كبيرة طيلة سنوات الحرب في سورية، كما انحسرت المساحات الصالحة للزراعة لصالح قوات الأسد، بعد حملته العسكرية الأخيرة على المنطقة في أواخر عام 2019، التي تتقلص أساساً نتيجة المد العمراني، ناهيك عن ارتفاع كلف الزراعة من ارتفاع أسعار البذور والأسمدة والمبيدات الحشرية.
يعيش قرابة 4 ونصف مليون نسمة في مناطق شمال غرب سورية، وفيها قرابة 1400 مخيم عشوائي، يفتقدون لمختلف المساعدات الإنسانية التي تراجعت بنسبة كبيرة في السنوات الأخيرة، نتيجة انخفاض التمويل من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ويشكل القطاع الزراعي نسبة 17،6 % من الناتج المحلي الإجمالي في سورية حسب تقديرات عام 2010، ويقدر مراقبون زراعيون أن فقط نسبة 30% من المساحات الصالحة للزراعة في المناطق القريبة من خطوط التماس بمنطقة إدلب وريف حلب تمت زراعتها بالفعل، وذلك نتيجة الخوف من القصف أو الألغام أو النزوح بأية لحظة.